للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَمْ يَلْزَمْ) الْكِرَاءُ (لَهُمَا) فَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَكَارِيَيْنِ حَلُّهُ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ، وَلَا كَلَامَ لِلْآخَرِ (إلَّا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ بِقَدْرِ مَا نَقَدَ لَهُ فَإِذَا اكْتَرَاهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ وَعَجَّلَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ لَزِمَ عَشَرَةُ أَشْهُرٍ، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهُ، وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ كِرَاءٍ بِخِيَارٍ وَالتَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (كَوَجِيبَةٍ) ، وَهِيَ لَقَبٌ لِمُدَّةٍ مَحْدُودَةٍ كَمَا أَنَّ الْمُشَاهَرَةَ لَقَبٌ لِمُدَّةٍ غَيْرِ مَحْدُودَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدْرُهُ نَقَدَ أَوْ لَا (بِشَهْرِ كَذَا) بِالْإِضَافَةِ أَوْ سَنَةِ كَذَا أَوْ يَوْمِ كَذَا أَوْ عَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَعْوَامٍ أَوْ أَيَّامٍ بِكَذَا فَإِنْ بَيَّنَ الْمَبْدَأَ، وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ كَمَا مَرَّ وَالْبَاءُ فِي كَلَامِهِ لِلتَّصْوِيرِ، وَلَوْ أَبْدَلَهَا بِكَافِ التَّمْثِيلِ لَكَانَ أَبْيَنَ (أَوْ هَذَا الشَّهْرُ) أَوْ هَذِهِ السَّنَةُ (أَوْ شَهْرًا) بِالتَّنْكِيرِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ وَجِيبَةً أَنَّهُ لَمَّا تُعُورِفَ إطْلَاقُ الشَّهْرِ عَلَى ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَإِذْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمَبْدَأَ حُمِلَ مِنْ حِينَ الْعَقْدِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ هَذَا الشَّهْرُ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّأْوِيلَانِ الْآتِيَانِ فِي سَنَةٍ إذْ لَا فَرْقَ (أَوْ إلَى شَهْرِ كَذَا) أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا أَوْ إلَى يَوْمِ كَذَا كُلُّ ذَلِكَ وَجِيبَةٌ تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ نَقَدَ أَوْ لَا، مَا لَمْ يَشْتَرِطَا أَوْ أَحَدُهُمَا الْحَلَّ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ فَيَكُونُ الْعَقْدُ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ (وَفِي) قَوْلِهِ أَكَتْرِي مِنْك هَذَا الشَّيْءَ (سَنَةً بِكَذَا تَأْوِيلَانِ) فِي كَوْنِهِ وَجِيبَةً لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مَبْدَؤُهَا يَوْمَ الْعَقْدِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ هَذِهِ السَّنَةُ، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ، وَالْأَكْثَرُ بَلْ هُوَ ظَاهِرُهَا أَوْ غَيْرُ وَجِيبَةٍ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ كُلِّ سَنَةٍ، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ، وَمِثْلُ سَنَةٍ شَهْرٌ لِعَدَمِ الْفَرْقِ خِلَافًا لِمَنْ تَمَحَّلَ فَرْقًا، وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ وَجِيبَةٌ يُشِيرُ لِتَرْجِيحِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّ الثَّانِيَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

(وَ) جَازَ كِرَاءُ (أَرْضُ مَطَرٍ) لِلزِّرَاعَةِ (عَشْرًا) مِنْ السِّنِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا مَفْهُومَ لِعَشَرٍ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْكِرَاءَ الْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ النَّقْدُ وَسَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَجَائِزٌ (وَإِنْ لِسَنَةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ اشْتَرَطَ النَّقْدَ فَسَدَ، وَإِنْ لِسَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ (إلَّا) الْأَرْضَ (الْمَأْمُونَةَ) أَيْ الْمُتَحَقِّقَ رَيُّهَا بِالْمَطَرِ عَادَةً كَبِلَادِ الْمَشْرِقِ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالنَّقْدِ الْأَرْبَعِينَ عَامًا فَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَرْضَ الْمَطَرِ غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا سِنِينَ بِشَرْطِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ وَيَجُوزُ فِي الْمَأْمُونَةِ مُطْلَقًا إذْ لَا يَتَرَدَّدُ الْكِرَاءُ فِيهَا بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (كَالنِّيلِ) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِمَا عَلِمْت أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا ذُكِرَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ، وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهَا مَبْدَأً.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا) اللَّامُ زَائِدَةٌ فَلَا يُقَالُ أَنْ يَلْزَمَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ عَدَّاهُ بِاللَّامِ أَوْ يُقَالَ إنَّ اللَّامَ مُتَعَلِّقَةٌ بِفَاعِلِ يَلْزَمُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ عَمَلُ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ:

، وَمَا الْحَرْبُ إلَّا مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمْ ... وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ

(قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْ الْمُتَكَارِيَيْنِ حَلُّهُ عَنْ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ، وَلَا فِيمَا بَعْدَهُ وَلِلْمُكْتَرِي أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ وَيَلْزَمُهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ وَقِيلَ يَلْزَمُهُمَا الْمُحَقَّقُ الْأَقَلُّ كَالشَّهْرِ الْأَوَّلِ لَا مَا بَعْدَهُ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الشَّهْرُ إنْ سَكَنَ بَعْضَهُ فَإِذَا سَكَنَ بَعْضَ الشَّهْرِ لَزِمَ كُلًّا مِنْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي بَقِيَّتُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا خُرُوجٌ قَبْلَهَا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ وَمَنْ قَامَ مِنْهُمَا عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ وَبِهَذَا الْأَخِيرِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ اللُّزُومِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ مَتَى شَاءَ (قَوْلُهُ: مِنْ كِرَاءٍ بِخِيَارٍ) أَيْ وَالْكِرَاءُ بِالْخِيَارِ يَمْتَنِعُ فِيهِ النَّقْدُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَقَبٌ لِمُدَّةٍ مَحْدُودَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا كَمَا إذَا قَالَ هَذِهِ السَّنَةَ أَوْ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ سَنَةَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا أَوْ يُسَمَّى الْعَدَدَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَقَالَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ ذَكَرَ انْتِهَاءَ الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ أَكْتَرِيهَا إلَى شَهْرِ كَذَا أَوْ إلَى سَنَةِ كَذَا وَأَمَّا لَوْ سَمَّى الْعَدَدَ وَكَانَ وَاحِدًا فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ إنَّهُ مِنْ الْوَجِيبَةِ وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ الْمُشَاهَرَةِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ الْمَبْدَأَ) أَيْ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ إلَخْ أَيْ فِي قَوْلِهِ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ، وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مِثْلُ سَنَةً) أَيْ فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ شَهْرًا فَفِيهِ التَّأْوِيلَانِ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عِيَاضٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ وَجِيبَةٌ قَطْعًا حَيْثُ ذَكَرَ مَا فِيهِ الْخِلَافُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ) أَيْ شَهْرًا حَيْثُ سَاقَهُ فِيمَا هُوَ وَجِيبَةٌ قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: وَأَرْضِ مَطَرٍ) عَطْفٌ عَلَى حَمَّامٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ كَأَرْبَعِينَ سَنَةً (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ حَصَلَ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فَسَدَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِسَنَةٍ) أَيْ، وَإِنْ اشْتَرَطَ النَّقْدَ لِسَنَةٍ (قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ) أَيْ لَا تَمْثِيلٌ لِئَلَّا يَكُونَ سَاكِتًا عَنْ أَرْضِ الْمَطَرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يُعْلَمُ حُكْمُ النَّقْدِ فِيهَا مَعَ نَصِّ الْإِمَامِ عَلَى جَوَازِهِ فِيهَا، كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ كَافِ التَّمْثِيلِ فَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِلَ أَرَادَ السُّكُوتَ بِاعْتِبَارِ الصَّرَاحَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ كَالنِّيلِ يَصِحُّ جَعْلُهُ تَشْبِيهًا وَيَصِحُّ جَعْلُهُ تَمْثِيلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>