للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ أَبَيَا) أَيْ امْتَنَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ مِنْ التَّقْوِيمِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ صِحَّةِ مَا قَصَدَاهُ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ مِنْ الْوَاطِئِ إنْ أَيْسَرَ وَإِلَّا بِيعَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَهُ الْفَضْلُ وَعَلَيْهِ النَّقْصُ، فَإِنْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَا حَقَّ بِهِ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.

(أَوْ) امْرَأَةٍ (مُكْرَهَةٍ) أَيْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا أَدَبَ أَيْضًا وَلَا يَضُرُّهُ الْعَطْفُ عَلَى مَا فِيهِ الْأَدَبُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْعَطْفَ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الْحَدِّ (أَوْ) وَطِئَ زَوْجَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً (مَبِيعَةً) بَاعَهَا زَوْجُهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةً (بِغَلَاءٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ لِأَجْلِهٍ فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا أَدَبَ لِعُذْرِهَا بِالْجُوعِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَوْجِهَا الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا، فَإِنْ بَاعَهَا لَا لِمَجَاعَةٍ حُدَّتْ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهَا وَقِيلَ: لَا تُحَدُّ نَظَرًا لِلشِّرَاءِ وَاسْتُظْهِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ شَبَهٌ فِي عَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْأَصَحُّ قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ غَيْرِهِ.

(كَأَنْ ادَّعَى) أَيْ كَمَا لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئٍ ادَّعَى (شِرَاءَ أَمَةٍ) وَأَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا لِكَوْنِهِ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ (وَنَكَلَ الْبَائِعُ) عَنْ الْيَمِينِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ حِينَ أَنْكَرَ الْبَيْعَ (وَحَلَفَ الْوَاطِئُ) أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِنُكُولِ الْبَائِعِ، فَإِنْ نَكَلَ الْوَاطِئُ حُدَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَلَا يَتَأَتَّى حَلِفُ الْوَاطِئِ حِينَئِذٍ لِثُبُوتِ قَوْلِ الْبَائِعِ بِحَلِفِهِ فَالْحَدُّ فِي نُكُولِهِمَا وَفِي حَلِفِ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْأَصَحِّ (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ) الرَّجُلَ (الْمُكْرَهَ) بِالْفَتْحِ عَلَى الْوَطْءِ (كَذَلِكَ) أَيْ لَا يُحَدُّ وَلَا يُؤَدَّبُ لِعُذْرِهِ بِالْإِكْرَاهِ كَالْمَرْأَةِ (وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ) وَأَنَّهُ يُحَدُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

(وَيَثْبُتُ) الزِّنَا بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (بِإِقْرَارٍ) وَلَوْ (مَرَّةً) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (مُطْلَقًا) حَالَ الْحَدِّ أَوْ قَبْلَهُ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ كَذَبْت عَلَى نَفْسِي أَوْ وَطِئْت زَوْجَتِي وَهِيَ مُحْرِمَةٌ فَظَنَنْت أَنَّهُ زِنًا، وَمِثْلُ الرُّجُوعِ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَلَا يُحَدُّ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَهْرُبَ) بِضَمِّ الرَّاءِ (وَإِنْ فِي الْحَدِّ) الْأَوْلَى حَذْفُ وَإِنْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَيَا) مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَلْزَمُ التَّقْوِيمُ وَإِنْ أَبَيَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَضْلُ) أَيْ مَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي قُوِّمَتْ بِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ فَلَّسَ الْمُحَلَّلُ لَهُ الْوَاطِئَ لَهَا قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ كَانَ رَبُّهَا أَحَقَّ بِهَا وَبِيعَتْ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعُودَ لِتَحْلِيلِهَا، وَإِنْ مَاتَ ذَلِكَ الْوَاطِئُ قَبْلَ أَدَاءِ قِيمَتِهَا فَصَاحِبُهَا الَّذِي حَلَّلَهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ.

(قَوْلُهُ: وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا بِوَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ

(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا) أَيْ الْبَائِعِ لَهَا.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْبَيْعِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحَدِّ وَعَدَمِ الْأَدَبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِجُوعٍ وَالْبَيْنُونَةُ مِنْ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَوْجِهَا الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ) أَيْ وَكَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ الَّذِي يَتَزَوَّجُهَا بِالصَّدَاقِ إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا، إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ فَيُتْرَكُ لَهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ الْبُضْعُ عَنْ عِوَضٍ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا) أَيْ لِأَنَّهَا قَالَتْ: أَنَا أَمَةٌ وَمَكَّنَتْ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُتَزَوِّجَ لَهَا مِنْ نَفْسِهَا.

(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلشِّرَاءِ) أَيْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي تَمَلَّكَهَا بِشِرَائِهِ كَالْأَمَةِ فَتَكُونُ مُكْرَهَةً فِي وَطْئِهِ لَهَا إذْ لَوْ امْتَنَعَتْ لَأَكْرَهَهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْقَوْلَ وَوَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرَ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ كَوْنَ أَصْلِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْعِ طَوْعًا يَنْفِي عَنْهَا كَوْنَهَا مُكْرَهَةً وَأَجَابَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ طَوْعًا لَكِنْ بَعْدَ انْعِقَادِهِ صَارَتْ مُكْرَهَةً.

(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ حُدَّ اهـ عَدَوِيٌّ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ الْوَاطِئُ) أَيْ كَمَا نَكَلَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ كَمَا يُحَدُّ لَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ حَلَفَ الْبَائِعُ.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ وَعَدَمِ الْحَدِّ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا نَكَلَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِحَلِفِهِ مَعَ نُكُولِ الْبَائِعِ أَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا حَلِفُهُمَا لِأَنَّهُ مَتَى حَلَفَ الْبَائِعُ ثَبَتَ قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْوَاطِئِ يَمِينٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ) أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ كَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي خش.

(قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّهُ يُحَدُّ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْتَشَرَ أَمْ لَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّامِلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحَدُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ عَلَى الزِّنَا بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهَا غَرِمَ لَهَا الصَّدَاقَ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى مُكْرِهِهِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا بِهَا وَكَانَتْ طَائِعَةً وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، وَإِلَّا حُدَّ اتِّفَاقًا نَظَرًا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَإِلَى أَنَّهَا مِسْكِينَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ بِسَفْكِ دَمِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ لَكِنْ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي النَّظَرِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ

(قَوْلُهُ: بِإِقْرَارٍ مَرَّةً) لَمْ يَأْتِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ حَيْثُ قَالَا لَا يَثْبُتُ الزِّنَا بِالْإِقْرَارِ، إلَّا إذَا أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ حُدَّ، إلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِتَكْذِيبٍ مَحْضٍ فَإِذَا قَالَ كَذَبْتُ وَلَمْ يُبْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>