للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ. اهـ. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ زَكَاةَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ الْحَوْلِ وَدَخَلَ أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ وَهَدْيٌ قُلِّدَ وَضَحِيَّةٌ تَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا (ثُمَّ) بَعْدَ إخْرَاجِ مَا ذَكَرَ يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ) مِنْ كَفَنٍ وَغُسْلٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ وَغَيْرِهَا (بِالْمَعْرُوفِ) بِمَا يُنَاسِبُ مِنْ فَقْرٍ وَغِنًى وَضَمِنَ مَنْ أَسْرَفَ وَكَذَا مُؤَنُ تَجْهِيزِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِرِقٍّ كَمَوْتِ سَيِّدٍ وَعَبْدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى كَفَنٍ وَاحِدٍ كُفِّنَ بِهِ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكُفِّنَ سَيِّدُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ تُقْضَى) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (دُيُونُهُ) الَّتِي لِآدَمِيٍّ كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا ثُمَّ هَدْيُ تَمَتُّعٍ إنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا ثُمَّ زَكَاةُ فِطْرٍ فَرَّطَ فِيهَا وَكَفَّارَاتٌ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا وَلَمْ يُشْهِدْ فَمِنْ الثُّلُثِ وَمِثْلُ كَفَّارَاتٍ أَشْهَدَ بِهَا زَكَاةُ عَيْنٍ حَلَّتْ وَأَوْصَى بِهَا وَزَكَاةُ مَاشِيَةٍ حَلَّتْ وَلَا سَاعِيَ وَلَمْ يُوجَدْ السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا فَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إخْرَاجِهِ قَبْلَ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ فَإِنْ كَانَ سَاعٍ وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيئِهِ اسْتَقْبَلَ الْوَارِثُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ (ثُمَّ) تَخْرُجُ (وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي) أَيْ الْفَاضِلِ عَمَّا تَقَدَّمَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِمَالِهِ كَانَتْ رَقَبَتُهُ رَهْنًا فِي شَيْئَيْنِ الدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ، وَلَا يَكُونُ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ، وَإِنْ رَهَنَ مَعَهُ مَالَهُ كَانَ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ كَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِإِذْنِهِ) أَيْ، وَإِنْ فِدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَلَيْسَ رَهْنًا فِي الْفِدَاءِ بَلْ فِي الدَّيْنِ فَقَطْ وَالْفِدَاءُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: زَكَاةَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ) أَيْ فَالزَّكَاةُ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ الْحَوْلِ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُمَا أَوَّلًا قَبْلَ الْكَفَنِ وَقَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَرْثُ غَيْرَ مَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَهُ فَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ تَقْدِيمُ رَبِّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ قَالَ بْن وَفِي هَذَا الِاسْتِنَادِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَأَمَّا الْحَبُّ فَالْفُقَرَاءُ شُرَكَاءُ فِي عَيْنِهِ فَلَا مِلْكَ لِلْمَيِّتِ فِي حَظِّهِمْ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ دَيْنُهُ.

(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ) أَيْ فَيَبْدَأُ بِعِتْقِهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْكَفَنِ وَعَلَى الدَّيْنِ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَعَلَى الْمِيرَاثِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَلَسِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا قَامَ بَائِعُهَا بِثَمَنِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَجَدَهُ مُفْلِسًا وَحَكَمَ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَخْذِ صَاحِبِهَا لَهَا بِالْفِعْلِ فَيَأْخُذُهَا وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ أَوْ يُجَابُ بِجَعْلِ الْمُفْلِسِ صِفَةً لِصَاحِبِهَا، وَهُوَ الْبَائِعُ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا بَعْدَ فَلَسِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَوَجَدُوا الْمُشْتَرِي قَدْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي الْفَلَسِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ الْمُفْلِسُ وَالْمَيِّتُ هُوَ الْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ: وَهَدْيٌ قُلِّدَ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا يُقَلَّدُ، وَأَمَّا مَا لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ فَيُنَزَّلُ سَوْقُهَا فِي الْإِحْرَامِ لِلذَّبْحِ مَنْزِلَةَ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا) ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ صَاحِبُهَا قَبْلَ الذَّبْحِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ فِي الْكَفَنِ وَالدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنٍ (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُؤَنُ إلَخْ) أَيْ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ، وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَفَنٍ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ كَفَنٍ (قَوْلُهُ: وَغُسْلٍ) أَيْ أُجْرَةُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا مُؤَنُ تَجْهِيزِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِرِقٍّ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِرِقٍّ عَمَّنْ كَانَتْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَرَابَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ فِي مَالِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَنَائِزِ، وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ فِي الْمُنْفِقِ الْحَيِّ وَالْمُنْفَقُ عَلَيْهِ مَيِّتٌ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِمَنْ مَاتَ هُوَ وَعَبْدُهُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا) كَانَتْ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالصَّوْمِ وَالظِّهَارِ وَالْقَتْلِ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ مَتَى أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِهَا خَرَجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَوْصَى بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ) أَيْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَفِي الثُّلُثِ، فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ فِي صِحَّتِهِ بِبَقَائِهَا بِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ كَفَّارَاتٍ أَشْهَدَ بِهَا) أَيْ فِي صِحَّتِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: زَكَاةُ عَيْنٍ حَلَّتْ) أَيْ مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا) كَأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَلَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ.

(فَائِدَةٌ) يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ، وَلَا بَيْتُ مَالٍ مُنْتَظِمٌ أَنْ يَتَحَيَّلَ عَلَى إخْرَاجِ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي طَاعَةٍ لِلَّهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُشْهِدَ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَاتٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِحَقٍّ وَجَبَ إخْرَاجُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ أَتَى عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>