أَيْ لَا يَصِحُّ حَوْزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (إلَّا بِكَهِبَةٍ) أَيْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّفْوِيتُ لِلذَّاتِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَالِاسْتِغْلَالِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا حِيَازَةَ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَطُولَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ (مَا) أَيْ زَمَانٌ (تَهْلَكُ) فِيهِ (الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ) أَيْ زَمَانٌ شَأْنُهُ ذَلِكَ نَحْوُ السِّتِّينَ سَنَةً وَالْحَائِزُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَالْآخَرُ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ بِلَا مَانِعٍ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَلَامٌ
ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ عَشْرَ سِنِينَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ) وَنَحْوُهَا مِنْ بَاقِي الْعَقَارِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَقَارِ لَكَانَ أَحْسَنَ (مِنْ غَيْرِهَا) كَعَرْضٍ وَدَوَابَّ (فِي) حِيَازَةِ (الْأَجْنَبِيِّ) وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ (فَفِي الدَّابَّةِ) تُسْتَعْمَلُ فِي رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ (وَ) فِي (أَمَةِ الْخِدْمَةِ) تُسْتَخْدَمُ (السَّنَتَانِ) فَلَا كَلَامَ لِلْمُدَّعِي الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَهُمَا وَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ (وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرْضٍ) غَيْرُ ثَوْبٍ كَأَوَانِي النُّحَاسِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ وَآلَاتِ الزَّرْعِ سَنَةٌ عَلَى السَّنَتَيْنِ وَأَمَّا ثَوْبُ اللُّبْسِ فَيَكْفِي فِيهِ الْعَامُ وَأَمَّا أَمَةُ الْوَطْءِ تُوطَأُ بِالْفِعْلِ فَتَفُوتُ بِحُصُولِهِ عَالِمًا سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ يَجْرِي عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي الْأَقَارِبِ لَا تَفْتَرِقُ بَيْنَ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْكُلِّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ عَامًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ وَلَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّ الْعَقَارَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ إذْ مِثْلُهُمَا الْإِجَارَةُ وَالْإِسْكَانُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ وَغَرْسُهُ حَيْثُ كَثُرَ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ زَمَنٍ تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الْعِلْمُ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقَارِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ الَّتِي تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالنُّحَاسِ وَالْبُسُطِ وَنَحْوِهَا تُسْتَعْمَلُ فَيَكْفِي فِيهَا الْعَشْرُ سِنِينَ بِخِلَافِ مَا لَا تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالثِّيَابِ تُلْبَسُ فَيَنْبَغِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَقَرِيبٍ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ لِرَبِّهِ أَخَذَ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يَمْضِ عَامٌ فَإِنْ مَضَى فَلَا ثَمَنَ لَهُ أَيْضًا إنْ كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَهُ الرَّدُّ بَعْدَ حُضُورِهِ وَعِلْمِهِ مَا لَمْ يَمْضِ عَامٌ فَإِنْ مَضَى فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ مِنْ الْبَيْعِ وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ أَيْضًا كَذَا ذَكَرُوا فَتَأَمَّلْهُ وَأَمَّا الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَمِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَوَالِيَ وَالْأَصْهَارَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كُلُّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَنَّهُمْ كَالْأَقَارِبِ فَلَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ إلَّا مَعَ الطُّولِ جِدًّا بِأَنْ تَزِيدَ مُدَّتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَسَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ بِالِاسْتِغْلَالِ بِالْكِرَاءِ أَوْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَقِيلَ إنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الِاسْتِغْلَالِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَقِيلَ كَالْأَجَانِبِ الشُّرَكَاءِ أَيْ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ لَا بِاسْتِغْلَالٍ أَوْ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ عَنْ الْأَصْهَارِ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ فَيَجْرِي فِيهِمْ مَا جَرَى فِي الْأَقَارِبِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَصْهَارٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَتْنِ
(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَصِحُّ حَوْزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ) أَيْ أَمَدُ الْحِيَازَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ مِنْ شَأْنِهِ تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَكَانَ حَقُّهُ عَطْفَهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قَبْلَهُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ مَعَهُمَا) أَيْ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَعَ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا مِنْ قَطْعِ شَجَرٍ أَوْ غَرْسٍ لَهُ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعُ وَالِاسْتِغْلَالُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تُعْتَبَرُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ إلَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ الْحَائِزِ مِنْهُمَا بِمَا يُفِيتُ الذَّاتَ أَوْ كَانَ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ جِدًّا كَالسِّتِّينَ سَنَةً وَالْآخَرُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ
(قَوْلُهُ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَأَمَّا الشَّرِيكُ فَاسْتِخْدَامُهُ الرَّقِيقَ وَرُكُوبَ الدَّابَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ شَرِيكِهِ وَلَوْ لِعَشْرِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكُونُ حِيَازَةُ الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ فِي حَقِّهِ بِالسَّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ تُسْتَعْمَلُ فِي رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْحَرْثِ وَالدَّرْسِ وَالسَّاقِيَّةِ وَالطَّاحُونِ وَاحْتُرِزَ عَنْ دَابَّةٍ لَا تُسْتَعْمَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَالْجَامُوسِ فَإِنَّهَا كَالْعَرْضِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى السَّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِخِدْمَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا كَتَجْرٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا أَمَةُ الْوَطْءِ تُوطَأُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوطَأْ فَهَلْ تَكُونُ كَأَمَةِ الْخِدْمَةِ لَا بُدَّ فِي حِيَازَتِهَا مِنْ سِنِينَ أَوْ يَكْفِي فِيهَا سَنَةٌ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ حُصُولِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ) أَيْ وَكَذَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْأَقَارِبِ) أَيْ غَيْرِ الْأَبِ وَابْنِهِ وَكَذَا الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ لَا تَفْتَرِقُ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ بَيْنَ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ نَحْوِ السِّتِّينَ سَنَةً (قَوْلُهُ لَا تَفْتَرِقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ بَيْنَ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ أَيْ وَهُوَ الْعُرُوض وَالْحَيَوَانُ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَقَارِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي حِيَازَتِهِ هَدْمٌ أَيْ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ أَيْ التَّصَرُّفُ بِخُصُوصِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْإِسْكَانُ) أَيْ وَكَذَلِكَ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ وَالِازْدِرَاعُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا فِي التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ بِأَنْ كَانَ كَالْكِرَاءِ أَوْ بِاسْتِعْمَالِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ إذَا حَضَرَ الْمَالِكُ مَجْلِسَهَا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute