(فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ جِنْسِ مُسْتَحِقِّهِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِينَ) وَهُمْ طَبَقَةُ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ (أَوْ) أَهْلِ (الْبَطْنِ الثَّانِي) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بَقِيَّةِ أَيْ هَلْ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ أَهْلُ طَبَقَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ النَّاكِلِينَ لِأَنَّ نُكُولَهُمْ عَنْ الْحَلِفِ أَوْ لَا عَنْ نَصِيبِهِمْ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُمْ نَصِيبَ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ أَوْ يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي لِبُطْلَانِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِنُكُولِهِمْ وَأَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا تَلْقَوْهُ عَنْ جَدِّهِمْ الْمُحْبَسِ فَلَا يَضُرُّهُمْ نُكُولُ أَبِيهِمْ إنْ كَانَ أَبُوهُمْ هُوَ النَّاكِلُ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الثَّانِي وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ غَيْرُ وَلَدِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ يَأْخُذُ بِالْوِرَاثَةِ عَنْ أَبِيهِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَبَدَأَ بِذِكْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لِشَبَهِهَا لَهُ لِكَوْنِهَا نَقْلًا لِحُكْمِهِ فَقَالَ (وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى حَاكِمٍ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي) أَوْ حَكَمْت بِكَذَا (إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) لَهُمَا بِأَنْ قَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَى حُكْمِي وَسَوَاءٌ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ أَوْ الْعَامَّةِ كَثُبُوتِ رَمَضَانَ (كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ شَهَادَةِ النَّقْلِ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى حَاكِمٍ أَيْ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى شَاهِدٍ بِحَقٍّ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ وَبِمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) (رَآهُ يُؤَدِّيهَا) عِنْدَ قَاضٍ فَيَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ إذْ سَمَاعُهُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَاضٍ مُنَزَّلٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الشَّاهِدُ الْأَصْلِيُّ يَقُولُ لِآخَرَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخَاطَبُ أَوْ غَيْرَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَقْلَ النَّقْلِ إذْ قَوْلُهُ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَلَوْ تَسَلْسَلَ
ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ النَّقْلِ بِقَوْلِهِ (إنْ غَابَ الْأَصْلُ) الْمَنْقُولُ عَنْهُ (وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ (رَجُلٌ) فَالْأُنْثَى يُنْقَلُ عَنْهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ وَإِلَّا يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَ نُكُولِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَحَبْسٌ أَيْ فَالْمُتَنَازَعُ فِيهِ حَبْسٌ فِي الْفَرْعَيْنِ وَبِهَذَا حَلَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ مُسْتَحِقِّ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ أَيْ جِنْسَ مُسْتَحِقِّهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ جِنْسِيَّةٌ فَتُصَدَّقُ بِمُتَعَدِّدٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا لِدَفْعِ مَا يُقَالُ إنَّ مُسْتَحِقَّهُ مُفْرَدٌ فَكَيْفَ يُبَيِّنُهُ بِمُتَعَدِّدٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُسْتَحِقِّيهِ (قَوْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ بَقِيَّةٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْئًا إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْئًا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ النَّاكِلِينَ اتِّفَاقًا وَجَعَلَ الشَّارِحُ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ مَوْتَ الْبَعْضِ الْحَالِفِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّاكِلُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا مَاتَ بَعْضُ مَنْ حَلَفَ وَبَقِيَ مِنْهُمْ بَعْضٌ مَعَ النَّاكِلِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنَّاكِلِينَ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ بَقِيَّةُ الْحَالِفِينَ وَهَلْ يَحْلِفُونَ أَيْضًا أَوْ لَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُمْ بِعَقْدِ الْحَبْسِ عَنْ الْوَاقِفِ أَوْ أَخْذَهُمْ كَالْمِيرَاثِ عَنْ الْمَيِّتِ وَهَذَا أَحَدُ تَقَرُّرَيْنِ ذَكَرَهُمَا عج وَالثَّانِي يَجْعَلُ التَّرَدُّدَ جَارِيًا فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقِيلَ إنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَنْ حَلَفَ وَمَنْ نَكَلَ وَقِيلَ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي خَاصَّةً.
(قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ بِعَقْدِ الْحَبْسِ عَنْ الْوَاقِفِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَقِيلَ إنَّ أَخْذَ الْمُسْتَحِقِّ كَالْمِيرَاثِ عَنْ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَحِقَّ يَمِينٌ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي بَقِيَّةِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَفِي أَهْلِ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ ابْنُ الْوَاقِفِ وَغَيْرُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ يَأْخُذُهُ بِالْوِرَاثَةِ عَنْ أَبِيهِ) أَيْ وَحِصَّةُ أَبِيهِ قَدْ ثَبَتَتْ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ
(قَوْلُهُ لِشَبَهِهَا لَهُ) أَيْ لِشَبَهِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهَا أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ نَقْلًا لِحُكْمِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي) أَيْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ هِلَالُ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ أَيْ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالْعَامَّةِ كَالثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ حَكَمْت بِكَذَا) أَيْ بِطَلَاقِ زَوْجَةِ فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) أَيْ فَإِنْ أَشْهَدَهُمَا جَازَ لَهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِشْهَادُ تَعْدِيلًا مِنْهُ لِلشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُمَا وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْهُمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ لِاحْتِمَالِ تَسَاهُلِهِ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ كَذَا أَوْ حَكَمَ بِكَذَا فَإِذَا شَهِدَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَهُمَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةً (قَوْلُهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) هَذَا هُوَ الْمَحْذُوفُ الَّذِي مَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَشَهِدَ عَلَى شَهَادَتِي خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُمَثَّلَ لَهُ شَاهِدٌ لِأَنَّهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى حَاكِمٍ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِشْهَادٍ مِنْهُ أَيْ إلَّا إذَا حَصَلَ إشْهَادٌ مِنْهُ أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا رَآهُ يُخْبِرُ بِهَا غَيْرَ قَاضٍ فَلَا يُنْقَلُ عَنْهُ وَلَا يُقْبَلُ نَقْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشُّهُودِ وَهِيَ شَهَادَةُ النَّقْلِ تَجُوزُ فِي الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَلَاءِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا أَفَادَهُ بْن (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) قَالَ الْمَوَّاقُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ سَمِعَهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ سَمِعَهُ يُشْهِدُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَقْلَ النَّقْلِ إلَخْ)