فَلَوْ كَانَ مُجْتَمِعًا فِي جِهَةٍ لَوَجَبَ كِرَاؤُهُ بِخُصُوصِهِ (وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ) بِالْمَدِّ، وَهُوَ الْمُؤَجِّرُ كَمَالِكِ دَارٍ (عَلَى إصْلَاحٍ) لِمُكْتَرٍ سَاكِنٍ مَثَلًا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا اُحْتِيجَ لِلْإِصْلَاحِ يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ أَمْ لَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَمْ لَا أَمْكَنَ مَعَهُ السُّكْنَى أَمْ لَا، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُخَيَّرُ السَّاكِنُ بَيْنَ السُّكْنَى فَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا فَلَوْ أَنْفَقَ الْمُكْتَرِي شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ فَإِنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ خُيِّرَ رَبُّهَا فِي دَفْعِ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا أَوْ أَمَرَهُ بِنَقْضِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِصْلَاحِ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا إنْ لَمْ يَقُلْ، وَمَا صَرَفْتَهُ فَهُوَ عَلَيَّ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ (بِخِلَافِ) (سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ) رَبُّ الدَّارِ أَوْ نَاظِرُهَا مَا انْهَدَمَ فَيُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى (بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ) وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ (قَبْلَ خُرُوجِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلَحَ فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى عَوْدِهِ إلَيْهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ.
(وَإِنْ) (اكْتَرَيَا) أَوْ اشْتَرَيَا (حَانُوتًا) وَتَنَازَعَا (فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ) لِوُقُوعِ الْعَقْدِ مُجْمَلًا (قُسِمَ) بَيْنَهُمَا (إنْ أَمْكَنَ) الْقَسْمُ (وَإِلَّا) يُمْكِنْ (أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا) لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَدَّمِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَالْقُرْعَةُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ وَالْبَيْتُ الْمُطِلُّ بَعْضُهُ عَلَى نَهْرٍ أَوْ بُسْتَانٍ كَذَلِكَ (وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ) غَيْطٍ (مُكْرًى) لِلزِّرَاعَةِ (سِنِينَ) الْمُرَادُ مَا فَوْقَ الْوَاحِدَةِ الشَّامِلِ لِلسَّنَتَيْنِ فَأَوْلَى سَنَةٌ فَقَطْ (بَعْدَ زَرْعِهِ) فَلَوْ غَارَتْ قَبْلَ زَرْعِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْهَالِكِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ إلَخْ) أَخَذَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ لَهُ خَرِبَةٌ بِجِوَارِ شَخْصٍ يَحْصُلُ لَهُ مِنْهَا ضَرَرٌ كَسَارِقٍ وَنَحْوِهِ عَلَى عِمَارَتِهَا، وَلَا عَلَى بَيْعِهَا وَيُقَالُ لَهُ احْمِلْ مَا يَنْدَفِعُ عَنْك بِهِ الضَّرَرُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا إنْ صَعِدَ مِنْهَا سَارِقٌ لِبَيْتِ جَارِهَا وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ السَّنْبَاطِيُّ الشَّافِعِيُّ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِلُزُومِ رَبِّ الْخَرِبَةِ بِفِعْلِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرُ جَارِهِ مِنْ عِمَارَتِهَا أَوْ بَيْعِهَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ) أَيْ بَقَاؤُهُ بِلَا إصْلَاحٍ (قَوْلُهُ: حَدَثَ) أَيْ مُوجِبُ الْإِصْلَاحِ، وَهُوَ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ، وَأَمَّا غَيْرُهُ، وَهُوَ ابْنُ حَبِيبٍ فَيَقُولُ يُجْبَرُ الْآجِرُ عَلَى الْإِصْلَاحِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْخِلَافُ لَيْسَ عَامًّا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ بَلْ خَاصٌّ بِالْمُضِرِّ الْيَسِيرِ كَالْهَطْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِصْلَاحُ إجْمَاعًا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيُخَيَّرُ السَّاكِنُ) هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْهَدْمُ مُضِرًّا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُنْقِصًا لِلْكِرَاءِ فَقَطْ، وَأَبَى الْمَالِكُ مِنْ الْإِصْلَاحِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي وَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَخْيِيرِ السَّاكِنِ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ مُنَافٍ لِلتَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَنْفَقَ الْمُكْتَرِي شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي عَلَى إصْلَاحِ الْمُنْهَدِمِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَقَارُ مِلْكًا، وَأَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَ وَقْفًا يَحْتَاجُ لِإِصْلَاحِهِ فَأَصْلَحَهُ الْمُكْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ نَاظِرِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا لِقِيَامِهِ عَنْهُ بِمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ لِوُجُوبِ إصْلَاحِ الْوَقْفِ عَلَى النَّاظِرِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِأَجْلِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ) أَيْ فَلَا يَأْخُذُ مَا أَنْفَقَهُ لَا يُقَالُ مَنْ بَنَى مَا انْهَدَمَ فَقَدْ قَامَ عَنْ رَبِّهِ بِوَاجِبٍ إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْغُرْمِ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْغُرْمِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ هَدْمَ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لِيَبِيعَهُ عَرْصَةً، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْمُكْرِي بِقِيمَتِهِ قَائِمًا أَيْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ، وَهَذَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْإِصْلَاحُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ أَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلَحَ) أَيْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا بِأَصْلَحَ لِإِغْنَاءِ الظَّرْفِ أَعْنِي قَوْلَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ عَنْهُ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ) أَيْ وَصَلُحَتْ صَنْعَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمُقَدَّمِهِ عُرْفًا سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صَنْعَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ (قَوْلُهُ: قُسِمَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُقَدَّمُ وَقَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ الْقَسْمُ أَيْ قَسْمُ الْمُقَدَّمِ لِإِتْسَاعِهِ وَقَبُولِهِ لِلْقَسْمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا) أَيْ مَا لَمْ يَصْطَلِحَا عَلَى الْجُلُوسِ عَلَى التَّعَاقُبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْحَاصِلِ بِالْمُنَازَعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَدَّمِ) أَيْ عَلَى جُلُوسِهِمَا مَعًا فِي الْمُقَدَّمِ لِاتِّسَاعِهِ وَقَوْلُهُ: وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ أَيْ الَّتِي يَجْلِسُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا (قَوْلُهُ: لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْجِهَةِ لَيْسَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقَسْمِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا، وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْبَيْتِ ولَا الْحَانُوتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ فَغَارَتْ عَيْنُهَا أَوْ انْهَارَتْ بِئْرُهَا، وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ الْإِصْلَاحِ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُنْفِقَ مِنْ الْأُجْرَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ زَرَعَ قَبْلَ غَوْرِ الْعَيْنِ وَكَانَتْ أُجْرَةُ سَنَةٍ تَكْفِي فَلَهُ الْإِنْفَاقُ حِينَئِذٍ وَيُحْسَبُ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ قَهْرًا عَنْ الْمُكْرِي فَإِنْ كَانَ لَمْ يَزْرَعْ أَوْ زَرَعَ وَكَانَ لَا تَكْفِي أُجْرَةُ السَّنَةِ فِي الْعِمَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْفَاقُ فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِجَمِيعِ مَا أَنْفَقَهُ فِي الْأُولَى وَبِمَا زَادَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute