(وَ) يَشْهَدُونَ (أَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا) أَيْ رَأَوْا ذَلِكَ وَيَزِيدُونَ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ زِيَادَةً فِي التَّشْدِيدِ وَطَلَبًا لِحُصُولِ السَّتْرِ (وَ) جَازَ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ وَقْتَ التَّحَمُّلِ (النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ) قَصْدًا لِيَعْلَمَ كَيْفَ يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً عُدُولًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا جَوَّزُوا رُؤْيَةَ الْعَوْرَةِ هُنَا وَمَنَعُوهَا النِّسَاءَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ وَجَعَلُوا الْمَرْأَةَ مُصَدَّقَةً وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَدَّدُوا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا مَا لَمْ يُشَدِّدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ أَبَاحُوا لَهُمْ ذَلِكَ لِتَتِمَّ لَهُمْ الشَّهَادَةُ (وَنُدِبَ) لِلْحَاكِمِ (سُؤَالُهُمْ) عَمَّا لَيْسَ شَرْطًا فِي الشَّهَادَةِ نَحْوُ هَلْ كَانَا رَاقِدَيْنِ أَوْ لَا وَهَلْ كَانَا فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ أَوْ الْغَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا كَانَ شَرْطًا فِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِهِ عَنْهُ وُجُوبًا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ عَلَى قَوْلٍ وَكَاتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ (كَالسَّرِقَةِ) يُنْدَبُ سُؤَالُ شَاهِدِيهَا (مَا هِيَ) أَيْ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ هِيَ (وَكَيْفَ أُخِذَتْ) أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ أُخِذَتْ لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى قَطْعِ الْيَدِ أَوْ عَدَمِهِ
وَذَكَرَ الْمَرْتَبَةَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ (وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آئِلٍ) أَيْ رَاجِعٍ (لَهُ) أَيْ لِلْمَالِ (كَعِتْقٍ) وَطَلَاقٍ غَيْرِ خُلْعٍ وَوَصِيَّةٍ بِغَيْرِ مَالٍ (وَرَجْعَةٍ) ادَّعَتْهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُنْكِرِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَإِنَّهُ أَدْخَلَهُ فَرْجَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِوَقْتٍ أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتٍ وَأَنَّهُ أَدْخَلَ إلَخْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَيْ رَأَوْا ذَلِكَ) الْأَوْلَى أَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ أَيْ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا فَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى التَّيَقُّنِ وَالتَّثَبُّتِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُونَ وُجُوبًا) أَيْ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ وَالْمَوَّاقُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ نَدْبًا أَيْ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ زِيَادَةً فِي التَّشْدِيدِ) أَيْ عَلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَتْرُكُونَ الشَّهَادَةَ.
(قَوْلُهُ وَطَلَبًا لِحُصُولِ السَّتْرِ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ أَيْ وَإِنَّمَا زِيدَ فِي التَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ طَلَبًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِكُلٍّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ تَتَوَقَّفُ عَلَى النَّظَرِ لَهُمَا وَنَشَأَ مِنْ هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِلْعَوْرَةِ مَعْصِيَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ بَلْ مَأْذُونٌ فِيهِ لِتَوَقُّفِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلِكُلٍّ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمْ الْإِقْرَارُ عَلَى الزِّنَا كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا سُرْعَةَ الرَّفْعِ خَشْيَةَ إحْدَاثِ عَدَاوَةٍ فِي النَّفْسِ مَعَ إثْبَاتِ الْحَدِّ لَكِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُمْ إذَا قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِعِصْيَانِهِمْ بِسَبَبِ عَدَمِ مَنْعِهِمْ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَدَّدُوا إلَخْ) قَدْ فَرَّقَ ابْنُ عَرَفَةَ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ غَيْرِ هَذَا الْأَوَّلُ أَنَّ الْحَدَّ حَقٌّ لِلَّهِ وَثُبُوتُ الْعَيْبِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ آكَدُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ سُرِقَ وَقُطِعَ يَمِينَ رَجُلٍ عَمْدًا يُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ الثَّانِي أَنَّ مَا لِأَجْلِهِ النَّظَرُ وَهُوَ الزِّنَا مُحَقَّقُ الْوُجُودِ أَوْ رَاجِحُهُ وَثُبُوتُ الْعَيْبِ مُحْتَمَلٌ عَلَى السَّوَاءِ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الزِّنَا وَهُوَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ مِنْ الْإِحَاطَةِ بِالنَّظَرِ لِلْفَرْجِ مَا يَسْتَلْزِمُهُ النَّظَرُ لِلْعَيْبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ هَلْ كَانَا) أَيْ وَقْتَ الزِّنَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَهُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَيَنْبَغِي إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا سَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَوَابِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ أُخِذَتْ) أَيْ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَأَيْنَ ذَهَبُوا بِهَا
(قَوْلُهُ كَعِتْقٍ إلَخْ) مَثَّلَ بِثَلَاثَةِ أَمْثِلَةٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَقْدًا لَازِمًا لَا يَحْتَاجُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ وَالسَّيِّدُ فِيهِ كَافٍ أَوْ عَقْدًا يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْكِتَابَةِ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَقْدٍ وَفِيهِ إدْخَالٌ فِي مِلْكٍ كَالرَّجْعَةِ وَمِثْلُهَا الِاسْتِلْحَاقُ وَالْإِسْلَامُ فَإِذَا ادَّعَى وَلَدٌ أَنَّ أَبَاهُ اسْتَلْحَقَهُ وَإِخْوَتُهُ مَثَلًا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا النَّصْرَانِيَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَرِثَهُ أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَقَوْلُهُ كَعِتْقٍ أَيْ ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَهُوَ يُنْكِرُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَطَلَاقٍ غَيْرِ خُلْعٍ) إنَّمَا أَخْرَجَ الْخُلْعَ لِعَدَمِ انْخِرَاطِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمُمَثَّلِ لَهُ بِالْعِتْقِ وَهُوَ الْعَقْدُ اللَّازِمُ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ قَبِيلِ الْعُقُودِ الَّتِي تَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْكِتَابَةِ فَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ خَالَعَهَا بِعَشْرَةٍ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَأَمَّا قَدْرُ الْخُلْعِ فَعَلَى أَصْلِ الْمَالِيَّاتِ وَكَذَا كَوْنُ الطَّلَاقِ بِخُلْعٍ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَوَصِيَّةٍ بِغَيْرِ مَالٍ) أَيْ كَالْوَصِيَّةِ عَلَى النَّظَرِ فِي أَوْلَادِهِ أَوْ تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ أَوْ قَسْمِ تَرِكَتِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَمِثْلُ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ بَلْ يَكْفِي الْعَافِي (قَوْلُهُ ادَّعَتْهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُنْكِرِ) أَيْ فَلَا بُدَّ لِثُبُوتِ مَا ادَّعَتْهُ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَأَمَّا ادِّعَاءُ الزَّوْجِ الرَّجْعَةَ فَإِنْ كَانَ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ مَقْبُولٌ وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا وَأَنْكَرَتْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى حُصُولِ الرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ فَالصَّوَابُ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَجْعَةٍ أَيْ ادَّعَتْهَا الزَّوْجَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute