للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ ذَبَحَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ فِي حِرْزِهِ فَنَقَصَ فَأَخْرَجَهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ لَا يُسَاوِيهَا ثُمَّ حَصَلَ غَلَاءٌ كَمَا أَنَّهُ يُقْطَعُ إنْ سَاوَاهَا وَقْتَهُ ثُمَّ حَصَلَ رُخْصٌ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (بِالْبَلَدِ) الَّتِي بِهَا السَّرِقَةُ وَالْعِبْرَةُ بِالتَّقْوِيمِ (شَرْعًا) بِأَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا بِالتَّقْوِيمِ شَرْعِيَّةً لَا كَآلَةِ لَهْوٍ أَوْ حَمَامٍ عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَائِرٍ عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ وَقِيمَتُهُ دُونَ اللَّهْوِ لَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَمَعَهَا تُسَاوِيهَا فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ التَّقْوِيمَ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِرُبْعِ الدِّينَارِ هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي بَلَدِهِمْ إلَّا الذَّهَبُ فَيُقَوَّمُ بِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُوجَدُ فِيهِ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ وَإِنَّمَا تَعَامُلُهُمْ بِغَيْرِهِمَا كَبِلَادِ السُّودَانِ اُعْتُبِرَ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ فَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.

(وَإِنْ) كَانَ مُحَقَّرًا بَيْنَ النَّاسِ (كَمَاءٍ) وَحَطَبٍ وَتِبْنٍ (أَوْ جَارِحٍ) يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (لِتَعْلِيمِهِ) الصَّيْدَ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ (أَوْ جِلْدِهِ) عَطْفٌ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى جَارِحٍ بِمَعْنَى السَّبُعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِمَعْنَى الطَّيْرِ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامُ أَيْ أَوْ سَرَقَ سَبُعًا يُسَاوِي جِلْدُهُ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ نَظَرًا لِكَرَاهَتِهِ أَوْ لِلْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ فَسَارِقُ لَحْمِهِ فَقَطْ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَاوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسَارِقُ جِلْدِهِ فَقَطْ يُقْطَعُ إنْ سَاوَاهَا (أَوْ) (جِلْدِ مَيْتَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ يُقْطَعُ سَارِقُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ (إنْ زَادَ دَبْغُهُ) عَلَى قِيمَةِ أَصْلِهِ (نِصَابًا) فَإِذَا كَانَ قِيمَتُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ دِرْهَمَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

دَرَاهِمَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَفْسَدَهُ فِي حِرْزِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ خَرَقَ الثَّوْبَ فِي دَاخِلِ الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مَخْرُوقَةً (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ وَقَوْلُهُ: بِالْبَلَدِ الَّتِي بِهَا السَّرِقَةُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الْعُرُوضِ أَوْ كَانَ التَّعَامُلُ فِيهَا بِالثَّلَاثَةِ حَالَةَ كَوْنِهَا أَغْلَبَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ وَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِبَلَدِ السَّرِقَةِ أَنَّ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَالْقَطْعُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ بَلَدِ السَّرِقَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِيهَا أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي غَيْرِهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ: وَقِيمَتُهُ دُونَ اللَّهْوِ) أَيْ وَدُونَ مَا مَعَهُ مِنْ السَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَعَهَا) أَيْ وَمَعَ اعْتِبَارِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ اللَّهْوِ وَالسَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ.

(قَوْلُهُ: هُوَ الْمَشْهُورُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا إنْ سَرَقَ غَيْرَهُمَا أَيْ غَيْرَ الرُّبْعِ دِينَارٍ وَالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ إذْ قَدْ يُقَوَّمُ بِهَا الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ وَهَكَذَا صَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَعِيَاضٌ بِمَشُورِيَّةِ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ سَاوَى الْمَسْرُوقُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ سَارِقُهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ رُبْعَ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ سَاوَى رُبْعَ دِينَارٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي بَلَدِهِمْ، إلَّا الذَّهَبُ فَيُقَوَّمُ بِهِ) كَذَا فِي عبق اسْتِظْهَارًا قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ عُدِمَتْ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: كَبِلَادِ السُّودَانِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَتَعَامَلُونَ بِالْعَرْضِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ.

(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ التَّقْوِيمُ) أَيْ تَقْوِيمُ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ، كَذَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ لَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَصَوَّبَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّقْوِيمِ وَاحِدٌ إنْ كَانَ مُوَجَّهًا مِنْ الْقَاضِي لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَوَّمُ مُوَجَّهًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ خُولِفَا بِأَنْ قَالَ غَيْرُهُمَا لَا يُسَاوِيهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ عَدَمُ الْقَطْعِ إذَا خُولِفَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ مُتَّبَعٌ وَلِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَمَاءٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْقَطْعِ فِيمَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا يُسَاوِي الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ مُحَقَّرًا فِي نَظَرِ النَّاسِ كَمَاءٍ وَحَطَبٍ أَيْ لِأَنَّهُ مُتَمَوَّلٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُحَقَّرُ مُبَاحًا لِلنَّاسِ وَحَازَهُ شَخْصٌ فِي حَوْزِهِ الْخَاصِّ بِهِ كَالْمَاءِ وَالْحَطَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا كَالتِّبْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَالْفَسَادُ بِإِبْقَائِهِ كَالْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْفَاكِهَةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَارِحٍ) أَيْ مِنْ الطَّيْرِ كَالصَّقْرِ وَقَوْلُهُ: لِتَعْلِيمِهِ الصَّيْدَ أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِيهَا بِالنَّظَرِ لِلَحْمِهِ وَرِيشِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا قُطِعَ سَارِقُهُ إنْ سَاوَى لَحْمُهُ فَقَطْ أَوْ رِيشُهُ فَقَطْ أَوْ لَحْمُهُ وَرِيشُهُ مَعًا نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا.

(تَنْبِيهٌ) مِثْلُ تَعْلِيمِ الْجَارِحِ الصَّيْدَ تَعْلِيمُ الطَّيْرِ حَمْلَ الْكُتُبِ لِلْبُلْدَانِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: إنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا لِلَّعِبِ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِّمَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةَ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ لِلتُّونِسِيِّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ سَبُعًا) أَيْ حَيًّا أَوْ بَعْدَ ذَبْحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَاعَى قِيَمُهُ لَحْمِهِ) أَيْ فَإِذَا سَرَقَ سَبُعًا حَيًّا وَكَانَ جِلْدُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ لَحْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ.

(قَوْلُهُ: فَسَارِقُ لَحْمِهِ فَقَطْ) أَيْ بَعْدَ زَكَاتِهِ وَقَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَاوَى إلَخْ أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ النَّظَرِ لِكَرَاهَتِهِ أَوْ مِنْ مُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الدَّبْغُ لَا يُطَهِّرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ قِيمَتُهُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ دُبِغَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ الدِّبَاغَ هُوَ الَّذِي أَجَازَ لِلنَّاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>