للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ) مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جَلْدٍ إذَا فَعَلَ مَا يَقْتَضِيهَا وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَيْهِ لِغَيْبَةِ سَيِّدِهِ.

(وَضَمِنَهُ) الْمُلْتَقِطُ (إنْ أَرْسَلَهُ) بَعْدَ أَخْذِهِ وَلَوْ خَوْفًا مِنْ شِدَّةِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَيْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِرْسَالِ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ إنْ هَلَكَ الْعَبْدُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ (لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَنْ يَقْتُلَهُ، أَوْ يُؤْذِيَهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا أَرْسَلَهُ لِلْخَوْفِ مِنْهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَشُبِّهَ فِي الضَّمَانِ قَوْلُهُ (كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْآبِقَ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ مُلْتَقِطِهِ (فِيمَا) أَيْ فِي عَمَلٍ (يَعْطَبُ فِيهِ) وَعَطِبَ فَإِنْ سَلِمَ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ أَبَقَ أَمْ لَا.

وَعَطَفَ عَلَى أَرْسَلَهُ قَوْلَهُ (لَا) يَضْمَنُ الْمُلْتَقِطُ (إنْ أَبَقَ) الْعَبْدُ بِفَتْحِ الْبَاءِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ (وَإِنْ) كَانَ الْعَبْدُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ آبِقًا (مُرْتَهَنًا) بِالْفَتْحِ أَيْ فِي دَيْنٍ فَأَبَقَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالْكَسْرِ (وَحَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَبَقَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنِّي، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الْآبِقِ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا يُتَّهَمُ بِالتَّفْرِيطِ لِضَيَاعِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ.

(وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ) مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَأَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ (وَأَخَذَهُ) مُدَّعِيهِ حَوْزًا لَا مِلْكًا (إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ) أَنَّهُ عَبْدِي (إنْ صَدَّقَهُ) الْعَبْدُ عَلَى دَعْوَاهُ وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالِاسْتِينَاءِ فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا جَاءَ بِهِ أَخَذَهُ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ وَأَخَذَهُ الْمُفِيدُ لِلْحَوْزِ وَقَالَ فِيمَا قَبْلَهُ وَاسْتَحَقَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ وَمَفْهُومُ صَدَّقَهُ أَنَّهُ إنْ كَذَّبَهُ أَخَذَهُ أَيْضًا إنْ وَصَفَهُ وَلَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ، أَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ.

(وَلْيَرْفَعْ) مُلْتَقِطُ الْعَبْدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَيُعْطَى ثَمَنَهَا.

(قَوْلُهُ: وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ) أَيْ يُقِيمُهَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جَلْدٍ) أَيْ أَوْ رَجْمٍ لِلِوَاطٍ فَاعِلًا كَانَ، أَوْ مَفْعُولًا وَانْظُرْ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مُوجِبُ الْقَتْلِ وَقُتِلَ هَلْ تَضِيعُ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ إمَامٍ وَمُلْتَقِطٍ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ لَا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَرْسَلَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ سَوَاءٌ أَرْسَلَهُ قَبْلَ السَّنَةِ، أَوْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَيْ أَوْ خَوْفٍ مِنْ السُّلْطَانِ بِسَبَبِ أَخْذِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ، أَوْ يَأْخُذَ مَالَهُ، أَوْ يَضْرِبَهُ وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ ضَعِيفًا لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ إذَا أَرْسَلَهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَفْعُهُ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَا يُرْسِلُهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ مَعَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ ضَمِنَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ بِحِيلَةٍ، أَوْ بِحَارِسٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُرْسِلُهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ بِالْأُجْرَةِ كَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ حِفْظِهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلٍ خَفِيفٍ مِثْلِ سَقْيِ دَابَّةٍ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ فِي نَظِيرِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَطِبَ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيجَارِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) أَيْ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِمَا اسْتَأْجَرَ بِهِ وَإِنْ دَفَعَ لَهُ وَعَلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ قَائِمَةً وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ.

. (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبَقَ مِنْهُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ آبِقًا، ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِهِ أَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَهُ، أَوْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا فَرَّطَ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ يَأْبَقُ فِي مِثْلِهَا فَأَبَقَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْبَاءِ) أَيْ وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: ١٤٠] . وَفِي مُضَارِعِهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالضَّمُّ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمَنَعَ وَدَخَلَ. (قَوْلُهُ: لَا بِقَيْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ فِي عَبْدٍ آبِقٍ أَخَذَهُ إنْسَانٌ، ثُمَّ إنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ وَانْتَقَلَ مِنْهُ لِعَبْدٍ غَيْرِ آبِقٍ أَخَذَهُ إنْسَانٌ رَهْنًا فِي دَيْنٍ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ مُرْتَهَنًا بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ مُرْتَهَنًا قَبْلَ إبَاقِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا اسْتِخْدَامَ. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ تَلَفَهُ، أَوْ ضَيَاعَهُ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) أَيْ بَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدِي مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّهَمُ الْمُرْتَهِنُ فِي إضَاعَتِهِ وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ عَبْدًا لَمْ يَعْرِفْ سَيِّدَهُ فَحَضَرَ إنْسَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ وَأَوْلَى مِنْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِهِمَا الشَّاهِدَانِ؛ يَسْتَحِقُّهُ بِشَهَادَتِهِمَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ مُدَّعِيهِ حَوْزًا لَا مِلْكًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ وَلَا مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَإِنْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا. (قَوْلُهُ: إنْ صَدَّقَ الْعَبْدُ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَفَ السَّيِّدُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَمْ لَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بَعْدَ أَنْ صَدَّقَ أَنَّهُ لِمُدَّعِيهِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ ثَانِيًا لِغَيْرِ مَنْ صَدَّقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالِاسْتِينَاءِ) أَيْ الْإِمْهَالِ فِي الدَّفْعِ لَهُ، وَالِاسْتِينَاءُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ ذَلِكَ الِاسْتِينَاءِ مَعَ كَوْنِ الدَّفْعِ لَهُ حَوْزًا لَا مِلْكًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ إلَخْ) هَذَا ثَمَرَةُ كَوْنِ الْأَخْذِ حَوْزًا لَا مِلْكًا. (قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ) أَيْ وَلِكَوْنِ الْأَخْذِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ حُلِّفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ وَلَمَّا كَانَ الْأَخْذُ هُنَا حَوْزًا سَقَطَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ كَذَا قَالَ عبق. (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَفَ ذَلِكَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>