فِي الْقَسْمِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] لَا مِيرَاثٍ حَقِيقِيٍّ فَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمِلْكِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِأَيْدِيهِمْ وَقْفٌ لَا مِلْكٌ فَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ فِي الْمِثَالِ الْآتِي مِنْ مَنَابِ الْأَوْلَادِ الثُّمُنَ وَالْأُمُّ السُّدُسَ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَيْهِمْ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَقَالَ (كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ) لِصُلْبِهِ هُمْ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ (وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَعَقَّبَهُ) فِعْلٌ مَاضٍ مُشَدَّدُ الْقَافِ أَيْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَعَقِبِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَعَلَى عَقِبِهِمْ بَلْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَالتَّعْقِيبُ شَرْطٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ (وَتَرَكَ) مَعَ السَّبْعَةِ (أُمًّا وَزَوْجَةً فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ يَرِثُ كَالْأَبِ (فِيمَا لِلْأَوْلَادِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْ مَنَابِ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَسَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَوْ شَرَطَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ بَلْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ) الْبَاقِيَةُ (لِوَلَدِ الْوَلَدِ) الْأَرْبَعَةِ (وَقْفٌ) يُعْمَلُ فِيهَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ مِنْ تَفَاضُلٍ وَتَسْوِيَةٍ فَإِنْ أَطْلَقَ سُوِّيَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ حَاجَتُهُمْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْوَقْفَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ يُقْسَمُ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ: ثَلَاثَةٌ تَكُونُ بِأَيْدِيهِمْ كَالْمِيرَاثِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: ١١] وَلَوْ شَرَطَ خِلَافَهُ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهَا مَنْ لَهُ سَهْمٌ مِنْ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَلِكَوْنِهِ وَقْفًا مُعَقَّبًا لَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ الْأَوْلَادَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ بِهِ وَلِكَوْنِهِمْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَضِ شَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَسْهُمُ الْبَاقِيَةُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَقْفًا وَحَاصِلُ قِسْمَةِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْفَرْضِيِّينَ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لِلْأُمِّ مِنْهَا السُّدُسُ مَخْرَجُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَبَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَتُضْرَبُ الرُّءُوسُ الثَّلَاثَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ يُقَالُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ سَبْعَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ بِوَاحِدٍ وَخَمْسِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ (وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ) الْمَذْكُورُ (بِحُدُوثِ وَلَدٍ) ، أَوْ أَكْثَرَ (لَهُمَا) أَيْ لِلْفَرِيقَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَإِذَا حَدَثَ وَاحِدٌ صَارَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَاثْنَانِ فَمِنْ تِسْعَةٍ وَهَكَذَا وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَشَبَّهَ بِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَالَ (كَمَوْتِهِ) أَيْ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَتَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَالْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَسْمِ) أَيْ غَلَّتِهِ وَأَمَّا ذَاتُهُ فَهِيَ حَبْسٌ. (قَوْلُهُ: لَا مِلْكٌ) أَيْ فَيَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ السُّدُسَ) أَيْ وَالْبَاقِي لِلْأَوْلَادِ. (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ إلَخْ) هَذَا مِثَالُ الْمُدَوَّنَةِ فَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقِفَ الْوَارِثُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَارِثٍ وَعَلَى غَيْرِ وَارِثٍ وَعَلَى عَقِبِهِمْ فَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ) أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ سُمِّيَتْ الْمَسْأَلَةُ بِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَقَّبَ وَقْفَهُ أَيْ أَدْخَلَ فِيهِ عَقِبَهُ.
(قَوْلُهُ: بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) يَعْنِي أَنَّهُ تُقْسَمُ ذَاتُ الْوَقْفِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَمَا نَابَ الْأَوْلَادَ تَكُونُ ذَاتُهُ إرْثًا وَمَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ يَكُونُ وَقْفًا كَمَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلَانِ) أَيْ إنْ مَنَعَتَا مَا فَعَلَهُ مُوَرِّثُهُمَا مِنْ وَقْفِهِ فِي الْمَرَضِ وَأَمَّا إنْ أَجَازَتَا فِعْلَهُ فَلَا يَدْخُلَانِ أَصْلًا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ بَلْ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَأَخْذُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ عَلَى حُكْمِ الْفَرَائِضِ تَبَعًا فَلَا تُقْسَمُ السِّهَامُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ فِيمَا خَصَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَفَاضُلٍ) أَيْ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ، مُقَدِّمَةٌ عَلَى الْمَعْلُومِ أَيْ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَضِ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُعَقَّبًا وَقَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ وَانْتَفَى الْبُطْلَانُ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُعَقَّبًا لِتَعَلُّقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ) وَهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ بِهِ أَيْ بِمَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ إذَا مَاتُوا رَجَعَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِهِمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقَةِ الْفَرْضِيِّينَ) أَيْ الَّذِينَ لَا يُعْطُونَ كَسْرًا. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هِيَ لِغَلَّةِ الْوَقْفِ لَا لِذَاتِهِ إذْ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ قِسْمَةَ مَنَافِعَ تَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَوْلَادِهِمْ وَعَقِبِهِمْ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا حَبَّسَ عَلَيْهِمَا مَنْ ذُكِرَ وَالصَّوَابُ كَمَا ذَكَرَهُ بْن قَسْمُ الْوَقْفِ عَلَى رُءُوسِ الْجَمِيعِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يُقْسَمُ مَا نَابَ الْوَرَثَةَ عَلَى حُكْمِ الْفَرَائِضِ وَلَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ فِيهِمْ. (قَوْلُهُ: وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ الْمَذْكُورُ) أَيْ وَهُوَ الْقَسْمُ عَلَى سَبْعَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا) فَإِذَا حَدَثَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَاحِدٌ مَثَلًا، أَوْ حَدَثَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ غَائِبٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حِينَ الْقَسْمِ، ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute