فِي صِحَّتِهِ (وَضْعٌ لِمَا لَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ لِلَّذِي لَهُ مِنْ النُّجُومِ وَلَيْسَ بِعِتْقٍ حَقِيقَةً، فَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ خَفَّفَ عَنْهُ لِتَتِمَّ لَهُ الْحُرِّيَّةُ فَلَمَّا لَمْ تَتِمَّ رَجَعَ رَقِيقًا وَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ (إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّ قَصْدَهُ الْعِتْقُ حَقِيقَةً لَا الْوَضْعَ أَوْ يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ فَيَعْتِقُ الْآنَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشَرْطِهِ فَقَوْلُهُ وَعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ أَيْ إذَا قَصَدَ الْوَضْعَ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ أَيْ فَكَّ الرَّقَبَةَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ (كَإِنْ فَعَلْت) كَذَا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (فَنِصْفُك حُرٌّ) تَشْبِيهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ غَيْرُ تَامٍّ (فَكَاتَبَهُ ثُمَّ فَعَلَ) الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ (وَضَعَ) عَنْ الْمُكَاتَبِ (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَكْتَفِ عَنْ الْجَوَابِ بِالتَّشْبِيهِ لِإِفَادَتِهِ بِالْجَوَابِ أَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ إذْ يُوضَعُ النِّصْفُ فِي هَذَا وَلَوْ قَصَدَ فَكَّ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ النُّفُوذِ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ حَقِيقَةً لِتَعَلُّقِ الْبَيْعِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ فَلَمْ يَكُنْ لِنِيَّةِ الْعِتْقِ تَأْثِيرٌ حَالَ النُّفُوذِ ثُمَّ إنْ أَدَّى النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ خَرَجَ حُرًّا (وَرَقَّ كُلُّهُ إنْ عَجَزَ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَا قَبْلَهَا مِمَّا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ
وَلَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ إلَّا فِي التَّبَرُّعِ وَالْمُحَابَاةِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عَجْزِهِ فَيُمْنَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يُتَرَقَّبُ بِهِ عِتْقُ الْعَبْدِ فَمَا كَانَ بِعِوَضٍ جَازَ وَمَا لَا فَلَا نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ (وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ وَمُشَارَكَةٌ وَمُقَارَضَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ) لِرَقِيقِهِ لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ عَجَزَ الْأَعْلَى أَدَّى الْأَسْفَلُ إلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَعَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ الْأَسْفَلُ إنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ (وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ) أَيْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ وَيَسْتَخْلِفَ أَيْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ لِشَائِبَةِ الرِّقِّ فِيهِ (وَ) لَهُ (إسْلَامُهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَلَوْ ذَكَرًا فِي جِنَايَتِهَا (أَوْ فِدَاؤُهَا) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (إنْ جَنَتْ) تِلْكَ الذَّاتُ وَقَوْلُهُ (بِالنَّظَرِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ لَا قَصَدَ لَهُ أَصْلًا أَمَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ الْعِتْقَ وَفَكَّ الرَّقَبَة مِنْ الرِّقِّيَّةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ إنْ عَجَزَ وَكَانَ مُوسِرًا بِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: فِي صِحَّتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِي مَرَضِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا حَقِيقَةً لَا وَضْعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَجَزَ وَرَقَّ لِلْوَرَثَةِ لَمْ يُنْفِذُوا وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ وَهُوَ قَدْ أَرَادَ إنْفَاذَهَا وَأَنْ لَا يَعُودَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ، فَإِنَّمَا أَرَادَ التَّخْفِيفَ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَأَنَّهُ إنْ عَجَزَ كَانَ رِقًّا لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اهـ عبق (قَوْلُهُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِهِ لَيْسَ عِتْقًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ) أَيْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَلَّ لَهُ) أَيْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَلَا رُجُوعَ لِمَنْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَصَدَ) أَيْ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ الْعِتْقَ حَقِيقِيَّةً (قَوْلُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ يَسَارُهُ بِقِيمَتِهَا، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا لِلشَّرِيكِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ انْعَقَدَ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ فَلَوْ قَوَّمْنَاهُ الْآنَ لَكَانَ فِيهِ نَقْلٌ لِلْوَلَاءِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ فَعَلْت إلَخْ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ كَأَنْ فَعَلْت إلَى أَنَّ مَحَلَّ وَضْعِ نِصْفِ الْكِتَابَةِ عَنْ الْمُكَاتَبِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَ نِصْفِهِ عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ ثُمَّ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ، فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ كَنِصْفُكَ حُرٌّ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَنِصْفُك حُرٌّ ثُمَّ كَاتَبَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ أَيْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَيْ أَنَّهُ يُعْتِقُ كُلُّهُ بَعْضَهُ عَمَلًا بِالصِّيغَةِ وَبَعْضَهُ بِالسِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ) فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ أَنَّ هَذَا مُشَبَّهُهُ بِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي مُطْلَقِ وَضْعِ النِّصْفِ عَنْ الْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ: وُضِعَ النِّصْفُ) أَيْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى وَضْعِ نِصْفِ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى عِتْقِ نِصْفِهِ، وَإِنْ كَانَ قَاصِدًا بِهِ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ لِإِفَادَتِهِ بِالْجَوَابِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ تَرَكَهُ لَاقْتَضَى تَمَامَ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ يُوضَعُ النِّصْفُ فِي هَذَا) أَيْ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَصَدَ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَقْصِدْ فَكَّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ فَكَّ الرَّقَبَةِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ إذْ لَا يَتَأَتَّى هُنَا إلَّا قَصْدُ الْعِتْقِ لَا قَصْدُ وَضْعِ الْمَالِ إذْ هُوَ لَمْ يُكَاتِبْهُ إلَّا بَعْدُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي حَالِ النُّفُوذِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ، وَإِنْ كَانَ حَالَ الصِّيغَةِ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ قَطْعًا وَنِيَّةُ الْعِتْقِ حَصَلَتْ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّهُ حَالَ النُّفُوذِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِنِيَّةِ الْعِتْقِ تَأْثِيرٌ فِي حَالِ النُّفُوذِ فَلِذَا حُمِلَتْ الصِّيغَةُ عَلَى الْوَضْعِ لَا عَلَى الْعِتْقِ
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتِبِ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَالْحُرِّ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَمَا كَانَ بِعِوَضٍ جَازَ) أَيْ فَمَا كَانَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِعِوَضٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيِّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا فَلَا) أَيْ وَمَا كَانَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِلَا عِوَضٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعَجْزٍ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ بَيْعٍ وَاشْتِرَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقَارَضَةٌ) بِالْقَافِ وَالرَّاءِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا نُسْخَةُ وَمُفَاوَضَةٌ بِالْفَاءِ وَالْوَاوِ فَيُغْنِي عَنْهَا قَوْلُهُ وَمُشَارَكَةٌ وَنُسْخَةُ وَمُعَاوَضَةٌ بِالْعَيْنِ يُغْنِي عَنْهَا بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ (قَوْلُهُ: لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ) أَيْ لِأَجْلِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَسْفَلُ (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ: وَاسْتِخْلَافُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَتَزْوِيجُ أَمَتِهِ أَيْ وَاسْتَخْلَفَ عَاقِدًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ فِيهِ تَزْوِيجُهَا، وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute