فَقَتَلَ شَخْصٌ الْقَاتِلَ خَطَأً فَمُسْتَحِقُّ الدَّمِ يَسْتَحِقُّ الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ خَطَأً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ مَقَالٌ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ دَمَهُ صَارَ كَأَنَّهُ الْوَلِيُّ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ آخَرَ عَمْدًا فَقَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ الْقَاطِعِ خَطَأً فَلِمُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ دِيَةُ يَدِهِ مِنْ الْقَاطِعِ خَطَأً لِقَاطِعِ يَدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ (فَإِنْ أَرْضَاهُ) أَيْ أَرْضَى الْمُسْتَحِقَّ (وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ (الثَّانِي فَلَهُ) أَيْ فَيَصِيرُ دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي إنْ شَاءَ قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا (وَإِنْ) (فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ) عَمْدًا (أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ) مَثَلًا (وَلَوْ) حَصَلَ ذَلِكَ (مِنْ الْوَلِيِّ) الْمُسْتَحِقِّ لِقَتْلِهِ (بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ لَهُ) مِنْ الْحَاكِمِ فَأَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ الدَّاخِلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْقَاتِلِ (الْقَوَدُ) مِنْ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْقَاتِلِ مَعْصُومَةٌ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّ الدَّمِ فَأَوْلَى غَيْرُهُ الدَّاخِلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا (وَقَتَلَ الْأَدْنَى) صِفَةٌ (بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ) يُقْتَلُ (بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) ، فَالْحُرِّيَّةُ فِي الْكِتَابِيِّ أَدْنَى مِنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعَبْدِ لِشَرَفِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا يُقْتَلُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بِحُرٍّ كِتَابِيٍّ كَمَا مَرَّ (و) يُقْتَلُ (الْكُفَّارُ) مُطْلَقًا (بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَبَيَّنَ الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ (مِنْ كِتَابِيٍّ) يَهُودِيٍّ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ (وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ) اسْمُ مَفْعُولٍ، وَهُوَ مَنْ دَاخِلَ دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَخَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَدَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْمُشْرِكُونَ، وَالدَّهْرِيُّونَ، وَالْقَائِلُونَ بِالتَّنَاسُخِ، أَوْ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْنَافِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَهَذَا بِشَرْطِ التَّكَافُؤِ فِي الْحُرِّيَّةِ، أَوْ الرِّقِّيَّةِ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ (كَذَوِي الرِّقِّ) يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ فَيُقْتَلُ مُبَعَّضٌ، وَإِنْ قَلَّ جُزْءُ رِقِّهِ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بِقِنٍّ خَالِصٍ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لَهُمْ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ (وَذَكَرٌ) بِأُنْثَى (وَصَحِيحٌ) بِمَرِيضٍ (وَضِدُّهُمَا) بِهِمَا (وَإِنْ) (قَتَلَ عَبْدٌ) عَبْدًا مِثْلَهُ، أَوْ حُرًّا (عَمْدًا) وَثَبَتَ (بِبَيِّنَةٍ) مُطْلَقًا (أَوْ قَسَامَةٍ) فِي الْحُرِّ (خُيِّرَ الْوَلِيُّ) ابْتِدَاءً فِي قَتْلِ الْعَبْدِ وَاسْتِحْيَائِهِ (فَإِنْ) اخْتَارَ قَتْلَهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ (اسْتَحْيَاهُ فَلِسَيِّدِهِ) الْخِيَارُ ثَانِيًا فِي أَحَدِ أَمْرَيْنِ (إسْلَامُهُ) لِلْوَلِيِّ (أَوْ فِدَاؤُهُ) بِدِيَةِ الْحُرِّ، أَوْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ، أَوْ الْقَاتِلِ وَمَفْهُومٌ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ قَسَامَةٍ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ اسْتِحْيَاؤُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَطَعَ يَدَ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيرُهُ يَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ) أَيْ، أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ عَمْدًا الْمَقْتُولُ خَطَأً وَقَوْلُهُ (مَقَالٌ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ قِصَاصٌ لَا مَالٌ، وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ؛ (لِأَنَّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ لَمَّا اسْتَحَقَّ دَمَ هَذَا الْمَقْتُولِ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ الْوَلِيُّ) أَيْ كَأَنَّهُ وَلِيُّهُ، وَالْوَلِيُّ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَتَلَ شَخْصٌ الْقَاطِعَ عَمْدًا وَصَالَحَ ذَلِكَ الْقَاتِلَ، أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْقَاطِعِ عَلَى مَالٍ، أَوْ قَتَلَهُ خَطَأً وَوَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ فِي الْعَمْدِ وَقِيلَ لَهُ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَلَهُ اتِّفَاقًا، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَيْ أَرْضَى الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ، وَهُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَدَلَّ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرْضَاهُ إلَخْ عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ التَّخْيِيرِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يَتْبَعَ الْقَاتِلَ الثَّانِي فَيَقْتُلَهُ، أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَتْبَعَ وَلِيَّ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَرْضَاهُ كَانَ أَمْرُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِذَلِكَ الْوَلِيِّ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ الْوَلِيِّ، أَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَيْهِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ سُلِّمَ إلَيْهِ مِنْ الْحَاكِمِ لِيَقْتُلَهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَإِذَا قَيَّدَ لَهُ مِنْ الْوَلِيِّ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ الْفَقْءَ وَالْقَطْعَ بِالْعَمْدِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ فَلَهُ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَطَأُ فَلَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا دِيَتُهُ خَطَأً.
(قَوْلُهُ كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ إلَخْ) ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مُقْتَضَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَعَيُّنُ الْقَتْلِ هُنَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَخْذُ قِيمَتِهِ جَبْرًا، وَإِنَّمَا يَأْتِي التَّخْيِيرُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَ الْقِيمَةِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَالًا نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ يُقْتَلُ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) أَيْ وَأَوْلَى بِحُرٍّ مُسْلِمٍ، وَكَذَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَسْتَحْيِهِ الْأَوْلِيَاءُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا فِي بَابِ الْإِرْثِ، فَهُوَ مِلَلٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ) أَيْ مُؤْمِنِينَ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ كَالْحَرْبِيِّ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الْحَرْبِيُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كِتَابِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ قَتَلَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَتْلِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِشَرْطِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ) أَيْ كَافِرٌ وَقَوْلُهُ بِعَبْدٍ أَيْ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: يَقْتَصُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) أَيْ فَلَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ عَبْدٌ فَقَتَلَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَبْدَهُ فَفِي قَتْلِهِ بِهِ قَوْلَانِ وَفِي الزَّاهِيِّ لِابْنِ شَعْبَانَ لَا يُقْتَلُ سَيِّدٌ بِعَبْدِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ عَبْدًا اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَذَكَرٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى ذَوِي الرِّقِّ وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْأَدْنَى (قَوْلُهُ: وَضِدِّهِمَا بِهِمَا) أَيْ فَتُقْتَلُ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ وَيُقْتَلُ الْمَرِيضُ بِالصَّحِيحِ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُرِّ) أَيْ لَا فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَسَامَةَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: خَيَّرَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: إسْلَامُهُ لِلْوَلِيِّ) أَيْ فِي جِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ الْقَاتِلِ) قَالَ بْن الصَّوَابُ تَحْذِفُ قَوْلَهُ، أَوْ الْقَاتِلِ؛ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ) أَيْ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ اسْتِحْيَاؤُهُ أَيْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ لِاتِّهَامِ الْعَبْدِ عَلَى تَوَاطُئِهِ مَعَ