للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَوْلَى إنْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا (كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ) حَصَلَ حَمْلُهُ (مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ فَالْحَمْلُ مُدَبَّرٌ تَبَعًا لِأَبِيهِ.

وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدَبُّرِ أَبِيهِ فَلَا يَدْخُلُ فِي التَّدْبِيرِ لِانْفِصَالِ مَائِهِ عَنْهُ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ (وَصَارَتْ) أَمَتُهُ (بِهِ) أَيْ بِوَلَدِهَا الْحَاصِلِ حَمْلُهَا بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ أَبِيهِ (أُمَّ وَلَدٍ) لِلْمُدَبِّرِ (إنْ عَتَقَ) الْوَلَدُ بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَعَ أَبِيهِ (وَقَدَّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ) لِلثُّلُثِ عَنْ الْأَبِ وَوَلَدِهِ لِتَقَدُّمِ تَدْبِيرِهِ عَلَى تَدْبِيرِ الْوَلَدِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْأَبِ عِتْقُ الْوَلَدِ وَهِيَ إنَّمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِعِتْقِهِ لَا بِعِتْقِ أَبِيهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَبَ لَا يُقَدَّمُ عِنْدَ الضِّيقِ بَلْ يَتَحَاصَّانِ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ فَضَمِيرُ إنْ عَتَقَ لِلْأَبِ أَوْ لِلْوَلَدِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عِتْقُ وَلَدِهِ، فَإِذَا عَتَقَ بَعْضُ الْوَلَدِ لِلتَّحَاصُصِ فَلَا تَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ هِيَ الْحُرُّ حَمْلُهَا أَيْ كُلُّهُ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا وَكَذَا تَتَحَاصَصُ الْمُدَبَّرَةُ وَوَلَدُهَا عِنْدَ الضِّيقِ

(وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ) وَلَهُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ وَمَحَلُّ الِانْتِزَاعِ (إنْ لَمْ يَمْرَضْ) السَّيِّدُ مَرَضًا مَخُوفًا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لَهُ انْتِزَاعُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَزِعُهُ لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ عِنْدَ التَّدْبِيرِ انْتِزَاعَهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِشَرْطِهِ (وَ) لِلسَّيِّدِ (رَهْنُهُ) أَيْ رَهْنُ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ لِيُبَاعَ لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ إنْ سَبَقَ الدَّيْنُ عَلَى التَّدْبِيرِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ، فَإِنَّمَا يَجُوزُ رَهْنُهُ لِيُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ حَيْثُ لَا مَالَ لَهُ (وَ) لِلسَّيِّدِ (كِتَابَتُهُ) ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ مُدَبَّرًا، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَسَقَطَ عَنْهُ بَاقِي النُّجُومِ (لَا) يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ (إخْرَاجُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ) كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ؛ لِأَنَّ فِيهِ إرْقَاقَهُ بَعْدَ جَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَهُوَ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ حَمَلَتْ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا انْفَصَلَ عَنْهَا قَبْلَ تَدْبِيرِهَا، فَإِنَّهُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِ أَبِيهَا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ وَضَعَتْهُ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ أَيْضًا أَوْ وَضَعَتْهُ بَعْدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا انْفَصَلَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ رَقِيقٌ سَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ لِلْأَمَةِ أَوْ لِلْعَبْدِ الْمُسْتَرْسَلِ عَلَى أَمَتِهِ وَمَا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ سَوَاءٌ كَانَ التَّدْبِيرُ لِلْأَمَةِ أَوْ لِلْعَبْدِ، وَأَمَّا مَا كَانَ حَمْلًا حِينَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ إنْ دَبَّرَتْ أُمَّهُ لَا إنْ دَبَّرَ أَبُوهُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهَا فِي عَقْدِ تَدْبِيرِهَا دُونَ حَمْلِهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ تَدْبِيرِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ كَجُزْءٍ مِنْهَا حَتَّى تَضَعَ، فَإِذَا دَبَّرَهَا فَقَدْ دَبَّرَهُ وَإِذَا دَبَّرَ الْأَبُ لَمْ يَدْخُلْ تَدْبِيرُ الْأُمِّ وَلَا حَمْلُهَا حَتَّى تَحْمِلَ بِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِ الْأَبِ (قَوْلُهُ: وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ الْمُدَبَّرَ إذَا عَتَقَ وَلَدُهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أَمَتُهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ وَذَلِكَ الْعِتْقُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ الَّذِي دَبَّرَ أَبَاهُ بِأَنْ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ هُوَ وَأَبُوهُ وَعَتَقَا مَعًا، فَإِنَّ الْأَمَةَ الَّتِي حَمَلَتْ بِهِ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ فَتَعْتِقُ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا وَهُوَ الْمُدَبَّرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ) هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا مَعَ اعْتِرَاضِهِ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ وَقَدْ اعْتَرَضَهُ ح وعج وَمَنْ تَبِعَهُ بِذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْأَبِ عِتْقُ الْوَلَدِ) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْوَلَدِ عِتْقُ الْأَبِ (قَوْلُهُ: بِعِتْقِهِ) أَيْ بِعِتْقِ الْوَلَدِ مِنْ ثُلُثِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَتَحَاصَّانِ عِنْدَهُ) أَيْ فَإِذَا كَانَ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ عَشْرَةً وَكَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ وَالْأَبِ مَعًا ثَلَاثِينَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ بِمِقْدَارِ خَمْسَةٍ وَهُوَ سُدُسُهُ (قَوْلُهُ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عِتْقُ وَلَدِهِ) أَيْ وَكَذَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِ الْوَلَدِ عِتْقُ أَبِيهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَكُونُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ خِلَافًا لِمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ مِنْ كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ

(قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ إنْ لَمْ يَمْرَضْ) أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِمَالِهِ مَا وُهِبَ لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ اكْتَسَبَهُ بِتِجَارَةٍ أَوْ بِخُلْعِ زَوْجَةٍ، وَأَمَّا مَا نَشَأَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَخَرَاجِهِ أَيْ غَلَّتِهِ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ فَلِلسَّيِّدِ نَزْعُهُ وَلَوْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِشَرْطٍ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِزَاعِ عَلَيْهِ مَجَازٌ إذْ هُوَ لِلسَّيِّدِ أَصَالَةً (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ عِنْدَ التَّدْبِيرِ انْتِزَاعَهُ) أَيْ وَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا (قَوْلُهُ: لِيُبَاعَ لِلْغُرَمَاءِ) أَيْ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ وَفَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لِيُبَاعَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ) أَيْ لَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الرَّهْنِ لَا رَقَبَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْ لَا يَجُوزُ رَهْنُ رَقَبَتِهِ عَلَى أَنْ تُبَاعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فِي الدَّيْنِ الطَّارِئِ عَلَى التَّدْبِيرِ فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ كِتَابَتُهُ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبِيلِ الْعِتْقِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ أَمَّا جَوَازُ كِتَابَتِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَلِأَنَّ مَرْجِعَهَا لِلْعِتْقِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدَّى) أَيْ نُجُومَ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ وَأَقَرَّ مَالَهُ بِيَدِهِ وَوَضَعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ، فَإِنْ عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ وَضَعَ عَنْهُ نِصْفَ كُلِّ نَجْمٍ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثَهُ وَوَضَعَ عَنْهُ ثُلُثَ كُلِّ نَجْمٍ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا أَدَّاهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ غَيْرُ نَجْمٍ عَتَقَ ثُلُثُ الْمُدَبَّرِ وَحُطَّ عَنْهُ ثُلُثُ ذَلِكَ النَّجْمِ وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ، فَإِنْ أَدَّاهُ خَرَجَ حُرًّا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ إخْرَاجُهُ) أَيْ إخْرَاجُ الْمُدَبَّرِ عَنْ التَّدْبِيرِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي نُسْخَةٍ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) أَيْ وَرُجُوعٍ عَنْ تَدْبِيرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إخْرَاجِ الْمُدَبَّرِ عَنْ التَّدْبِيرِ لِغَيْرِ الْحُرِّيَّةِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِبَيْعِهِ إذَا تَخَلَّفَ عَلَى مَوْلَاهُ وَأَحْدَثَ أَحْدَاثًا قَبِيحَةً لَا تُرْضِي اهـ وَأَرَادَ بِالْبَعْضِ ابْنَ لُبَابَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّكْمِيلِ وَقَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْقُورِيُّ مَرَّةً بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إرْقَاقَهُ بَعْدَ جَرَيَانِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ) أَيْ وَالشَّارِعُ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>