يُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لَا بَنِي زَيْدٍ مَثَلًا فَإِنَّهَا وَصِيَّةٌ جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ وَإِلَّا فَهِيَ لِلْمَسَاكِينِ لِبَدْئِهِ بِهِمْ بِخِلَافِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ بَدَأَ بِذِكْرِ مَا تَبْطُلُ بِهِ.
(وَ) بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ (بِرُجُوعٍ فِيهَا) مِنْ الْمُوصِي سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْهُ الْإِيصَاءُ فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ إجْمَاعًا فَيَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا مَا دَامَ حَيًّا (وَإِنْ) كَانَ رُجُوعُهُ (بِمَرَضٍ) أَيْ فِيهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ وَقِيلَ إنْ الْتَزَمَ عَدَمَ الرُّجُوعِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَصُحِّحَ؛ لِأَنَّ الْمُؤْمِنَ عِنْدَ شَرْطِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَبَالَغَ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْمَرَضِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِانْتِزَاعِ لِلْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَأَمَّا مَا بَتَلَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ حَبْسٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ بَيَّنَ مَا بِهِ الرُّجُوعُ بِقَوْلِهِ (بِقَوْلٍ) أَيْ وَالرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ يَكُونُ بِقَوْلٍ صَرِيحٍ كَأَبْطَلْتهَا أَوْ رَجَعْت عَنْهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ) بِفِعْلٍ مِثْلُ (بَيْعٍ) لِمَا أَوْصَى بِهِ (وَعِتْقٍ) لِرَقَبَةٍ أَوْصَى بِهَا لِزَيْدٍ مَثَلًا (وَكِتَابَةٍ) لِمَنْ أَوْصَى بِهِ (وَإِيلَادٍ) لِأَمَةٍ مُوصَى بِهَا (وَحَصْدِ زَرْعٍ) أَوْصَى بِهِ أَيْ وَدَرَسَهُ وَصَفَّاهُ بِهِ لَا مُجَرَّدُ الْحَصْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّذْرِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَجَذُّ الثَّمَرَةِ الْمُوصَيْ بِهَا لَا يُبْطِلُهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ يُبْسِهَا (وَنَسْجِ غَزْلٍ وَصَوْغِ فِضَّةٍ) أَوْصَى بِهَا (وَحَشْوِ قُطْنٍ) أَوْصَى بِهَا إذَا كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدَ الْحَشْوِ إلَّا دُونَ نِصْفِهِ كَحَشْوِهِ بِثَوْبٍ كَالْمَضْرِبَةِ وَأَمَّا حَشْوُهُ فِي نَحْوِ وِسَادَةٍ فَلَا يُفِيتُهُ لِخُرُوجِ النِّصْفِ وَمَا قَارَبَهُ مِنْهَا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْفَوَاتِ خُرُوجُ أَكْثَرِهِ (وَذَبْحِ شَاةٍ) أَوْ نَحْوِهَا أَوْصَى بِهَا (وَتَفْصِيلِ شَقَّةٍ) أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ شُقَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمُقَطَّعٍ فَفَصَّلَهَا ثَوْبًا فَمُفِيتٌ لِزَوَالِ الِاسْمِ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ ثَوْبٍ فَلَا يُفِتْهَا التَّفْصِيلُ لِعَدَمِ زَوَالِ الِاسْمِ.
(وَ) بَطَلَ (إيصَاءُ) قَيْدٍ (بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا) أَيْ الْمَرَضُ أَوْ السَّفَرُ يَعْنِي انْتَفَى الْمَوْتُ فِيهِمَا أَنْ (قَالَ إنْ مِتّ فِيهِمَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ إنْ مِتّ مِنْ مَرْضِي هَذَا أَوْ فِي سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا فَلَمْ يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِيصَاءَ أَيْ الْوَصِيَّةَ بِالْمَوْتِ فِيهِمَا وَهُوَ لَمْ يَمُتْ هَذَا إنْ لَمْ يَكْتُبْ إيصَاءَهُ بِكِتَابٍ بَلْ (وَإِنْ) كَتَبَهُ (بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ) لِلنَّاظِرِ مِنْ يَدِهِ حَتَّى صَحَّ أَوْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ وَمَاتَ بَعْدَهُمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَدَأَ بِذِكْرِ الْوَارِثِ دَلَّ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَمَا قَصَدَ بِهِ الْإِضْرَارَ لَا يَمْضِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُوصِي: {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢] . وَلِخَبَرِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» وَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ سَوَاءٌ أَجَازُوا أَوْ لَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ مَنْهِيًّا عَنْهَا لِقَصْدِهِ الضَّرَرَ حُكِمَ بِفَسَادِهَا فَلَا يُبِيحُهَا إجَازَتُهُمْ بَلْ إجَازَتُهُمْ ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ فَيُعْتَبَرُ شُرُوطُهَا كَكَوْنِهِمْ رُشَدَاءَ بِلَا دَيْنٍ وَالْقَبُولُ وَالْحِيَازَةُ.
(قَوْلُهُ لِبَدْئِهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِوَارِثِهِ إذَا أَجَازَهَا لَهُ الْوَرَثَةُ لِبَدْءِ الْمُوصِي بِالْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ
(قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ غَيْرُهُ بِمَشْهُورِيَّتِهِ.
(قَوْلُهُ وَصُحِّحَ) فَقَدْ ذَكَرَ الْقُورِيُّ فِي جَوَابٍ لَهُ أَنَّ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى وَمَضَى بِهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَدَمُ الرُّجُوعِ قَالَ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي شَيْخُنَا الْعَبْدُوسِيُّ وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ أَوْ بَيْعٌ لِمَا أَوْصَى بِهِ) أَيْ وَلَمْ يَشْتَرِهِ بَعْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ ثُبُوتٌ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ.
(قَوْلُهُ وَكِتَابَةٌ) أَيْ فَإِنْ عَجَزَ رَجَعَتْ الْوَصِيَّةُ وَعُمِلَ بِهَا وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ ذِكْرِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي أَحَدِهِمَا لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ بَيْعًا مَحْضًا وَلَا عِتْقًا مَحْضًا وَلَمَّا كَانَ الْبَيْعُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُسْتَوِيًا فِي أَنَّهُ فِعْلٌ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْقَوْلِ عَطَفَهُ بِأَوْ وَعَطَفَ مُشَارِكَهُ فِي الْفِعْلِ بِالْوَاوِ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَدَرَسَهُ وَصَفَّاهُ) أَيْ سَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّذْرِيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ لِزَوَالِ الِاسْمِ حِينَئِذٍ وَأَمَّا قَبْلَهَا فَلَمْ يَزُلْ عَنْهُ اسْمُ الزَّرْعِ.
(قَوْلُهُ وَنَسْجُ غَزْلٍ) أَيْ مُوصًى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ انْتَقَلَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ شَقَّةٍ) أَيْ وَلَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَا يُسَمَّى شَقَّةً وَلَمْ يُسَمِّهِ بِذَلِكَ بَلْ سَمَّاهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا ثُمَّ فَصَّلَهُ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ رُجُوعًا.
(قَوْلُهُ كَمُقَطَّعٍ) أَيْ أَوْ بِفَتَّةٍ أَوْ طَاقَةٍ.
(قَوْلُهُ لِزَوَالِ الِاسْمِ) أَيْ لِزَوَالِ اسْمِ الشَّقَّةِ وَنَحْوِهِ كَالْمُقَطَّعِ وَالْبَتَّةِ وَالطَّاقَةِ بِالتَّفْصِيلِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا بِلَفْظِ ثَوْبٍ) أَيْ أَوْ قَمِيصٍ أَوْ سِرْوَالٍ بِأَنْ أَشَارَ لِمُقَطَّعٍ أَوْ بِفَتَّةٍ وَقَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِهَذَا الثَّوَابِ أَوْ الْقَمِيصِ ثُمَّ فَصَّلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ لِعَدَمِ زَوَالِ الِاسْمِ) أَيْ لِعَدَمِ زَوَالِ اسْمِ الثَّوْبِ بِالتَّفْصِيلِ
(قَوْلُهُ قُيِّدَ بِمَرَضٍ) أَيْ قُيِّدَ بِمَوْتٍ بِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ انْتَفَى حُصُولُهُ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ يَعْنِي انْتَفَى الْمَوْتُ فِيهِمَا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ تَثْنِيَةَ الْمُصَنِّفِ لِلضَّمِيرِ وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهُ وَاحِدًا وَهُوَ الْمَوْتُ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ مَحِلِّهِ.
(قَوْلُهُ إنْ قَالَ إنْ مِتَّ فِيهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْقَيْدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى أَشْهَدَ عَلَى وَصِيَّتِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ وَكَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ فَلَا تَنْفُذُ إلَّا إذَا مَاتَ فِيهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ مِتّ فَلِفُلَانٍ كَذَا أَوْ قَالَ يَخْرُجُ مِنْ مَالِي لِفُلَانٍ كَذَا لَمْ يَقُلْ إنْ مِتَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ أَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ كَذَا وَصِيَّةً؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْمِيمِ كَمَتَى مِتَّ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ بِالْمَوْتِ) أَيْ عَلَى الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ وَمَاتَ بَعْدَهُمَا) أَيْ فَتَبْطُلُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَى