للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقُوِّمَ) الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ التَّقْوِيمِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ (كَامِلًا بِمَالِهِ) أَيْ مَعَهُ؛ لِأَنَّ فِي تَقْوِيمِ الْبَعْضِ ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ.

وَالتَّقْوِيمُ إنَّمَا هُوَ (بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ) فَيُؤْمَرُ بِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ (وَنَقْضٍ لَهُ) أَيْ لِلتَّقْوِيمِ (بَيْعٌ) صَدَرَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ وَكَذَا مِمَّنْ بَعْدَهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّرِيكُ بِالْعِتْقِ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي (وَ) نَقَضَ (تَأْجِيلُ) الشَّرِيكِ (الثَّانِي) أَيْ عِتْقُهُ مُؤَجَّلًا (أَوْ تَدْبِيرُهُ) أَوْ كِتَابَتُهُ وَيُقَوِّمُ قِنًّا فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بِتْلًا، وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي بَتْلًا قُوِّمَ نَصِيبُ الْمُدَبِّرِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ بَتْلًا (وَ) إذَا اخْتَارَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوْ التَّقْوِيمَ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ (لَا يَنْتَقِلُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الِانْتِقَالُ (بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا) بِعَيْنِهِ لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي خَيَّرَهُ شَرِيكُهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ التَّقْوِيمَ فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ الْعِتْقِ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَيْهِ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ ابْتِدَاءً لَمْ يَكُنْ لَهُ، اخْتَارَ التَّقْوِيمَ ثَانِيًا بِلَا خِلَافٍ.

(وَإِذَا حَكَمَ) أَيْ حَكَمَ الْحَاكِمُ (بِمَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ التَّقْوِيمِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ (لِعُسْرِهِ مَضَى) حُكْمُهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَيْسَرَ وَفِي نُسْخَةٍ بِبَيْعِهِ أَيْ بِبَيْعِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ لِعُسْرِ الْمُعْتِقِ مَضَى الْبَيْعُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إنْ أَيْسَرَ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بِالْفِعْلِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالْحُكْمُ بِالْبَيْعِ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ التَّقْوِيمِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْحُكْمِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ فَقَدْ سَاوَتْ هَذِهِ النُّسْخَةُ النُّسْخَةَ الْأُولَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَهُوَ مَا قَبْلَهُ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ يَعْنِي بِالنَّظَرِ لِمَا إذَا أَعْتَقَ فِي الْمَرَضِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا حُكْمُ مَا إذَا أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا عَلِمْت وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ.

وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ وَارِدٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِ أُمِنَ وَبَيْنَ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ نَوْعُ تَخَالُفٍ إذْ مُفَادُ الْأَوَّلِ التَّقْوِيمُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَمُفَادُ الثَّانِي خِلَافُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ.

(قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ كَامِلًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا عِتْقَ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ كَامِلًا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً أَعْتَقَ بَعْضَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَمْ لَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ مَثَلًا عَلَى أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ حُرٌّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَكَقَوْلِ أَحْمَدَ وَأَنَّ الْعِتْقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَالْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ لَلشَّرِيكِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقِيمَةِ عَيْبِ نَقْصِ الْمُعْتَقِ إذَا مَنَعَ الْإِعْسَارُ مِنْ التَّقْوِيمِ عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِهِ كَامِلًا إنْ اشْتَرَيَاهُ مَعًا وَلَمْ يُبَعِّضْ الثَّانِي حِصَّتَهُ بِالْعِتْقِ، فَإِنْ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ مُفْرَدَةً لَمْ يُقَوَّمْ كَامِلًا بَلْ تُقَوَّمُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ عَلَى انْفِرَادِهَا، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ بَعْضَ حِصَّتِهِ بَعْدَ عِتْقِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ حِصَّتِهِ أَوْ بَعْضَهَا، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّةِ الثَّانِي فَقَطْ وَلَا يُقَوَّمُ كَامِلًا.

(قَوْلُهُ بِمَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ بِعِتْقِ بَعْضِهِ يَمْنَعُ انْتِزَاعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَلِذَا وَجَبَ تَقْوِيمُهُ مَعَ مَالِهِ، وَلَا يُقَوَّمُ بِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَالِهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ مَالِهِ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْكَائِنِ فِي مَحَلِّ الْعِتْقِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ حِينَ التَّقْوِيمِ مَالٌ مَوْجُودٌ بِمِصْرَ وَمَالٌ بِمَكَّةَ اُعْتُبِرَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ فِي مَحَلِّ الْعِتْقِ فَيُقَوَّمُ مَعَهُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ) أَيْ بِكَسَادِ حِصَّتِهِ بِتَقْوِيمِهَا مُفْرَدَةً؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نِصْفِ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي شِرَاءِ الْحِصَّةِ وَكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِي شِرَاءِ الْكَامِلِ.

(قَوْلُهُ: وَنُقِضَ إلَخْ) عِلَّةُ النَّقْضِ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَدَخَلَ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالَةٍ مَجْهُولَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَيْعٌ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ لَا يُنْقَضَانِ وَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ مَا وَهَبَ لِتَكُونَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْقِيمَةُ، فَإِنْ حَلَفَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا كَذَا قَالُوا هُنَا اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ) لَا يُقَالُ الْبَيْعُ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَكُونُ الْبَيْعُ مُفَوِّتًا إلَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَهُنَا لَا يَكُونُ إلَّا فَاسِدًا لِلْغَرَرِ كَمَا عَلِمْت.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّرِيكُ) أَيْ الَّذِي قَدْ بَاعَ بِالْعِتْقِ قَبْلَ بَيْعِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ يَفُوتُ بِيَدِهِ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَنَقْصٍ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ زِيَادَةِ مَالٍ أَوْ حُدُوثِ وَلَدٍ لَهُ مِنْ أَمَتِهِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْعَبْدِ مُفَوِّتٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِي الْجُزْءِ وَيُلْزَمُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُعْتِقُ الْقِيمَةَ لَهُ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ عِتْقَ جَمِيعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُقَوَّمُ قِنًّا فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بَتْلًا) أَيْ عَلَى الْمُعْتِقِ الَّذِي أَعْتَقَ فِي الْحَالِ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ حِصَّتُهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَضَ عِتْقَهُ وَمَا بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ) أَيْ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ بِانْتِقَالِهِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ) أَيْ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْمُعْتَقُ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِيَارُ التَّقْوِيمِ ثَانِيًا بِلَا خِلَافٍ) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِلَّا كَانَ لَهُ اخْتِيَارُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ بِبَيْعِهِ) أَيْ وَعَلَيْهَا فَالْمَعْنَى، وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبَيْعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>