أَوْ جَهِلَ كَوْنَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ مِلْكُهُ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ إكْرَاهٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَمِنْ الْعُذْرِ الصِّغَرُ وَالسَّفَهُ (عَشْرَ سِنِينَ) مَعْمُولٌ لَحَازَ وَمَا بَعْدَهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِهَا وَالْعَشْرُ سِنِينَ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذَا الطُّولُ كَمَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ وَكَذَا التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ الْمَذْكُورُ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (وَلَا بَيِّنَتُهُ) الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُكَذِّبُهُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ الْحَائِزِ لِجَرْيِ الْعَادَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْكُتُ عَنْ مِلْكِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْحِيَازَةُ كَالْبَيِّنَةِ الْقَاطِعَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَابْنُ نَاجِيٍّ وَفِي ابْنِ عُمَرَ إنَّمَا تَنْفَعُهُ الْمُنَازَعَةُ إذَا كَانَتْ عِنْدَ قَاضٍ (قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ كَوْنَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ مِلْكَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَا عِلْمَ لِي بِأَنَّهُ مِلْكِي وَمَا وَجَدْت الْوَثِيقَةَ إلَّا الْآنَ عِنْدَ فُلَانٍ قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ لِغَيْبَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ غَيْبَةِ الْوَثِيقَةِ الْعَالِمِ بِهَا فَحِينَ حَضَرَتْ بَعْدَ الْعَشْرِ سِنِينَ قَامَ بِهَا فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فَفِي ح نَقْلًا عَنْ الْجُزُولِيِّ إذَا قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا مِلْكِي وَلَكِنْ مَنَعَنِي مِنْ الْقِيَامِ عَدَمُ الْبَيِّنَةِ وَالْآنَ وَجَدْت الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا عُذْرًا لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ لَهُ إذَا نَازَعَهُ أَوْ يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ هُوَ وَكَذَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ الصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتَرِفِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يَتَيَسَّرُ فِيهِ مَنْ يَزْجُرُ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ الْحِيَازَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْأَحْكَامِ وَأَمَّا فِي الْبَادِيَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا حِيَازَةَ وَمِنْ ذَلِكَ خَوْفُ الْحَاضِرِ مِنْ سَطْوَةِ الْحَائِزِ أَوْ مِنْ سَطْوَةِ مَنْ اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْحَائِزُ وَلِذَا ذَكَرَ ح وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا حِيَازَةَ لِذِي الشَّوْكَاتِ وَالتَّغَلُّبِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ الْعُذْرِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ التَّكَلُّمِ الصِّغَرُ وَالسَّفَهُ بِخِلَافِ جَهْلِهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تُسْقِطُ الْحَقَّ وَتَقْطَعُ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ تَصَرُّفٌ وَحَاضِرٌ وَسَاكِتٌ وَبِلَا مَانِعٍ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَعْمُولًا لِحَازَ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِأَحَدِهَا وَبَاقِيهَا يَعْمَلُ فِي ضَمِيرِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّنَازُعِ فِي مِثْلِ هَذَا الْعَدَدِ وَإِلَّا فَيُقَدَّرُ مَعْمُولٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْعَوَامِلِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ضَمِيرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ وَتُصْرَفُ عَشْرَ سِنِينَ فِيهِ ضَعْفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِهَا بَلْ يَكْفِي فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا وَلَوْ فِي أَوَّلِهَا وَهَذَا التَّعَقُّبُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَشْرَ سِنِينَ مَعْمُولٌ لِحَازَ وَمَا بَعْدَهُ أَمَّا إنْ جُعِلَ مَعْمُولًا لِحَاضِرٍ سَاكِتٍ بِلَا مَانِعٍ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ كَوْنَ الْحِيَازَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَيْسَ ظَرْفًا لِتَصَرُّفٍ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ التَّعَقُّبُ (قَوْلُهُ وَالْعَشْرُ سِنِينَ) أَيْ وَالْحَوْزُ عَشْرُ سِنِينَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ وَقَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ تَحْدِيدَ الْحِيَازَةِ فِي الْعَقَارِ بِالْعَشْرِ نَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَعَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرَبِيعَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَا قَارَبَ الْعَشْرَ كَتِسْعٍ وَثَمَانٍ كَالْعَشْرِ وَقَالَ مَالِكٌ تُحَدُّ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَذَا التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الطُّولُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ بِالسُّكْنَى أَوْ الْإِسْكَانِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ الِاسْتِغْلَالِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ قَطْعِ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَتَحْصُلُ الْحِيَازَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَطْءِ وَلَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ وَلَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ إلَّا أَنَّهُ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ حَقِّهِ وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ كَانَ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ وَإِنْ قَامَ بَعْدَ عَامٍ وَنَحْوِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَخْتَلِفُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلَانِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) أَيْ سَمَاعًا مُعْتَدًّا بِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ سَمَاعِهَا رَأْسًا إذْ تُسْمَعُ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِ الْحَائِزِ لِلْمُدَّعِي أَوْ اعْتِقَادِ الْحَائِزِ أَنَّ مُجَرَّدَ حَوْزِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ يُوجِبُ لَهُ مِلْكَهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ وَثَائِقُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى مُدَّعِي الْمِلْكِيَّةِ (قَوْلُهُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) هِيَ أَرْبَعَةٌ أَوَّلُهَا أَنْ يَحْصُلَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْحَائِزِ تَصَرُّفٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute