لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ خَرَاجِيًّا، أَوْ هِلَالِيًّا (وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى مُعَيَّنٍ) كَفُلَانٍ وَأَوْلَادِهِ (كَالسَّنَتَيْنِ) وَالثَّلَاثِ لَا أَكْثَرَ وَقِيلَ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ عَلَى فُقَرَاءَ وَنَحْوِهِمْ جَازَ كِرَاءُ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ أَرْضًا وَالْعَامِ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ دَارًا وَنَحْوَهَا فَإِنْ أَكْرَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَضَى إنْ كَانَ نَظَرًا ولَا يُفْسَخُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ تَقْتَضِي الْكِرَاءَ لِأَكْثَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ كَمَا لَوْ انْهَدَمَ الْوَقْفُ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهُ بِمَا يُبْنَى بِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ كَأَرْبَعِينَ عَامًا، أَوْ أَزْيَدَ بِقَدْرِ مَا تَقْتَضِي الضَّرُورَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ ضَيَاعِهِ وَانْدِرَاسِهِ (وَ) أَكْرَى مُسْتَحِقٌّ (لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ) وَنَحْوِهَا مِنْ السِّنِينَ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لَهُ وَصُورَتُهَا حَبَّسَ عَلَى زَيْدٍ دَارًا مَثَلًا، ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو فَأَكْرَاهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو الَّذِي لَهُ الْمَرْجِعُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ مُدَّةً، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ) (بَنَى، أَوْ غَرَسَ مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) وَلَوْ بِالْوَصْفِ كَإِمَامٍ وَمُدَرِّسٍ (فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ) شَيْئًا (فَهُوَ وَقْفٌ) كَمَا لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ اسْتَحَقَّهُ وَارِثُهُ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَفْهُومُ " مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ " أَنَّهُ لَوْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ كَانَ لَهُ مِلْكًا فَلَهُ نَقْضُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَبْسُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ، وَإِلَّا فَيُوَفَّى لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا لَوْ بَنَى النَّاظِرُ، أَوْ أَصْلَحَ.
(وَ) إذَا وَقَفَ (عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ) كَالْفُقَرَاءِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ (أَوْ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ، أَوْ عَلَى كَوَلَدِهِ) ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ عَلَى إخْوَتِهِ، أَوْ بَنِي عَمِّهِ (وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ) بِقَوْلِهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ (فَضَّلَ الْمُوَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ النَّاظِرُ أَيْ قَدَّمَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ) الْفُقَرَاءَ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ الْإِحْسَانُ وَالْإِرْفَاقُ (فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ إذَا عُزِلَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَلِوَارِثِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا. (قَوْلُهُ: خَرَاجِيًّا) أَيْ يُقْبَضُ كُلَّ سَنَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ هِلَالِيًّا أَيْ يُقْبَضُ فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ. (قَوْلُهُ: وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّاظِرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ كَذَا فِي عبق وَكَبِيرِ خش قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ تَأَمَّلْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي " وَأَكْرَى لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ " مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ مَا هُنَا أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقَّ أَيْ أَوْ غَيْرِهِ لَا تُكْرَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ إذَا أَكْرَى لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَأَمَّا إذَا أَكْرَى لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ لَهُ كَالْعَشْرِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَرْضًا إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُعَيَّنِينَ وَغَيْرِهِمْ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَإِنْ كَانَ دَارًا فَلَا تُؤَاجَرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ السَّنَةُ فِي الدَّارِ وَالثَّلَاثُ سِنِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: كَالْعَشْرِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَالدَّارِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كِرَائِهَا لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ كَمَا قَالَ الْوَاقِفُ لَا يُكْرِي إلَّا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَنَى مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمْ يُحَزْ عَنْ وَاقِفِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ وَيُجَابُ بِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا بُنِيَ فِيهِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّهُ وَارِثُهُ) أَيْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْبِنَاءَ وَارِثُهُ إذَا مَاتَ فَيَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا، أَوْ نَقْضُهُ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ هَدْمُهُ وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ كَبِنَاءِ الْأَجْنَبِيِّ الْآتِي كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: لَوْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ وَقْفٌ، أَوْ مِلْكٌ وَأَوْلَى إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ كَانَ وَقْفًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَانِيَ فِي الْوَقْفِ إمَّا مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُبَيِّنَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّ مَا بَنَاهُ مِلْكٌ أَوْ وَقْفٌ، أَوْ لَا يُبَيِّنَ شَيْئًا فَإِنْ بَيَّنَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهُ وَقْفٌ كَانَ وَقْفًا وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَ وَقْفًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَانِي مُحَبَّسًا عَلَيْهِ أَوْ لَهُ، أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَالْأَجْنَبِيِّ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ نَقْضُهُ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ هَدْمُهُ وَأَخْذُ أَنْقَاضِهِ، أَوْ بِضَمِّهَا بِمَعْنَى الْمَنْقُوضِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَةِ النَّقْضِ أَوْ النَّقْضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ الَّذِي بَنَى فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيُوَفَّى لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ) أَيْ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَقْفًا. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَنَى النَّاظِرُ، أَوْ أَصْلَحَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُوَفَّى لَهُ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ وَيُجْعَلُ الْبِنَاءُ وَقْفًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى قَوْمٍ إلَخْ) أَيْ كَبَنِي فُلَانٍ وَأَعْقَابِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَالْعِيَالِ) أَيْ وَأَهْلِ الْعِيَالِ الْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا حَاجَةٍ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِرْفَاقُ) أَيْ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: فِي غَلَّةٍ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ تَفْرِيقَ الْغَلَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ: وَسُكْنَى أَيْ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ سُكْنَاهُمْ ثُمَّ إنَّ التَّفْصِيلَ بِالسُّكْنَى بِالتَّخْصِيصِ وَأَمَّا بِالْغَلَّةِ فَهُوَ إمَّا بِالزِّيَادَةِ إنْ قَبِلَتْ الِاشْتِرَاكَ أَوْ بِالتَّخْصِيصِ إنْ لَمْ تَسَعْ الِاشْتِرَاكَ قَالَهُ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ.
هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَفْضِيلِ ذِي الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ بِالْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute