للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ فَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ إلَّا لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ جُلُوسَهُ فِيهَا كَمَا فِي مِصْرَ يَوْمَ خُرُوجِ الْحَاجِّ وَقُدُومِهِ فَإِنَّ الْجَمَّالِينَ يَأْخُذُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ وَإِذَا غَفَلَ عَنْهُمْ هَرَبُوا، أَوْ أَنْكَرُوا.

(وَ) جَازَ لَهُ (اتِّخَاذُ حَاجِبٍ وَبَوَّابٍ) عَدْلَيْنِ لِمَنْعِ دُخُولِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ وَتَأْخِيرِ مَنْ جَاءَ بَعْدُ حَتَّى يَفْرُغَ السَّابِقُ مِنْ قَضِيَّتِهِ.

(وَبَدَأَ) الْقَاضِي أَوَّلَ وِلَايَتِهِ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا بَعْدَ النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ لِيُبْقِيَ مَنْ كَانَ عَدْلًا وَيَطْرُدَ مَنْ كَانَ فَاسِقًا (بِمَحْبُوسٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ مِنْ إرْسَالٍ، أَوْ إبْقَاءٍ أَوْ تَحْلِيفٍ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الشَّرْعُ فِيمَا حُبِسَ فِيهِ (ثُمَّ) بِالنَّظَرِ فِي حَالِ (وَصِيٍّ) عَلَى يَتِيمٍ هَلْ هُوَ مُحْسِنٌ فِي تَرْبِيَتِهِ وَمَالِهِ أَمْ لَا (وَمَالِ طِفْلٍ) أَنَّهُ وَصِيٌّ أَمْ لَا (وَمُقَامٍ) أَيْ وَفِي حَالِ مُقَامٍ أَقَامَهُ عَلَى مَحْجُورٍ قَاضٍ قَبْلَهُ (ثُمَّ) فِي (ضَالٍّ) وَمِنْهُ اللُّقَطَةُ (وَنَادَى) أَيْ أَمَرَ أَنْ يُنَادَى فِي عَمَلِهِ (بِمَنْعِ مُعَامَلَةِ يَتِيمٍ وَسَفِيهٍ) لَا وَصِيَّ لَهُمَا وَلَا مُقَامَ (وَرَفْعِ أَمْرِهِمَا إلَيْهِ) لِيَنْظُرَ فِي شَأْنِهِمَا وَيُوَلِّيَ عَلَيْهِمَا مَنْ يَصْلُحُ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ (فِي الْخُصُومِ) لِلْقَضَاءِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي بَيَانُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلْيُسَوِّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ.

(وَرَتَّبَ كَاتِبًا) عِنْدَهُ يَكْتُبُ وَقَائِعَ الْخُصُومِ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا (عَدْلًا شَرْطًا) أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ تَرْتِيبَهُ شَرْطٌ (كَمُزَكٍّ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ (وَاخْتَارَهُمَا) مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بِحَيْثُ يَكُونَانِ أَعْدَلَ الْمَوْجُودِينَ وَالْمُرَادُ بِالْمُزَكِّي هُنَا مُزَكِّي السِّرِّ الَّذِي يُخْبِرُ الْقَاضِيَ بِحَالِ الشُّهُودِ لَا مُزَكِّي الْبَيِّنَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: أَيْ فَيُكْرَهُ جُلُوسُهُ) أَيْ لِلْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ يَعْنِي يَوْمَ الْعِيدِ وَمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: وَاِتِّخَاذُ حَاجِبٍ) هُوَ بَوَّابُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَبَوَّابٍ أَيْ مُلَازِمٍ لِبَابِ الْبَيْتِ الْبَرَانِيِّ وَقَوْلُهُ: لِمَنْعِ دُخُولِ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ هَذَا مِنْ وَظِيفَةِ الْبَوَّابِ الْمُلَازِمِ لِبَابِ الْبَيْتِ الْبَرَانِيِّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: وَتَأْخِيرِ مَنْ جَاءَ إلَخْ هَذَا مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاجِبِ وَهُوَ بَوَّابُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْلِسُ فِيهِ الْقَاضِي فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: وَبَدَأَ الْقَاضِي أَوَّلَ وِلَايَتِهِ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا إلَخْ) الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَالِاسْتِحْبَابُ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمَازِرِيِّ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: بَعْدَ النَّظَرِ فِي الشُّهُودِ) أَيْ الْمُلَازِمِينَ لَهُ لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِهِ وَعَلَى إقْرَارِ الْخُصُومِ وَإِنْكَارِهِمْ عَلَى مَا يَدَّعُونَ بِهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّظَرِ إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَدَأَ بِمَحْبُوسٍ أَيْ بُدَاءَةً إضَافِيَّةً لَا حَقِيقِيَّةً. (قَوْلُهُ: أَيْ بِالنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانُوا مَحْبُوسِينَ فِي الدِّمَاءِ، أَوْ غَيْرِهَا وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَيْ بِالْمَحْبُوسِ فِي دَعَاوَى الدِّمَاءِ لِمَا ذَكَرُوا أَنَّهَا أَوَّلُ مَا يَقْضِي فِيهِ الْحَقُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ إرْسَالٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي ضَالٍّ) أَيْ فِي مَالٍ ضَالٍّ أَيْ فَيَنْظُرُ هَلْ أَتَى رَبُّهُ أَمْ لَا فَيُرَتِّبَ عَلَى ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ مِنْ إبْقَاءٍ، أَوْ بَيْعٍ، أَوْ صَرْفٍ فِي مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: وَنَادَى بِمَنْعِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِالنِّدَاءِ فِي عَمَلِهِ أَنَّ كُلَّ يَتِيمٍ لَمْ يَبْلُغْ لَا وَصِيَّ لَهُ فَقَدْ حَجَرْت عَلَيْهِ وَكُلَّ سَفِيهٍ مُسْتَوْجِبٍ لِلْوِلَايَةِ فَقَدْ مَنَعْت النَّاسَ مِنْ مُدَايِنَتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ وَكُلَّ مَنْ عَلِمَ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْهُمَا فَلْيَرْفَعْهُ إلَيْنَا لِنُوَلِّيَ عَلَيْهِ فَمَنْ دَايَنَهُ، أَوْ بَاعَ مِنْهُ، أَوْ ابْتَاعَ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْمُنَادَاةِ انْكِفَافُ النَّاسِ عَنْهُمَا لَكِنْ فِي السَّفِيهِ تَمْضِي مُعَامَلَاتُهُ الْحَاصِلَةُ قَبْلَ النِّدَاءِ وَأَمَّا الْحَاصِلَةُ بَعْدَهُ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ وَأَمَّا الْيَتِيمُ فَهِيَ مَرْدُودَةٌ قَبْلَ النِّدَاءِ وَبَعْدَهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ " مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ فِي خُصُوصِ السَّفِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ رُتْبَةَ الْمُنَادَاةِ فِي رُتْبَةِ النَّظَرِ فِي أَمْرِهِمَا فَهِيَ مُؤَخَّرَةٌ عَنْ النَّظَرِ فِي الْمَحْبُوسِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّبْصِرَةِ وَحُكْمُ الْمُنَادَاةِ الْمَذْكُورَةِ النَّدْبُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ بَهْرَامَ وتت وَالْوُجُوبُ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ التَّبْصِرَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَنْظُرُ فِي الْخُصُومِ) هَذِهِ مَرْتَبَةٌ رَابِعَةٌ وَظَاهِرُهُ تَأْخِيرُ النَّظَرِ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ مُسَافِرُونَ يَخْشَوْنَ فَوَاتَ الرُّفْقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالنَّظَرُ فِيمَا بَيْنَ الْخُصُومِ يَكُونُ فِي أَيِّ يَوْمٍ مَا عَدَا الْأَوْقَاتَ السَّابِقَةَ وَأَمَّا النِّدَاءُ وَمَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ حِينَ التَّوْلِيَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: يَكْتُبُ وَقَائِعَ الْخُصُومِ) أَيْ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وُجُوبًا) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ نَدْبًا وَهُوَ مَا فِي ح. (قَوْلُهُ: أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَرْطًا حَالٌ مِنْ الْعَدَالَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ عَدْلًا لَا مِنْ التَّرَتُّبِ الْمَفْهُومِ مِنْ رَتَّبَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ تَرْتِيبَهُ شَرْطٌ) أَيْ فِي تَوْلِيَتِهِ، أَوْ فِي صِحَّةِ حُكْمِهِ. (قَوْلُهُ: الَّذِي يُخْبِرُ الْقَاضِيَ بِحَالِ الشُّهُودِ) أَيْ يُخْبِرُ الْقَاضِيَ سِرًّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِحَالِ شُهُودِهِ الْمُلَازِمِينَ لَهُ لِيَشْهَدُوا عَلَى أَحْكَامِهِ وَعَلَى إقْرَارِ الْخُصُومِ وَيَسْتَنِيبَهُمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ لِسَمَاعِ الدَّعَاوَى.

فَإِنْ قُلْت حَيْثُ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمُزَكِّي هُنَا مُزَكِّيَ السِّرِّ فَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ بِمَا يُقَالُ فِي سِيرَتِهِ وَحُكْمِهِ وَشُهُودِهِ.

قُلْت أَعَادَهُ لِإِفَادَةِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ عَدْلًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَاِتِّخَاذُ مَنْ يُخْبِرُهُ إلَخْ إلَى حُكْمِ تَرْتِيبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>