وَالْمَوْقُوفُ لِلسَّيِّدِ يَسْتَحِقُّهُ الْوَرَثَةُ.
(وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ) أَيْ بِقَتْلِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ (عَمْدًا) عُدْوَانًا لَا فِي بَاغِيَةٍ وَيُقْتَلُ بِهِ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ الْوَرَثَةُ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ وَكَانَ رِقًّا لَهُمْ فَلَوْ قَتَلَهُ خَطَأً عَتَقَ فِي مَالِ سَيِّدِهِ لَا فِي دِيَتِهِ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْهَا شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قُتِلَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ.
(وَ) بَطَلَ التَّدْبِيرُ (بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَبَّرِ أَيْ لَقِيمَتِهِ (وَلِلتَّرِكَةِ) وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا أَوْ لَاحِقًا إنْ مَاتَ السَّيِّدُ، وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ السَّابِقُ، فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ مِائَةٌ وَالْعَبْدُ يُسَاوِي خَمْسِينَ وَتَرَكَ خَمْسِينَ فَأَقَلَّ بَطَلَ التَّدْبِيرُ كُلُّهُ
(وَ) بَطَلَ (بَعْضُهُ) أَيْ التَّدْبِيرِ (بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ بِمُجَاوَزَةِ الْبَعْضِ لِثُلُثِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَخْرُجُ مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً وَتَرِكَةُ سَيِّدِهِ خَمْسَةً وَلَا دَيْنَ فَثُلُثُ التَّرِكَةِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ هِيَ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْمُدَبَّرِ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَيَرِقُّ ثُلُثُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُدَبَّرِ (حُكْمُ الرِّقِّ) فِي خِدْمَتِهِ وَحُدُودِهِ وَعَدَمِ حَدِّ قَاذِفِهِ وَعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ بَلْ (وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يَعْتِقَ فِيمَا وَجَدَ) مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعِتْقِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِهِ وَمَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مَالِ السَّيِّدِ وَمَا يَنُوبُ الْمُدَبَّرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ تَلِفَ بَعْضُ مَالِ السَّيِّدِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ الْعِتْقِ، فَإِنَّمَا يَعْتِقُ فِيمَا بَقِيَ وَلَا يَنْظُرُ لِمَا هَلَكَ قَبْلَ عِتْقِهِ
(وَ) إنْ قَالَ لِعَبْدِهِ (أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ) قَيَّدَ بِشَهْرٍ مَثَلًا أَمْ لَا تَوَقَّفَ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِهِمَا مَعًا وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَإِنْ مِتُّ أَنَا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَكَأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَوْتِ الْأَخِيرِ مِنْهُمَا وَ (عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ فِيمَا عَقَدَهُ فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ بَلْ يَبْقَى بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ يَخْدُمُ وَرَثَتَهُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ، فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ السَّيِّدِ اسْتَمَرَّ يَخْدُمُ السَّيِّدَ
(وَإِنْ) (قَالَ) فِي صِحَّتِهِ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ (بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ) مَثَلًا وَكَذَا إنْ لَمْ يَقُلْ بِشَهْرٍ (فَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ) يَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) وَلَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
السَّنَةُ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَالثَّانِي هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ غَيْرُهُ
(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ السَّيِّدُ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مَوْتِ شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فَقَتَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ الشَّخْصَ أَوْ الدَّابَّةَ فَلَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ بَلْ يَعْتِقُ كَذَا قَرَّرَ اهـ عبق (قَوْلُهُ: لَا فِي بَاغِيَةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلُهُ عُدْوَانًا أَيْ لَا إنْ قَتَلَهُ حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ جَمَاعَةٍ بَاغِيَةٍ فَلَا يَبْطُلُ تَدْبِيرُهُ وَيَعْتِقُ مِنْ ثُلُثِ مَالِ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ بِهِ) أَيْ إذَا قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا (قَوْلُهُ: الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَبَّرِ بَعْدَ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْمُدَبَّرِ وَقَوْلُهُ مِنْهَا أَيْ مِنْ دِيَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَمْلُوكٌ) أَيْ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ جِنَايَةَ الرَّقِيقِ
(قَوْلُهُ وَلِلتَّرِكَةِ) عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ وَلِلتَّرِكَةِ سِوَاهُ وَلَوْ حَذَفَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَهُ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُهُ الدَّيْنُ إلَّا إذَا اسْتَغْرَقَ التَّرِكَةَ (قَوْلُهُ: إنْ مَاتَ السَّيِّدُ) أَيْ وَقَامَ الْغُرَمَاءُ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي حَيَاتِهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى السَّيِّدِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا يُبْطِلُهُ السَّابِقُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ، فَإِنَّ الْمُدَبَّرَ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ، وَإِنْ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ التَّدْبِيرُ) أَيْ لِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لِلْمُدَبَّرِ وَلِلتَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى كُلِّ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ عَشْرَةً وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشْرَةٌ فَثُلُثُ التَّرِكَةِ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ هِيَ قِيمَةُ ثُلُثَيْ الْمُدَبَّرِ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَيَرِقُّ ثُلُثُهُ لِمُجَاوَزَةِ ذَلِكَ الثُّلُثِ ثُلُثَ الْمَيِّتِ أَيْ زِيَادَتِهِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ثُلُثَ التَّرِكَةِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ، فَإِنَّك تَنْسُبُ ذَلِكَ الثُّلُثَ لَقِيمَة الْمُدَبَّرِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَعْتِقُ مِنْهُ وَيَرِقُّ بَاقِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: وَحُدُودِهِ) أَيْ فَيُحَدُّ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً وَفِي الزِّنَا خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَعَدَمِ قَتْلِ قَاتِلِهِ إذَا كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا (قَوْلُهُ: فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلَهُ حُكْمُ الرِّقِّ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَيِّدُهُ حَيًّا بَلْ وَإِنْ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَمَا يَنُوبُ الْمُدَبَّرَ) أَيْ وَبَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا يَنُوبُ الْمُدَبَّرَ مِنْ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَعَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ إنْ حَمَلَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا قُوِّمَ وَنُظِرَ هَلْ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ كَانَ كَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَيَسْتَمِرُّ لِلْوَرَثَةِ فِي الْخِدْمَةِ إلَى أَنْ يَمُوتَ فُلَانٌ فَيَعْتِقَ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ كَانَتْ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ بَيْنَ الرِّقِّ وَالْعِتْقِ، وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ لَا اسْتَمَرَّ يَخْدُمُ السَّيِّدَ حَتَّى يَمُوتَ وَعَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ كُلِّهِ إنْ حَمَلَهُ، وَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ عَتَقَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَرَقَّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: أَيْ كَمَا يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُ) أَيْ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَهَذَا مُدَبَّرٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى مَوْتِ الْأَجْنَبِيِّ لَمْ يَكُنْ وَصِيَّةً إذْ لَا تُعَلَّقُ الْوَصِيَّةُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُجْعَلْ مِنْ بَابِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى مَوْتِهِ هُوَ وَهُوَ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ) قَدْ رَجَّعَهُ الشَّارِحُ لِلْمُدَبَّرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا لِلْمُدَبَّرِ فِي الْبَابِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ فِي صِحَّتِهِ) إنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا اُشْتُهِرَ مِنْ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ مُخْرِجُهَا الثُّلُثُ (قَوْلُهُ يَعْتِقُ عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ هُوَ انْقِضَاءُ الشَّهْرِ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَمَوْتِ فُلَانٍ فِي صُورَةِ الشَّارِحِ وَسَوَاءٌ اسْتَمَرَّ السَّيِّدُ حَيًّا مُدَّةَ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ إلَّا أَنَّهُ إنْ اسْتَمَرَّ السَّيِّدُ حَيًّا كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِلْأَجَلِ لَهُ، فَإِنْ مَاتَ كَانَتْ الْخِدْمَةُ لِلْأَجَلِ لِوَرَثَتِهِ