للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِلَّا) يَهْلِكُ الْمَقْصُودُ الْمُعَيَّنُ بَلْ هَلَكَ غَيْرُهُ، أَوْ قَصَدَ ضَرَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَهَلَكَ بِهَا إنْسَانٌ، أَوْ غَيْرُهُ (فَالدِّيَةُ) فِي الْإِنْسَانِ الْحُرِّ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَصْدِ الضَّرَرِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ بِمِلْكِهِ، أَوْ بِمَوَاتٍ لِمَنْفَعَةٍ وَلَوْ لِعَامَّةِ النَّاسِ فَإِنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ، أَوْ بِطَرِيقٍ، أَوْ بِمَوَاتٍ لَا لِمَنْفَعَةٍ، فَالدِّيَةُ فِي الْحُرِّ، وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا الدَّابَّةُ فِي بَيْتِهِ، أَوْ بِطَرِيقٍ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ بَلْ اتِّفَاقًا فَإِنْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ عَلَى جَرْيِ عَادَتِهِ، فَالدِّيَةُ.

وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ (تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الْكَلْبِ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ إنْ قَصَدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ بِالنَّظَرِ لِقَصْدِ الضَّرَرِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا أَصْلًا لِمُحْتَرَمٍ فَإِنْ اتَّخَذَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَدَفْعِ صَائِلٍ، أَوْ سَبُعٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنْذَارٌ فَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ، أَوْ اتَّخَذَهُ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ (وَكَالْإِكْرَاهِ) عَطْفٌ عَلَى كَحَفْرِ وَأَعَادَ الْكَافَ لِطُولِ الْكَلَامِ أَيْ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ أَيْ لِتَسَبُّبِهِ كَالْمُكْرَهِ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ لِخَوْفِ قَتْلِ الْآمِرِ لَهُ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ فَلَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ (وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) لِغَيْرِ عَالِمٍ فَتَنَاوَلَهُ وَمَاتَ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُقَدِّمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْمُومٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَاوِلَ إذَا عَلِمَ، فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقَدِّمُ، فَهُوَ مَعْذُورٌ (وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةٌ) ، وَهِيَ حَيَّةٌ وَمِنْ شَأْنُهَا أَنْ تَقْتُلَ فَمَاتَ، وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ، فَالْقِصَاصُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ اللَّعِبَ وَأَمَّا الْمَيِّتَةُ وَمَا شَأْنُهَا عَدَمُ الْقَتْلِ لِصِغَرٍ، فَالدِّيَةُ (وَكَإِشَارَتِهِ) عَلَيْهِ (بِسَيْفٍ) ، أَوْ رُمْحٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فَهَرَبَ وَطَلَبَهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْمَقْتُولِ، أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ أَعْلَى.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ) رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ قَصَدَ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ وَأَنَّ الدِّيَةَ فِي صُورَتَيْنِ أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ فَيَهْلَكُ غَيْرُهُ، أَوْ يَقْصِدَ ضَرَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنْ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ، أَوْ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِطَرِيقٍ) أَيْ وَكَانَ حَفْرُهُ بِالطَّرِيقِ مُضِرًّا بِهَا بِأَنْ كَانَ يُضَيِّقُهَا فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا عَطِبَ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّابَّةُ فِي بَيْتِهِ) أَيْ يَرْبِطُهَا فِي بَيْتِهِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ اتِّفَاقًا) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْقَفَهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَدَخَلَ لِلصَّلَاةِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ بِقَصْدِ قَتْلِ شَخْصٍ وَقَتَلَهُ، فَالْقَوَدُ أُنْذِرَ عَنْ اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ، فَالدِّيَةُ فَإِنْ اتَّخَذَهُ لِقَتْلِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَقَتَلَ شَخْصًا، فَالدِّيَةُ أَيْضًا أُنْذِرَ أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا اتَّخَذَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَ أَحَدٍ فَقَتَلَ إنْسَانًا فَإِنْ كَانَ اتَّخَذَهُ لِوَجْهٍ جَائِزٍ، فَالدِّيَةُ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ إنْذَارٌ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ لَا لِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ إنْ قَصَدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ بِهِ حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّخَذَهُ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَيَأْتِي لَهُ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ فَسَيَأْتِي لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ إلَخْ أَيْ إذَا عَلِمْت أَنَّ الْمَأْمُورَ إنَّمَا يَكُونُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي الْمَقْصُودِ وَلَا إجْمَالَ فِيهِ وَقَصَدَ الشَّارِحُ بِهَذَا الرَّدَّ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَكَالْإِكْرَاهِ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَأْمُورِ، وَالْآمِرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُورُ يُمْكِنُهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ، أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقِصَاصُ مِنْهُمَا مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الْمَأْمُورِ لَا يُمْكِنُهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ فَكَلَامُهُ هُنَا مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ إلَخْ، وَحَاصِلُ الرَّدِّ أَنَّ الْمَأْمُورَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ كَوْنَهُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ هُنَا نَصٌّ فِي الْمُرَادِ وَلَا إجْمَالَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) أَيْ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ، أَوْ لِبَاسٍ عَالِمًا مُقَدِّمُهُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْآكِلُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقَدِّمُهُ بِذَلِكَ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْآكِلُ فَلَا قِصَاصَ قَالَ فِي المج وَفِي حُكْمِ التَّقْدِيمِ قَوْلُهُ لَهُ كُلُّهُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ عَلَى الظَّاهِرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَعْلَمْ الْمُقَدِّمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْمُتَنَاوِلُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ بِكَسْرِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ) أَيْ بَلْ مَاتَ مِنْ فَزَعِهِ (قَوْلُهُ: فَالدِّيَةُ) أَيْ إنْ رَمَاهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، وَإِلَّا، فَالْقَوَدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْحَيَّةُ الَّتِي رَمَاهَا حَيَّةً وَكَانَتْ كَبِيرَةً شَأْنُهَا أَنَّهَا تَقْتُلُ وَمَاتَ، فَالْقَوَدُ سَوَاءٌ مَاتَ مِنْ لَدْغِهَا، أَوْ مِنْ الْخَوْفِ رَمَاهَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، أَوْ اللَّعِبِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تَقْتُلَ، أَوْ كَانَتْ مَيِّتَةً وَرَمَاهَا عَلَيْهِ فَمَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَإِنْ كَانَ الرَّمْيُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، فَالدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، فَالْقَوَدُ.

(قَوْلُهُ: وَكَإِشَارَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ بِآلَةِ الْقَتْلِ، فَهَرَبَ فَطَلَبَهُ فَمَاتَ فَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ بِدُونِ سُقُوطٍ، أَوْ يَسْقُطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>