للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ رُجُوعُهُ لِلثَّلَاثَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَيْضًا وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ اخْتِصَاصَهُ بِالْهِبَةِ فَقَطْ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يُعْتَبَرَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(أَوْ) (لَمْ يُعْلَمْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ (بِهَا) أَيْ بِالْهِبَةِ (إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا فِي حَيَاتِهِ وَلَمَّا مَاتَ عَلِمَ وَارِثُهُ فَلَا تَبْطُلُ وَيَأْخُذُهَا الْوَارِثُ وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رَدٌّ حَتَّى مَاتَ قَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ.

(وَ) صَحَّ (حَوْزُ مُخْدَمٍ) عَبْدًا يَهَبُهُ سَيِّدُهُ لِغَيْرِ مَنْ أَخَدَمَهُ لَهُ (وَ) حَوْزُ (مُسْتَعِيرٍ) لِلْمَوْهُوبِ لَهُ (مُطْلَقًا) عَلِمَا بِالْهِبَةِ أَمْ لَا تَقَدَّمَتْ الْخِدْمَةُ، أَوْ الِاسْتِعَارَةُ عَلَى الْهِبَةِ أَوْ صَاحَبَتْهَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا فَلَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الْإِخْدَامِ، أَوْ الْإِعَارَةِ فَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ وَأَمَّا لَوْ تَقَدَّمَتْ الْهِبَةُ عَلَيْهِمَا فَالْحَقُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ فِي الْمَنْفَعَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِلْأَخِيرَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ تَبِعَ فِيهِ الْبِسَاطِيَّ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ هُنَا وَفِي التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: بَلْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ اخْتِصَاصَهُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْبَعْضِ الْعَلَّامَةُ طفى حَيْثُ قَالَ وَلَمْ أَرَ قَيْدَ الْإِعْلَانِ إلَّا فِي الْهِبَةِ فَقَطْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْإِعْلَانُ فَيُعْتَبَرُ فِي الْهِبَةِ اتِّفَاقًا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعِتْقِ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ وطفى خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ مَا لِلْبِسَاطِيِّ وَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَهُوَ مَا لطفى فَالْهِبَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِشْهَادِ وَالْإِعْلَانِ اتِّفَاقًا وَالْعِتْقُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِعْلَانُ بَلْ الْإِشْهَادُ فَقَطْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْبَيْعُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِشْهَادُ عِنْدَ طفى وَيُعْتَبَرَانِ فِيهِ عِنْدَ الْبِسَاطِيِّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ) أَرَادَ بِهِ عبق فَإِنَّهُ جَعَلَ قَوْلَهُ " إنْ أَشْهَدَ " رَاجِعًا لِلثَّلَاثَةِ وَقَوْلَهُ " وَأَعْلَنَ " رَاجِعًا لِلْأَخِيرَيْنِ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي المج. (قَوْلُهُ: أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ لَا يُعْتَبَرَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَإِذَا كَاتَبَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَبْدَ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْوَاهِبِ، ثُمَّ حَصَلَ لِلْوَاهِبِ مَانِعٌ فَإِنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ وَلَا تُعْتَبَرُ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ فَلَيْسَ كَالْعِتْقِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَفِيهِ أَنَّ الْكِتَابَةَ دَائِرَةٌ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ فَقِيلَ إنَّهَا عِتْقٌ وَقِيلَ إنَّهَا بَيْعٌ وَقِيلَ إنَّهَا عِتْقٌ مُعَلَّقٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا كَافٍ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ وَالتَّدْبِيرُ عِتْقٌ مُؤَجَّلٌ فَالْحَقُّ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ كَذَلِكَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ لَمْ يَقَعْ عِلْمٌ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَّصِفُ بِالْعِلْمِ هُوَ وَارِثُهُ لَا هُوَ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَةُ " يُعْلَمْ " بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَيُجْعَلُ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ عَائِدًا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَضَمِيرُ مَوْتِهِ لِلْوَاهِبِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا الْبُطْلَانُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الصِّحَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَبْطُلُ وَيَأْخُذُهَا الْوَارِثُ) أَيْ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي الْقَبُولِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً تَقُومُ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ التَّعْمِيمِ وَلَا شَكَّ أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الْمُطَالَبَةَ وَتَارَةً تَقُومُ عَلَى قَصْدِ عَيْنِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ وَعِنْدَ الشَّكِّ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ التَّعْمِيمِ وَبِهَذَا قَرَّرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ عَلِمَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ، " أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا " وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِهَا أَيْ وَكَذَا إنْ عَلِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِالْهِبَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ رَدٌّ حَتَّى مَاتَ وَلَوْ كَانَ تَرَكَ قَبْضَهَا تَفْرِيطًا وَتَكَاسُلًا.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ حَوْزُ مُخْدَمٍ وَمُسْتَعِيرٍ) صُورَتُهُ أَخْدَمَ شَخْصٌ عَبْدَهُ، أَوْ أَعَارَهُ لِزَيْدٍ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَحَازَهُ زَيْدٌ، ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الشَّخْصَ وَهَبَ عَبْدَهُ الْمَذْكُورَ لِعَمْرٍو فَإِنَّهُ يَصِحُّ حَوْزُ زَيْدٍ الْمُخْدَمِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ لِعَمْرٍو الْمَوْهُوبِ لَهُ بِحَيْثُ إذَا مَاتَ الْوَاهِبُ وَالْعَبْدُ فِي حَوْزِ الْمُخْدَمِ، أَوْ الْمُسْتَعِيرِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ تَبْطُلْ الْهِبَةُ وَإِنَّمَا صَحَّ حَوْزُهُمَا لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا إنَّمَا حَازَهُ لِنَفْسِهِ وَحَوْزُهُ لِنَفْسِهِ خُرُوجٌ عَنْ حَوْزِ الْوَاهِبِ وَالْخُرُوجُ عَنْ حَوْزِ الْوَاهِبِ يَكْفِي فِي حَوْزِ الْمَوْهُوبِ وَمَحَلُّ صِحَّةِ حَوْزِ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا أَشْهَدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَإِلَّا فَلَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ صَاحَبَتْهَا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُفْصَلْ بَيْنَهُمَا بِزَمَنٍ كَثِيرٍ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ) أَيْ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ أَمْ لَا الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا التَّعْمِيمِ وَإِبْدَالُهُ بِقَوْلِهِ رَضِيَا بِالْحَوْزِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ إشْهَادَ الْوَاهِبِ عَلَى الْهِبَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ حَوْزِهِمَا لِلْمَوْهُوبِ لَهُ كَمَا عَلِمْت.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَوْزَ الْمُخْدَمِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ صَحِيحٌ مُطْلَقًا عَلِمَا بِالْهِبَةِ أَمْ لَا تَقَدَّمَ الْإِخْدَامُ وَالْإِعَارَةُ عَلَى الْهِبَةِ بِقَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ، رَضِيَا بِالْحَوْزِ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ أَمْ لَا فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِمَا لَا تَحَوُّزَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُشْهِدَ الْوَاهِبُ عَلَى الْهِبَةِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ حَوْزُهُمَا لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْإِطْلَاقِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ حَيْثُ قَيَّدَ صِحَّةَ حَوْزِهِمَا لَهُ بِمَا إذَا عَلِمَا بِالْهِبَةِ وَرَضِيَا بِالْحَوْزِ لَهُ وَنِسْبَةُ الْمَوَّاقِ هَذَا التَّقْيِيدَ لِلْمُدَوَّنَةِ سَهْوٌ مِنْهُ كَمَا قَالَ طفى؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ وَلَا تَقْيِيدَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ) أَيْ لَا فِي بُطْلَانِ الْهِبَةِ وَلَا الْإِخْدَامِ وَلَا الْإِعَارَةِ وَحِينَئِذٍ يَبْقَى الْعَبْدُ تَحْتَ يَدِ الْمُخْدَمِ بِالْفَتْحِ، أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>