للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَهُ الْعَبْدُ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ أَوْ يُرِيدَهُ السَّيِّدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ مَنَعَ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ بِالشَّرْطَيْنِ (فَيَرِقُّ) أَيْ يَرْجِعُ قِنًّا لَا شَائِبَةَ فِيهِ

(وَلَوْ) (ظَهَرَ لَهُ) بَعْدَ التَّعْجِيزِ (مَالٌ) أَخْفَاهُ عَنْ السَّيِّدِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ يَرْجِعُ مُكَاتَبًا (كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) مِنْ النُّجُومِ، وَإِنْ رَدَّهُمَا فَيَرِقُّ؛ لِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْبَعْضِ كَعَجْزِهِ عَنْ الْكُلِّ (أَوْ غَابَ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (عِنْدَ الْمَحَلِّ) أَيْ حُلُولِ الْكِتَابَةِ (وَلَا مَالَ لَهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ النُّجُومُ أَوْ الْبَاقِي مِنْهَا وَظَاهِرُهُ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ كَانَ مَلِيًّا هُنَاكَ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ مَا بِيَدِهِ، فَإِنْ غَابَ بِإِذْنِهِ لَمْ يُعْجِزْهُ بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ (وَفَسَخَ الْحَاكِمُ) كِتَابَتَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ حِينَئِذٍ إلَّا بِالْحُكْمِ لَكِنْ إنْ أَبَى الْعَبْدُ الْحَاضِرُ فِي الْأُولَى، فَإِنْ اتَّفَقَ مَعَ سَيِّدِهِ عَلَى التَّعْجِيزِ لَمْ يَحْتَجْ لِحُكْمٍ وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْعَبْدُ التَّعْجِيزَ وَأَبَاهُ السَّيِّدُ لَمْ يَحْتَجْ لِحُكْمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ غَيْبَةُ الْعَبْدِ بِلَا إذْنٍ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَلَا بُدَّ فِي التَّعْجِيزِ مِنْ الْحُكْمِ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ بَعُدَتْ وَقَوْلُهُ (وَتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا أَيْ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ فِي الْحَاضِرِ الْعَاجِزِ عَنْ شَيْءٍ وَفِي الْغَائِبِ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ لَا إنْ بَعُدَتْ أَوْ لَمْ يُرْجَ لَهُ يَسَارٌ أَوْ جُهِلَ حَالُهُ (كَالْقَطَاعَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إذَا عَجَزَ الْعَبْدُ عَمَّا قُوطِعَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ عَقْدَ الْقَطَاعَةِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالنَّظَرِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْقَطَاعَةُ عَلَى مُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ وَلَهَا صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ حَالٍّ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَقَوْلُهُ (وَلَوْ شَرَطَ) السَّيِّدُ (خِلَافَهُ) مُبَالَغَةً فِي التَّلَوُّمِ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ فِي الْقَطَاعَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَفِي فَسْخِ الْحَاكِمِ أَيْ يَفْسَخُ الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ وَلَوْ شَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ خِلَافَ التَّلَوُّمِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ غَابَ بِلَا إذْنٍ أَوْ عَجَزَ عَمَّا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ رَقِيقٌ بِغَيْرِ تَلَوُّمٍ وَفَسَخَ مِنْ حَاكِمٍ فَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا (وَقَبَضَ) الْحَاكِمُ وُجُوبًا الْكِتَابَةَ مِنْ الْمُكَاتَبِ (إنْ غَابَ سَيِّدُهُ) وَلَا وَكِيلَ لَهُ خَاصٌّ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلُ مَنْ لَا وَكِيلَ لَهُ (وَإِنْ) أَرَادَ الْمُكَاتَبُ تَعْجِيلَهَا (قَبْلَ مَحَلِّهَا) أَيْ حُلُولِهَا وَسَوَاءٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَفَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) تَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَكَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ فَيَرِقُّ) أَيْ فَيَصِيرُ رَقِيقًا لَا شَائِبَةَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّهُ رِقٌّ فِي الْأَصْلِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَيَرِقُّ اهـ وَقَوْلُهُ فَيَرِقُّ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى تَعْجِيزِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ خَالِصٌ مِنْ التَّأْوِيلِ بِالْفِعْلِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى رِقِّيَّتِهِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَالِمًا بِذَلِكَ الْمَالِ وَأَخْفَاهُ عَنْهُ السَّيِّدُ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ قَالَ يَرْجِعُ مُكَاتَبًا) أَيْ إذَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ التَّعْجِيزِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) أَيْ عِنْدَ حُلُولِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ حَاضِرٌ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ وَيَفْسَخُ الْحَاكِمُ كِتَابَتَهُ وَكَذَا إنْ غَابَ عِنْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ لَكِنَّ مَحَلَّ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ فِي الْأُولَى إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ التَّعْجِيزَ وَأَبَى الْعَبْدُ لَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِفَسْخِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِالتَّعْجِيزِ كَالسَّيِّدِ فَلَا يَحْتَاجُ لِفَسْخِ الْحَاكِمِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَحِلِّ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى الْحُلُولِ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَمَكَانُ الْحُلُولِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا أَعْنِي قَوْلَهُ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعَجِّزْهُ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى لَمْ يَرِقَّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ فِي التَّعْجِيزِ مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ لِأَنَّ تَعْجِيزَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قُدُومِهِ عَلَى الصَّوَابِ بَلْ يُعَجِّزُ وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَتَلَوَّمَ) أَيْ الْحَاكِمُ لِمَنْ يَرْجُوهُ أَيْ لِمَنْ يَرْجُو يَسَارَهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ أَوْ يُرْجَى قُدُومُهُ وَيُسْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاضِرَ الْعَاجِزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ ذَلِكَ وَأَبَى الْعَبْدُ التَّلَوُّمَ لَهُ إنْ كَانَ يُرْجَى يَسَارُهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى يَسَارُهُ فِيهَا حُكِمَ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، وَأَمَّا الْغَائِبُ عِنْدَ الْحُلُولِ بِلَا إذْنٍ فَقِيلَ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ مُطْلَقًا وَقِيلَ: إنْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ لَا يُحْكَمُ بِالْفَسْخِ إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ إنْ كَانَ يُرْجَى قُدُومُهُ وَيُسْرُهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ ذَلِكَ حُكِمَ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ كَبَعِيدِ الْغَيْبَةِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ

(قَوْلُهُ: كَالْقَطَاعَةِ) أَيْ كَمَا يَتَلَوَّمُ وَيُحْكَمُ بِالْفَسْخِ فِي الْقَطَاعَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ أَتَيْتنِي بِعَشْرَةٍ حَالَّةً فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يُكَاتِبُهُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا عَلَى ثَلَاثَةِ نُجُومٍ مَثَلًا ثُمَّ يُقَاطِعُهُ عَلَى ثَلَاثِينَ مَثَلًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً لِأَجَلٍ أَقْرَبَ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا قَاطَعَهُ بِهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ عَقْدَ الْقَطَاعَةِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِمَنْ يُرْجَى يُسْرُهُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْعَقْدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُقَاطَعَةً؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَطَعَ طَلَبَ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُ لَهُ أَوْ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ قَطَعَ لَهُ تَمَامَ حُرِّيَّتِهِ بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ لَهُ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ قَالَهُ عِيَاضٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ التَّلَوُّمِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ التَّلَوُّمِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَقَبَضَ الْحَاكِمُ إنْ غَابَ سَيِّدُهُ) أَيْ وَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ إقْبَاضِهَا لَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَبْلَ مَحِلِّهَا) أَيْ هَذَا إذَا أَتَى بِهَا الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ وَإِنْ أَتَى بِهَا قَبْلَ أَجَلِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>