(فَإِنْ قَضَى) الْمَطْلُوبُ السَّلَفَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَجَحَدَهُ الطَّالِبُ وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ حَلَفَ مَا أَسْلَفْتنِي وَ (نَوَى) فِي ضَمِيرِهِ (سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ) الْآنَ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ
(وَإِنْ) (قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِيَدِهِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لِلْمُدَّعِي هُوَ (وَقْفٌ أَوْ) هُوَ (لِوَلَدِي) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ (لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ) لِذَلِكَ الشَّيْءِ (مِنْ) إقَامَةِ (بَيِّنَتِهِ) لَكِنْ لَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ تَتَوَجَّهُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَوْ عَلَى الِابْنِ الْكَبِيرِ أَوْ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَقَدْ يَكُونُ هُوَ الْأَبُ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُ
(وَإِنْ) (قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ (لِفُلَانٍ) (فَإِنْ حَضَرَ) فُلَانٌ الْمُقَرُّ لَهُ (ادَّعَى عَلَيْهِ) فَإِنْ كَذَّبَ الْمُقِرَّ رَجَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْمُقِرِّ وَإِنْ قَالَ نَعَمْ هُوَ لِي فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ أَوْ لَا (فَإِنْ حَلَفَ) أَنَّهُ لَهُ أَخَذَهُ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ لَهُ وَالْيَمِينِ وَحِينَئِذٍ (فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ) أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ هُوَ حَقٌّ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَتَمَّ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (وَإِنْ نَكَلَ) الْمُقِرُّ (حَلَفَ) الْمُدَّعِي (وَغَرِمَ) الْمُقِرُّ لِلْمُدَّعِي (مَا فَوَّتَهُ) عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مِنْ قِيمَتِهِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَأَمَّا لَوْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ وَيُثْبِتُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَذُكِرَ قَسِيمٌ فَإِنْ حَضَرَ بِقَوْلِهِ (أَوْ غَابَ) وَلَوْ قَالَ وَإِنْ غَابَ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُقَابَلَةِ أَيْ وَإِنْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْبَةً بَعِيدَةً لَا يُعْذَرُ لَهُ فِيهَا (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا (يَمِينٌ) أَنَّ إقْرَارَهُ لِلْغَائِبِ حَقٌّ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إبْطَالَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ (أَوْ بَيِّنَةٌ) تَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَيَبْقَى الْمُقَرُّ بِهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ لِحُضُورِ الْمُقَرِّ لَهُ (وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ) إذَا حَضَرَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذْ الْمُدَّعِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بَيِّنَتِهِ (فَإِنْ) (نَكَلَ) الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (أَخَذَهُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَضَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَقَضَاهُ لَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْمَالِ وَطَلَبَ الْمُقْتَرِضَ بِالْمَالِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي فَطَلَبَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ وَيَنْوِي فِي قَلْبِهِ سَلَفًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ وَمِنْ الدَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ حِينَ طَلَبَهُ مِنْهُ رَدَدْته عَلَيْك لَزِمَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الرَّدِّ، فَإِنْ قُلْت الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَنِيَّةُ الْمُحَلِّفِ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ أَصْلًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ السَّلَفُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتِلْكَ الْيَمِينِ وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُمْ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لَا الْحَالِفِ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُحَلِّفِ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِذَا كَانَ لِلْمُحَلِّفِ حَقٌّ فَلَا يَنْفَعُ الْحَالِفَ فِي ذَلِكَ نِيَّةٌ وَلَا تَوْرِيَةٌ وَلَا اسْتِثْنَاءٌ بِإِجْمَاعٍ وَيَكُونُ آثِمًا بِيَمِينِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْوَعِيدِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ» اُنْظُرْ بْن وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُعْسِرُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا خَافَ أَنْ يُحْبَسَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ كَذَلِكَ أَيْ مَا أَسْلَفْتنِي وَيَنْوِي سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ الْآنَ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ مَا دَامَ عَلَى حَالِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا فِي عج نَقْلًا عَنْ قَوَاعِدِ الْمُقْرِي وَلَا يُقَالُ هَذِهِ الْيَمِينُ وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ فِي الْوَاقِعِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَنْفَعُ فِيهَا وَيَكُونُ آثِمًا لِأَنَّا نَقُولُ الْمُعْسِرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ الْوَفَاءِ
(قَوْلُهُ أَوْ لَوَلَدِي) أَيْ أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ) أَيْ لَمْ يُمْنَعْ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَتِهِ بِسَبَبِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ لِفُلَانٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ الرَّشِيدُ أَوْ مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِهِ لِسَفَهِهِ هُوَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ أَيْ وَأَعَارَهُ لِي أَوْ آجَرَهُ لِي أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي وَلَا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا وَحَلَفَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّ فِيهَا لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةً (قَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَقَوْلُهُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَيْ نُقِلَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ رَجَعَتْ الدَّعْوَى) عَلَى الْمُقِرِّ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَخَذَهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ بَقِيَ بِيَدِهِ حَوْزًا عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي وَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ نَعَمْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ نَعَمْ هُوَ لِي وَقَوْلُهُ فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ أَيْ فَإِنْ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ حَقٌّ لَهُ بَرِئَ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِي فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ حَلَفَ أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ لَهُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ حَقِّي وَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ مَعَ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ) أَيْ لَهُ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ بِالنُّكُولِ أَيْ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ وَالْحَلِفِ أَيْ حَلِفِ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا (قَوْلُهُ إنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ) أَيْ أَوْدَعَهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُقِرِّ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَعَارَهُ لَهُ قَالَ بْن وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ بِالْمِلْكِيَّةِ لَازِمًا بَلْ يَكْفِي فِي بَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ وَرَدِّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمُجَرَّدَةِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِالْإِيدَاعِ وَنَحْوِهِ كَالرَّهِينَةِ وَالْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute