للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ نُجُومِهَا لِيَحْصُلَ بِهِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ فَالْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَآخِرًا بِالْوَاوِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ (وَلَمْ يُجْبَرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَيْ عَلَى قَبُولِ كِتَابَةِ سَيِّدِهِ لَهُ (وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (الْجَبْرُ) وَقِيلَ إذَا جَعَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ مِثْلَ خَرَاجِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَهُ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ

وَأَرْكَانُ الْكِتَابَةِ أَرْبَعَةٌ سَيِّدٌ مُكَاتِبٌ بِالْكَسْرِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَرَقِيقٌ مُكَاتَبٌ بِالْفَتْحِ وَقَدْ أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ نُدِبَ إلَخْ وَصِيغَةٌ وَأَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (بِكَاتَبْتُك وَنَحْوِهِ) كَأَنْتَ مُكَاتَبٌ وَمُكَاتَبٌ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِكَذَا) أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا أَوْ مُعْتَقٌ عَلَى كَذَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ تَنْجِيمِهِ فَقِيلَ يَلْزَمُ تَنْجِيمُهُ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَتُنَجَّمُ لُزُومًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّحِيحُ جَوَازُهَا حَالَةً وَلَا يَجِبُ التَّنْجِيمُ لَكِنَّهَا إنْ وَقَعَتْ حَالَةً فَقَطَاعَةٌ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّنْجِيمَ شَرْطُ صِحَّةٍ، فَإِذَا لَمْ يُنَجَّمْ فَسَدَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ قَطْعًا وَيُصَارُ إلَى التَّنْجِيمِ وُجُوبًا فَكَانَ عَلَيْهِ إبْدَالُ اشْتِرَاطٍ بِلُزُومٍ بِأَنْ يَقُولَ وَظَاهِرُهَا لُزُومُ التَّنْجِيمِ وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالتَّنْجِيمِ التَّأْخِيرُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَوْ نَجْمًا وَاحِدًا لَا جَعْلُهَا نُجُومًا مُتَعَدِّدَةً ثُمَّ مَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَ السَّيِّدِ الْقَطَاعَةُ وَإِلَّا فَلَا

(وَجَازَ) عَقْدُ الْكِتَابَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِإِجْمَالِ نِسْبَةِ حَطٍّ إلَى جُزْءٍ أَيْ وَحَطُّ السَّيِّدِ آخِرَ جُزْءٍ.

(قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ بِهِ) أَيِّ بِحَطِّ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ أَيْ؛ لِأَنَّ بِهِ يَخْرُجُ حُرًّا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ النُّجُومِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ بَعْدَ حَطِّهِ فَيَرِقُّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ إلَخْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] . فَقَدْ أَمَرَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْمَوَالِيَ أَنْ يَبْذُلُوا لَهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ مَالِكٌ سَمِعْت مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلَامَهُ ثُمَّ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا يُسَمَّى، وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْعِتْقِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَجِبُ وَالْوُجُوبُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْبَرْ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ الْقَضَاءُ كَمَا فِي بْن وَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُجْبَرُ بِلَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَوْضِعُ لِلَمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا الْمَاضِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عَبَّرَ بِلَمْ نَظَرًا لِسَابِقِ تَقَرُّرِ الْأَحْكَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَا جَعَلَ إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ إذَا جَعَلَ إلَخْ وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ لِلَّخْمِيِّ غَيْرُ مَأْخُوذٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْجَبْرُ مُطْلَقًا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: إذَا جَعَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ مِثْلَ خَرَاجِهِ) أَيْ مِثْلَ أُجْرَتِهِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فِي أَجَلِ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا شَهْرًا وَكَانَ الْعَبْدُ يَقْدِرُ عَلَى الْخِدْمَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّفُ مَشَقَّةَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْجَزُ فَيَذْهَبُ سَعْيُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَمَا أَخَذَ مِنْهَا إلَخْ) وَاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَ الْجَبْرِ هُوَ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ غَائِبًا كُوتِبَ مَعَ حَاضِرٍ وَإِلَّا لَزِمَتْ الْغَائِبُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٌ لَزِمَ الْعَبْدُ الْغَائِبُ، وَإِنْ كَرِهَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ يُؤَدِّي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ) أَيْ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُبْتَدَأِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ يُفِيدُ انْحِصَارَهُ فِي الْخَبَرِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ الْجَبْرُ قَالَ خش وَلَعَلَّ أَخْذَ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمَ الْجَبْرِ مِنْهَا لَمْ يَقْوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ: أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ حَتَّى لَا يُنَافِيَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهَا أَيْضًا عَدَمَهُ

(قَوْلُهُ: بِكَذَا) اُنْظُرْ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ بِكَذَا هَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِجَهْلِ الثَّمَنِ أَوْ تَصِحُّ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَالْعِتْقُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَسْمِيَةُ عِوَضٍ وَلَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يَجْزِمْ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ بِهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَاهِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِرُكْنِيَّتِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِهِ كَرُكْنِيَّةِ الصَّدَاقِ مَعَ صِحَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا أَنْ يَشْتَرِطَ ذِكْرَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ تَنْجِيمِهِ) أَيْ وَعَدَمِ لُزُومِ تَنْجِيمِهِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعِوَضِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِلُزُومِهِ وُجُوبُهُ وَتَنْجِيمُهُ تَأْجِيلُهُ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ تَأْجِيلِ الْعِوَضِ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ وَعَدَمِ وُجُوبِ تَأْجِيلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ تَنَجُّمٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ سَكَتَ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ عَنْ بَيَانِ حُلُولِ الْعِوَضِ وَتَأْجِيلِهِ.

(قَوْلُهُ: فَهِيَ صَحِيحَةٌ) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ وَقَوْلُهُ وَتُنَجَّمُ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ لُزُومًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ التَّنْجِيمُ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ (قَوْلُهُ: فَقَطَاعَةٌ) أَيْ فَيُقَالُ لَهَا قَطَاعَةٌ كَمَا يُقَالُ لَهَا كِتَابَةٌ فَالْقَطَاعَةُ عِنْدَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَجَّمَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ رُشْدٍ) ذَكَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِصَحَّحَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَا جَعْلُهَا نُجُومًا إلَخْ) أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يُجْعَلَ نَجْمًا وَاحِدًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>