للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لَمَّا حَدَثَتْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْمُوصَى لَهُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَقَالَ الشَّارِحُ بَلْ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَمِقْدَارُ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ الْحَاصِلَتَيْنِ مِنْ الْغَلَّةِ انْتَهَى وَأُجِيبَ عَنْ الْمُنَافَاةِ فِي الْمُصَنِّفِ بِمَا لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَشَى أَوَّلًا عَلَى قَوْلٍ وَثَانِيًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَوْلُهُمْ يَكُونُ لَهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ قَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ بِهِ الْأُصُولُ بِتَمَامِهَا؛ لِأَنَّهَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِهَا مَعَ الثَّمَرَةِ لَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْهَا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَأْخُذُ الْمُوصَى بِهِ بِتَمَامِهِ مَتَى حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَالنِّزَاعُ إنَّمَا هُوَ فِي الثَّمَرَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ وَمِقْدَارُ ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ فِي الثَّمَرَةِ هَلْ هِيَ لِلْمُوصَى لَهُ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى أَنَّ الْمِلْكَ لَهُ بِالْمَوْتِ أَوْ هِيَ لِلْوَرَثَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ بِالتَّقْوِيمِ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ فَتَدَبَّرْ.

وَلَمْ يَحْتَجْ (رِقٌّ لِإِذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (فِي قَبُولِهِ) لِوَصِيَّةٍ أَوْصَى لَهُ بِهَا بَلْ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ وَيُعْتَبَرُ قَبُولُهُ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الْحَجْرِ بِمَا هُوَ أَشْمَلُ مِمَّا هُنَا (كَإِيصَائِهِ) أَيْ السَّيِّد (بِعِتْقِهِ) أَيْ عِتْقِ رَقِيقِهِ لَا يَحْتَاجُ فِي نُفُوذِهِ لِإِذْنٍ مِنْ الْعَبْدِ بَلْ يَعْتِقُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ يَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ (وَخُيِّرَتْ جَارِيَةُ الْوَطْءِ) أَيْ الَّتِي تُرَادُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا سَيِّدُهَا وَقَدْ أَوْصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ بَيْنَ الرِّضَا بِذَلِكَ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّ وَإِنَّمَا خُيِّرَتْ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ ضَيَاعُ جِوَارِي الْوَطْءِ بِالْعِتْقِ وَأَمَّا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا تُخَيَّرُ إذْ لَيْسَ لَهَا الْبَقَاءُ عَلَى الرِّقِّ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَقٌّ لِلَّهِ لَيْسَ لَهَا إبْطَالُهُ بَلْ الْإِيصَاءُ بِعِتْقِهَا نَافِذٌ وَلَا يُحْتَاجُ لِإِذْنٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَاحْتَرَزَ بِجَارِيَةِ الْوَطْءِ مِنْ جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ فَلَا خِيَارَ لَهَا بَلْ تُبَاعُ لِمَنْ يَعْتِقُهَا، وَمِثْلُهَا الْعَبْدُ (وَلَهَا) أَيْ لِجَارِيَةِ الْوَطْءِ الَّتِي أَوْصَى سَيِّدُهَا بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ (الِانْتِقَالُ) عَمَّا اخْتَارَتْهُ مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إلَى الْآخَرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يُنَفَّذُ فِيهَا مَا اخْتَارَتْهُ أَوَّلًا.

(وَصَحَّ) الْإِيصَاءُ وَلَوْ بِكَثِيرٍ (لِعَبْدِ وَارِثِهِ) كَعَبْدِ ابْنِهِ (إنْ اتَّحَدَ) الْوَارِثُ وَحَازَ جَمِيعَ الْمَالِ كَالِابْنِ لَا الْبِنْتِ، وَمِثْلُ الْمُتَّحِدِ الْمُتَعَدِّدُ وَالْعَبْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَوَرِثُوا جَمِيعَ الْمَالِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهَا كَوَصِيَّةِ الْوَارِثِ وَإِذَا صَحَّ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُهَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَقَوْلُهُ بَلْ لَهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الَّذِي هُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الْقَائِلُ بِمُرَاعَاةِ الْأَمْرَيْنِ وَقْتَ الْقَبُولِ وَوَقْتَ الْمَوْتِ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِمُرَاعَاةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَقَطْ فَيَكُونُ الْحَائِطُ كُلُّهُ بِغَلَّتِهِ لِلْمُوصَى لَهُ.

(قَوْلُهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ) أَيْ فَقَطْ لَا مَعَ الْغَلَّةِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي حَمَّلَهُ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ إنَّمَا حَمَّلَ أَلْفًا.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ النَّظَرِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ إلَّا خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْحَائِطِ وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْغَلَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْقَبُولِ فَقَطْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ. (قَوْلُهُ وَمِقْدَارُ ثُلُثٍ لِمِائَتَيْنِ) أَيْ وَهُوَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَاحِدًا وَثُلُثَا وَاحِدٍ إنْ قُلْت إنَّ الْغَلَّةَ لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَةً لِلْمَيِّتِ وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا عُلِمَ كَمَا يَأْتِي وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَلَّةَ لَمَّا كَانَتْ كَامِنَةً فِي الْأُصُولِ فَكَأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ عَادَةً فَإِذَا لَمْ يُعْطَ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثُهَا لَزِمَ نَقْصُهُ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ. (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِيَوْمِ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ يَوْمِ الْقَبُولِ وَالْمَوْتِ مَعًا.

(قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ الْأُصُولُ بِتَمَامِهَا أَيْ جَمِيعُ أُصُولِ الْحَائِطِ الَّتِي هِيَ الْأَشْجَارُ بِتَمَامِهَا وَقَوْلُهُ لَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْأُصُولِ.

(قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِهَا مَعَ الثَّمَرَةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ أَلْفٌ وَمِائَتَانِ لَا لِغَلَّةٍ وَالْأَلْفُ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ أَوْ هِيَ لِلْوَرَثَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوْلِ بِالتَّقْوِيمِ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ) فِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى التَّقْوِيمِ بِغَلَّةٍ حَصَلَتْ أَنْ يَكُونَ ثُلُثُ الْغَلَّةِ لِلْمُوصَى لَهُ وَثُلُثَاهَا لِلْوَرَثَةِ لَا أَنَّهَا كُلَّهَا لِلْوَرَثَةِ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ بَهْرَامَ وَجِيهٌ وَاعْتِرَاضُ الشَّارِحُ سَاقِطٌ

(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ مَسْأَلَةُ عَدَمِ احْتِيَاجِ الرَّقِيقِ لِإِذْنٍ فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِمَا هُوَ أَشْمَلُ مِمَّا هُنَا أَيْ حَيْثُ قَالَ وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ وَهَذَا شَامِلٌ لِقَبُولِ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ.

(قَوْلُهُ كَإِيصَائِهِ) تَشْبِيهٌ فِي نَفْيِ مُطْلَقِ الِاحْتِيَاجِ لِإِذْنٍ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ نَفْيًا لِاحْتِيَاجِ إذْنِ السَّيِّدِ وَالثَّانِي نَفْيًا لِاحْتِيَاجِ إذْنِ الرَّقِيقِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا فَلَا تَخَيُّرَ إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا تُخَيَّرُ كَالْمُوصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ. (قَوْلُهُ مِنْ جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ) أَيْ الْمُوصَى بِبَيْعِهَا لِلْعِتْقِ.

(قَوْلُهُ، وَمِثْلُهَا) أَيْ فِي نُفُوذِ الْوَصِيَّةِ وَعَدَمِ الْخِيَارِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِبَيْعِهِ لِلْعِتْقِ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْفُذْ فِيهَا إلَخْ) أَيْ بِالْحُكْمِ وَكَذَا إنْ أَوْقَفَهَا الْحَاكِمُ فَاخْتَارَتْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهَا الشُّهُودَ بِاخْتِيَارِهَا أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا الِانْتِقَالُ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ لِعَبْدِ وَارِثِهِ) أَيْ وَارِثِ الْمُوصِي.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بِكَثِيرٍ) أَيْ إلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْوَارِثُ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْمُوصِي وَارِثٌ إلَّا سَيِّدَ هَذَا الْعَبْدِ، وَقَوْلُهُ وَحَازَ جَمِيعَ الْمَالِ أَيْ بِالْعُصُوبَةِ فَصَحَّ إخْرَاجُ الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ حَوْزَهَا لِجَمِيعِ الْمَالِ بِالْفَرْضِ وَالرَّدِّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الرَّدِّ وَتَوْرِيثُ بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ لِرَقِيقِ الْوَارِثِ بِمَا ذَكَرَ مِنْ الشَّرْطَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ لَمْ يُتَّهَمْ الْمُوصِي عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ نَفْعَ وَارِثِهِ الَّذِي هُوَ سَيِّدُهُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بِالسَّوِيَّةِ وَلَمْ يَرِثُوا جَمِيعَ الْمَالِ كَابْنَتَيْنِ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا كَوَصِيَّةٍ لِوَارِثٍ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا صَحَّ)

<<  <  ج: ص:  >  >>