وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ قَطْعُ وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ رَكْعَتَيْنِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْقَطْعِ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْقَطْعِ مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ وَأُعِيدَتْ الْجِنَازَةُ إنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا بِوَقْتِ مَنْعٍ مَا لَمْ تُدْفَنْ وَمَحَلُّ مَنْعِهَا أَوْ كَرَاهَتِهَا وَقْتَيْهِمَا مَا لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَهَا بِتَأْخِيرِهَا وَإِلَّا صُلِّيَ عَلَيْهَا بِلَا خَوْفٍ.
(وَجَازَتْ) الصَّلَاةُ (بِمَرْبِضٍ) أَيْ بِمَحَلِّ رُبُوضِ أَيْ بُرُوكِ (بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ) (كَ) جَوَازِهَا بِ (مَقْبَرَةٍ) مُثَلَّثُ الْبَاءِ وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ بِلَا حَائِلٍ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً مَنْبُوشَةً أَوْ لَا (وَلَوْ لِمُشْرِكٍ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي مَقْبَرَتِهِمْ (وَمَزْبَلَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ فِيهِ وَفِي تَالِيَيْهِ وَبِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَوْضِعُ طَرْحِ الزِّبْلِ (وَمُحَجَّةٍ) جَادَّةُ الطَّرِيقِ أَيْ وَسَطُهَا (وَمَجْزَرَةٍ) بِكَسْرِ الزَّايِ مَوْضِعُ الْجَزْرِ أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِذَلِكَ (إنْ أُمِنَتْ) هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ (مِنْ النَّجَسِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْخَطِيبُ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ فَأَحْرَمَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَأَحْرَمَ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وَسَوَاءٌ فِي الْكُلِّ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ (قَوْلُهُ: مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ) أَيْ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ أَيْ لَيْسَ لِكَوْنِ الْوَقْتِ لَا يَقْبَلُ الْعِبَادَةَ كَالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِ اللَّيْلِ لِأَنَّ الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَابِلَةٌ لِلصَّلَاةِ وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ زَمَنَ الْحَيْضِ بَلْ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ كَوْنُ السَّاجِدِ فِي وَقْتِ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ شَبِيهًا بِالسَّاجِدِ لِلشَّيْطَانِ وَالِاشْتِغَالِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهَا كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ النَّهْيَ هُنَا وَإِنْ كَانَ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِ الْعِبَادَةِ لَكِنَّهُ مُلَازِمٌ لِلْوَقْتِ فَكَانَ النَّهْيُ لِذَاتِ الْوَقْتِ فَلِذَا اسْتَظْهَرَ الْعَلَّامَةُ يَحْيَى الشَّاوِيُّ وَشَيْخُنَا الْبُطْلَانَ وَعَدَمُ الِانْعِقَادِ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي صَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْهُ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ وَلَا لِمَانِعٍ مِنْ الْعِبَادَةِ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُلَازِمٍ لِلْوَقْتِ وَهُوَ الْإِعْرَاضُ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ بَاطِلٌ وَغَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تُدْفَنْ) أَيْ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ فَإِذَا دُفِنَتْ فَلَا تُعَادُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا إعَادَةَ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ فِي الطِّرَازِ
(قَوْلُهُ: وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ فُرُشٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَالْمَرْبِضُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا مَحَلُّ رُبُوضِهَا أَيْ بُرُوكِهَا حِينَ الْقَيْلُولَةِ وَالْمَبِيتِ وَكَمَا يُسَمَّى مَحَلُّ بُرُوكِ الْغَنَمِ حِينَ الْقَيْلُولَةِ وَالْمَبِيتِ مَرْبِضًا يُسَمَّى أَيْضًا مَرَاحًا بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا حَائِلٍ) أَيْ هَذَا إذَا جُعِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ بَلْ وَلَوْ بِلَا حَائِلٍ يَجْعَلُهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَرْضِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْقَبْرِ) أَيْ هَذَا إذَا صَلَّى بَيْنَ الْقُبُورِ بَلْ وَلَوْ صَلَّى فَوْقَ الْقَبْرِ إنْ قُلْت سَيَأْتِي أَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ لَا يُمْشَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْبَشُ وَالصَّلَاةُ تَسْتَلْزِمُ الْمَشْيَ قُلْت يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْقَبْرُ غَيْرَ مُسَنَّمٍ وَالطَّرِيقُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: مَنْبُوشَةً أَوْ لَا) فِيهِ أَنَّ الْمَقْبَرَةَ إذَا نُبِشَتْ صَارَ التُّرَابُ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْهِ الدَّمُ وَالْقَيْحُ مِنْ الْمَوْتَى ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى عَلَى تُرَابٍ نَجِسٍ فَكَيْفَ يُحْكَمُ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِالْأَمْنِ مِنْ النَّجَاسَةِ بِأَنْ يَعْتَقِدَ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَةَ الْمَحَلِّ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ وَالْمَقْبَرَةُ إذَا نُبِشَتْ يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَقِدَ أَوْ يَظُنَّ طَهَارَةَ مَا صَلَّى عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ الْمَنْبُوشِ أَوْ أَنَّ الدَّمَ وَالصَّدِيدَ النَّازِلَ مِنْ الْمَوْتَى لَمْ يَعُمَّ التُّرَابَ أَوْ يُقَالَ إنَّ جَوَازَ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلِ وَهُوَ الطَّهَارَةُ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ فِي مَقْبَرَتِهِمْ) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ تَرْجِيحُ هَذَا الْقَوْلِ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَفِي تَالِيَيْهِ) أَيْ الْمَحَجَّةِ وَالْمَجْزَرَةِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ طَرْحِ الزِّبْلِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الزِّبْلِ بَلْ فِي مَحَلٍّ لَا زِبْلَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمُحَجَّةٌ) مِثْلُهَا فِي جَوَازِ الصَّلَاةِ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ قَارِعَةُ الطَّرِيقِ أَيْ جَانِبَهُ فَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ (قَوْلُهُ: مَوْضِعُ الْجَزْرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ عَلَى الدَّمِ بَلْ فِي مَحَلٍّ مِنْ الْمَجْزَرَةِ لَا دَمَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَفْرِشَ شَيْئًا طَاهِرًا يُصَلِّي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمِنَتْ مِنْ النَّجَسِ) أَيْ بِأَنْ تُحَقِّقَ أَوْ ظَنَّ طَهَارَةَ الْمَوْضِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مِنْهَا وَقَوْلُهُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ إنَّمَا جَعَلَ الْقَيْدَ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَهَا لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَهُوَ مَرْبِضُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ دَائِمًا مَأْمُونٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لِأَنَّ بَوْلَهَا وَرَجِيعَهَا طَاهِرَانِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَعْنَى لِرُجُوعِ الْقَيْدِ لَهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ بَوْلَهَا وَرَجِيعَهَا وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَكِنْ مَنِيَّهَا نَجِسٌ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الشَّرْطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute