للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَمْ يُخْرِجْهُ) عَنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلُ مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ (وَلَا) قَطْعَ (فِيمَا) أَيْ فِي سَرِقَةِ مَا (عَلَى صَبِيٍّ) غَيْرِ مُمَيِّزٍ مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ (أَوْ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يُعَدُّ حَافِظًا لِمَا عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يَحْرُسُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِدَارِ أَهْلِهِ وَإِلَّا قُطِعَ، فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُصَاحِبُ الْمُمَيِّزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَلِذَا عَبَّرَ بِصَاحِبِهِ دُونَ رَبِّهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ.

(وَلَا) قَطْعَ (عَلَى) (دَاخِلٍ) فِي حِرْزٍ (تَنَاوَلَ) النِّصَابَ (مِنْهُ الْخَارِجُ) عَنْهُ بِأَنْ مَدَّ يَدَهُ لِدَاخِلِ الْحِرْزِ فَنَاوَلَهُ الدَّاخِلُ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمُدَّ الْخَارِجُ يَدَهُ وَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ الدَّاخِلُ بِمَدِّ يَدِهِ لَهُ لِخَارِجِ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ وَسَيَأْتِي وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ قُطِعَا (وَلَا) قَطْعَ (إنْ) (اخْتَلَسَ) أَيْ أَتَى جَهْرًا أَوْ سِرًّا وَأَخَذَ النِّصَابَ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَذْهَبُ جِهَارًا فَارًّا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخْتَلِسَ هُوَ الَّذِي يَخْطَفُ الْمَالَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فِي غَفْلَتِهِ وَيَذْهَبُ بِسُرْعَةٍ جَهْرًا.

(أَوْ) أَخَذَ نِصَابًا مِنْ صَاحِبِهِ وَ (كَابَرَ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ وَالْغَاصِبُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ (أَوْ هَرَبَ) بِالْمَسْرُوقِ (بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (فِي الْحِرْزِ) (وَلَوْ) تَرَكَهُ رَبُّهُ فِيهِ وَذَهَبَ (لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ) بِأَنَّهُ سَرَقَ الْمَتَاعَ وَلَوْ شَاءَ لَخَلَّصَ الْمَتَاعَ مِنْهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ ثُمَّ لَمَّا ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ خَرَجَ بِهِ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَالَ خُرُوجِهِ كَالْمُخْتَلِسِ (أَوْ) (أَخَذَ دَابَّةً) أَوْقَفَهَا رَبُّهَا (بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ) لِغَيْرِ بَيْعٍ وَبِغَيْرِ حَافِظٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْقِفٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَكَذَا إنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَرْعًى (أَوْ) أَخَذَ (ثَوْبًا) مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ بِدَاخِلِ الدَّارِ وَ (بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ) أَوْ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي الْحِرْزِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) أَيْ فِي جَيْبِهِ أَوْ كُمِّهِ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) بِهَذَا يَنْتَفِي التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الدَّابَّةِ وَبَيْن مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَذْكُورَ وَالدَّابَّةَ اشْتَرَكَا فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ يَحْرُسُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِدَارِ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ وَمَا مَرَّ مِنْ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الدَّابَّةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَتْ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُطِعَ) أَيْ سَارِقُ مَا عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَضْرَةَ تَقْتَضِي الشُّعُورَ وَلَوْ حُكْمًا كَالنَّائِمِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالصَّاحِبِ الْمُصَاحِبُ الْمُمَيِّزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الصَّبِيِّ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَهُ الْمَجْنُونُ وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ إذَا كَانَ سُكْرُهُ بِحَلَالٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَأَمَّا بِحَرَامٍ فَوَقَعَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُمَيِّزْ وَبَاعَ تَرَدُّدٌ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ لَا عَلَى الثَّانِي

(قَوْلُهُ: تَنَاوَلَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّاخِلِ وَقَوْلُهُ: الْخَارِجُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْحِرْزِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ مَدَّ) أَيْ ذَلِكَ الْخَارِجُ (قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ إنْ اخْتَلَسَ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الِاخْتِلَاسُ أَنْ يُسْتَغْفَلَ صَاحِبَ الْمَالِ فَيَخْطَفُهُ بِهَذَا فَسَّرَهُ الْفُقَهَاءُ اهـ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَيَشْمَلُ الْقَائِمَ مَقَامَ رَبِّهِ كَمَنْ يَتْرُكُ حَانُوتَهُ مَفْتُوحًا وَيَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ وَيُوَكِّلُ أَحَدًا يَمْنَعُ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهُ فَيُغَافِلُهُ إنْسَانٌ وَيَأْخُذُ مِنْهُ وَيَفِرُّ بِسُرْعَةٍ جَهْرًا

(قَوْلُهُ: بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ) لَيْسَ هَذَا بِلَازِمٍ بَلْ وَلَوْ اعْتَرَفَ بِالْغَصْبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَابِرَ هُوَ الْآخِذُ لِلْمَالِ مِنْ صَاحِبِهِ بِقُوَّةٍ مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَابَرَ أَيْ فِي أَخْذِهِ بِأَنْ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِقُوَّةٍ مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَابَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ أَخْذِهِ لَهُ مِنْ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِ السَّارِقِ وَقَوْلُهُ: فِي الْحِرْزِ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذٍ أَيْ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَدَرَ عَلَى مَسْكِهِ فِي الْحِرْزِ بِالْمَالِ هَرَبَ مِنْهُمْ بِالْمَالِ الْمَسْرُوقِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الْأَخْذَ وَالْمَسْكَ بِالْفِعْلِ بَلْ يَكْفِي الْقُدْرَةُ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَخْذٌ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَهُ رَبُّهُ) أَيْ هَذَا إذَا هَرَبَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ بَلْ وَلَوْ إلَخْ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اخْتِلَاسٌ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِخِلَافِ أَصْبَغَ الْقَائِلِ بِالْقَطْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَرِقَةٌ وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ نَسَبَهُ ابْنُ شَاسٍ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَعَلَّهُ ابْنُ يُونُسَ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّارِقَ إنْ رَأَى رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ لَهُ بِالشُّهُودِ فَأَخَذَ الْمَالَ وَهَرَبَ كَانَ مُخْتَلِسًا لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ هَرَبَ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ فَهُوَ سَارِقٌ يَجِبُ قَطْعُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ سُوقٍ) يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى بَابٍ أَوْ مَسْجِدٍ.

(قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ حَافِظٍ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ.

(قَوْلُهُ:) وَكَذَا إنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَرْعًى أَيْ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الرَّاعِي أَوْ مَالِكِهَا كَمَا مَرَّ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِمَرْعًى عَمَّا إذَا أَخَذَهَا مِنْ الْمَرَاحِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا وَهِيَ سَارِحَةٌ لِلْمَرْعَى أَوْ مُرَوِّحَةٌ لِلْمَرَاحِ وَمَعَهَا مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>