إذْ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِمُشْتَرِيهِ وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا غَرِمَهُ زِيَادَةُ لَفْظِ (كَلِتَعْتِقَنِي) وَهُوَ إشَارَةٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا دَفَعَ مَالًا لِشَخْصٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِهِ وَيَعْتِقَهُ فَفَعَلَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ غَرِمَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْعَبْدِ وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ وَبَيْعٍ فِيهِ يَرْجِعُ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك أَوْ اشْتَرِنِي لِتَعْتِقَنِي وَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِمَالِهِ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهُ فَفَعَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ سَوَاءٌ اسْتَثْنَى مَالَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ لِغُرْمِهِ الثَّمَنَ ثَانِيَةً إذَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ فَالنَّصُّ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَخْ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَجْدِيدِ عِتْقٍ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ أَيْ إنْ أَعْتَقَهُ
وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ) (قَالَ) الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِنِي (لِنَفْسِي) فَفَعَلَ (فَحُرٌّ) بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِمِلْكِهِ نَفْسَهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ (وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْعَبْدِ فِيمَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ (إنْ اسْتَثْنَى) الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) عِنْدَ اشْتِرَائِهِ (وَإِلَّا) يَسْتَثْنِ مَالَهُ (رَقَّ) لِبَائِعِهِ أَيْ بَقِيَ عَلَى رِقِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ) سَيِّدٌ (عَبِيدًا) أَيْ بَتَلَ عِتْقَهُمْ (فِي مَرَضِهِ) وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ (أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَوْ سَمَّاهُمْ) أَيْ عَيَّنَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ (وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ ثُلُثِ عَبِيدِهِ، وَمِثْلُهُ إذَا بَتَلَ عِتْقَ ثُلُثِهِمْ أَيْ فِي مَرَضِهِ (أَوْ) أَوْصَى (بِعَدَدٍ) أَيْ بِعِتْقِ عَدَدٍ (سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) كَثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ (أَقْرَعَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (كَالْقِسْمَةِ) وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يُقَوِّمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُكْتَبَ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ مُفْرَدَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ بِحَيْثُ لَا تُمَيَّزُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَاقِي ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ وَتُفْتَحُ فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ عَتَقَ وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَادَتْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ نَقَصَتْ أُخْرِجَتْ أُخْرَى وَعُمِلَ فِيهَا كَمَا عُمِلَ فِي الْأُولَى وَهَكَذَا وَصَفْتهَا فِي الثَّالِثَةِ أَنْ يُجَزَّءُوا ابْتِدَاءً أَثْلَاثًا فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي اثْنَتَيْنِ رِقٌّ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ وَتُخْرَجُ وَاحِدَةٌ تُرْمَى عَلَى ثُلُثٍ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ حُرٌّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّهُ قَالَ لَهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَاشْتَرَاهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلنَّصِّ عَلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ وَلِذَا احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى حَمْلِ قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عِتْقَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَجْدِيدِ الْعِتْقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِلصُّورَتَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ الْعِتْقِ ثُمَّ إنَّهُ إذَا بِيعَ وَفَضَلَ عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَدْرٌ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فِي مَسْأَلَةِ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك وَعَتَقَ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتَرِنِي لِتُعْتِقَنِي
(قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) أَيْ لَا لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَكِيلٌ عَنْ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَمْ يَشْتَرِ لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلِذَا كَانَ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى ذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ هَذِهِ وَكَالَةٌ مِنْ الْعَبْدِ وَتَوْكِيلُهُ بَاطِلٌ فَبَطَلَ الشِّرَاءُ مِنْ أَصْلِهِ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ لَيْسَ بَاطِلًا مُطْلَقًا بَلْ هُوَ صَحِيحٌ فِيمَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ فِيهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ بَتَّلَ عِتْقَهُمْ) أَيْ نَجَّزَ عِتْقَهُمْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِعِتْقِهِمْ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ عَبِيدِي سَوَاءٌ سَمَّاهُمْ أَيْ عَيَّنَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ بِأَنْ قَالَ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ سَحْنُونٍ إذَا سَمَّاهُمْ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَعْتِقُ وَلَا مَفْهُومَ لِلثُّلُثِ بَلْ مَثَّلَ قَوْلَهُ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثُلُثِ عَبِيدِي أَوْصَيْت بِعِتْقِ نِصْفِهِمْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إذَا بَتَّلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ ثُلُثُ عَبِيدِي أَوْ نِصْفُهُمْ أَحْرَارٌ فَلَا مَفْهُومَ لِثُلُثِهِمْ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَرَضِهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا بَتَّلَ عِتْقَ ثُلُثِهِمْ فِي صِحَّتِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا قُرْعَةَ كَمَا إذَا أَعْتَقَ عَدَدًا مِنْ أَكْثَرَ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى مَاتَ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا كَانَ لَهُ وَقِيلَ يَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثَلَاثَةٍ مِنْ عَبِيدِي وَالْحَالُ أَنَّ عِنْدَهُ تِسْعَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْتُبُ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ) لَا حَاجَةَ لِكِتَابَةِ الْقِيمَةِ فِي الْوَرَقَةِ مَعَ الِاسْمِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا كِتَابَةَ الِاسْمِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: عَتَقَ) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ عَتَقَ، وَإِنْ زَادَتْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَيُخْرِجُ وَرَقَةً أُخْرَى فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَرَقَّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ) أَيْ وَإِلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَ لَهُ حُرٌّ) أَيْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute