وَالشَّبَهِ فَيَحْلِفُ لِإِسْقَاطِ زَائِدِ الْمَسَافَةِ وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ (وَفُسِخَ) الْعَقْدُ، وَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حَلِفِ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ) الْجَمَّالُ شَيْئًا وَقَدْ أَشْبَهَا مَعًا (فَلِلْجَمَّالِ) الْقَوْلُ (فِي الْمَسَافَةِ) الْقَرِيبَةِ (وَ) الْقَوْلُ (لِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا) أَيْ الْمَدِينَةِ (مِمَّا ذَكَرَ) مِنْ الْكِرَاءِ، وَهُوَ كَوْنُهُ بِخَمْسِينَ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لِمَكَّةَ (بَعْدَ يَمِينِهِمَا) عَلَى مَا ادَّعَيَاهُ (وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ) نَقَدَ أَمْ لَا فَيَأْخُذُ الْمِائَةَ، وَلَا يَلْزَمُهُ السَّيْرُ إلَى مَكَّةَ، وَإِنْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا أَشْبَهَا، وَلَمْ يَنْقُدْ أَيْ الْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ وَلِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذَكَرَ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا، وَفُسِخَ، وَلَهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى (وَإِنْ أَقَامَا) أَيْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (بَيِّنَةً) عَلَى مَا ادَّعَاهُ (قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا، وَإِلَّا سَقَطَتَا) وَيَقْضِي بِذَاتِ التَّارِيخِ وَبِقِدَمِهِ.
(وَإِنْ) (قَالَ اكْتَرَيْت عَشَرًا) مِنْ الْأَفْدِنَةِ أَوْ مِنْ السِّنِينَ مَثَلًا (بِخَمْسِينَ وَقَالَ) رَبُّ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ (بَلْ) اكْتَرَيْت مِنِّي (خَمْسًا بِمِائَةٍ) ، وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا (حَلَفَا، وَفُسِخَ) الْعَقْدُ وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا، وَهَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ زَرْعٌ، وَلَا سُكْنَى (وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا) أَوْ سَكَنَهُ (وَلَمْ يَنْقُدْ) مِنْ الْكِرَاءِ شَيْئًا (فَلِرَبِّهَا) بِحِسَابِ (مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي) فِيمَا مَضَى (وَإِنْ أَشْبَهَ) الْمُكْتَرِي أَشْبَهَ رَبُّهَا أَمْ لَا (وَحَلَفَ) أَيْ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (وَإِلَّا) يُشْبِهُ حَلَفَ أَمْ لَا أَوْ أَشْبَهَ، وَلَمْ يَحْلِفْ فَالنَّفْيُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ أَشْبَهَ وَحَلَفَ مَعًا (فَقَوْلُ رَبِّهَا) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (إنْ أَشْبَهَ) وَحَلَفَ أَيْضًا فَلَهُ بِحِسَابِ مَا قَالَ (فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا) مَعًا (حَلَفَا) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ نَافِيًا لِدَعْوَى الْآخَرِ. (وَوَجَبَ) لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ (كِرَاءُ الْمِثْلِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَالشَّبَهَ) أَيْ وَدَعْوَاهُ الشَّبَهَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي بَلَغَاهَا (قَوْلُهُ: لِإِسْقَاطِ زَائِدِ الْمَسَافَةِ) أَيْ لِإِسْقَاطِ الْمَسَافَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمَدِينَةِ لِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ الْمُكْتَرِي لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ خَمْسُونَ فَقَطْ وَيُبَلِّغُهُ الْجَمَّالُ لِلْمَدِينَةِ إذَا كَانَ نِزَاعُهُمَا بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ قَبْلَ الْوُصُولِ لِلْمَدِينَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إذَا أَشْبَهَا وَحَلَفَا وَانْتَقَدَ الْمُكْتَرِي الْأَقَلَّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْجَمَّالِ بِالنَّظَرِ لِلْمَسَافَةِ وَقَوْلَ الْمُكْتَرِي بِالنَّظَرِ لِلْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ الْفَسْخُ عَلَى حَلِفِ الْمُكْتَرِي) أَيْ، وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَلِفِ الْجَمَّالِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لِأَجْلِ إسْقَاطِ زَائِدِ الْمَسَافَةِ وَهَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى حَلِفِ الْجَمَّالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَلِفَهُ لِإِسْقَاطِ الْخَمْسِينَ عَنْهُ) أَيْ عَلَى دَعْوَى الْجَمَّالِ فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ عَنْهُ خَمْسُونَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ: فَلِلْجَمَّالِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَمَّالِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الْمَسَافَةِ الْقَرِيبَةِ، وَهِيَ إلَى الْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا) هَذَا مَحَلُّ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ النَّقْضِ وَعَدَمِهِ وَيَتَّفِقَانِ فِيمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: مِمَّا ذَكَرَ مِنْ الْكِرَاءِ وَهُوَ كَوْنُهُ بِخَمْسِينَ) أَيْ وَيُفَضُّ ذَلِكَ الْكِرَاءُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَنَّهُ لِمَكَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ بُلُوغِ الْمَسَافَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا يُرَجِّحُ قَوْلَ الْمُكْرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأُجْرَةَ مِائَةٌ لِلْمَدِينَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ أَوْ فِي غَيْرِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْبَابِ فَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ الْبَابِ كُلِّهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَقَطَتَا) أَيْ، وَإِلَّا تَكُنْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ بَلْ تَكَافَأَتَا فِي الْعَدَالَةِ سَقَطَتَا (قَوْلُهُ: وَيُقْضَى بِذَاتِ التَّارِيخِ) أَيْ فَتُقَدَّمُ الْمُؤَرَّخَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُوَرَّخَةِ وَتُقَدَّمُ الْمُتَقَدِّمَةُ تَارِيخًا عَلَى مُتَأَخِّرَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَبْدَأُ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ) أَيْ لِأَنَّهُ دَافِعٌ لِمَنْفَعَةِ أَرْضِهِ أَوْ دَارِهِ (قَوْلُهُ: كَحَلِفِهِمَا) أَيْ فَكَمَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ إذَا حَلَفَا يُفْسَخُ إذَا نَكَلَا، وَلَا يُرَاعَى هُنَا نَقْضٌ، وَلَا عَدَمُهُ بَلْ حَيْثُ كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ الزَّرْعِ وَالسُّكْنَى فُسِخَ الْعَقْدُ سَوَاءٌ حَصَلَ نَقْدٌ أَوْ لَا سَوَاءٌ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُكْرِي فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ، سَوَاءٌ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا) أَيْ مِنْ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ: أَوْ سَكَنَهُ أَيْ بَعْضًا مِنْ الْمُدَّةِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ ثَمَانُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يُشْبِهَا أَوْ لَا يُشْبِهَا أَوْ يُشْبِهَ الْمُكْرِي فَقَطْ أَوْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ الِانْتِقَادِ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِأَرْبَعَةٍ مِنْهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا، وَلَمْ يَنْقُدْ إلَخْ.
وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا زَرَعَ بَعْضَ الْأَرْضِ أَوْ سَكَنَ الْبَيْتَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَنْقُدْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُكْتَرِي فِيمَا مَضَى وَفُسِخَ فِي الْبَاقِي إنْ أَشْبَهَ، قَوْلُهُ: وَحَلَفَ سَوَاءٌ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي أَيْضًا أَمْ لَا فَهَذِهِ صُورَةٌ، وَإِنْ انْفَرَدَ الْمُكْرِي بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي وَلَمْ يَحْلِفْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي فِيمَا مَضَى، وَفُسِخَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى، وَفُسِخَ فِي الْبَاقِي فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَإِنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا بَعْدَ الِانْتِقَادِ فَفِيهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يُشْبِهَا أَوْ لَا يُشْبِهَا أَوْ يُشْبِهَ الْمُكْرِي أَوْ الْمُكْتَرِي وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَقَدَ فَتَرَدُّدٌ وَحَاصِلُ ذَلِكَ التَّرَدُّدِ الْوَاقِعِ فِيهَا قِيلَ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْرِي إذَا أَشْبَهَ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ فِيمَا مَضَى بِحِسَابِ مَا قَالَ وَيُفْسَخُ فِي الْبَاقِي مِثْلَ مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ، وَقِيلَ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُكْرِي، وَلَا فَسْخَ، وَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا إذَا انْفَرَدَ الْمُكْتَرِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute