الْفُرُوضِ السِّتَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى النِّصْفُ وَالرُّبْعُ وَالثَّمَنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ سِتَّةً كَأَصْلِهَا لِاتِّحَادِ مُخْرَجِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَكُلُّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ مَادَّةِ عَدَدِهَا إلَّا الْأَوَّلَ (وَاثْنَا عَشَرَ) ضِعْفُ السِّتَّةِ إذْ قَدْ يَكُونُ فِي مَسْأَلَةٍ رُبْعٌ وَثُلُثٌ كَزَوْجَةٍ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ فَمُخْرَجُ الرُّبْعِ أَرْبَعَةٌ وَلَا ثُلُثَ لَهَا صَحِيحٌ وَمُخْرَجُ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ، وَلَا رُبْعَ لَهَا صَحِيحٌ وَبَيْنَ الْمُخْرَجَيْنِ تَبَايُنٌ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ (وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) ضِعْفُ الِاثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمُنٌ وَسُدُسٌ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَوَلَدٍ وَبَيْنَ مُخْرَجِ السُّدُسِ وَمُخْرَجِ الثُّمُنِ مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَاصِبٌ لَهُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَمُخْرَجُهُ دَاخِلٌ فِي الثَّمَانِيَةِ مَخْرَجِ الثُّمُنِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً فَلَهَا الثُّلُثَانِ وَمُخْرَجُهُمَا دَاخِلٌ فِي السِّتَّةِ مَخْرَجِ السُّدُسِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي خُصُوصِ بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَضِعْفُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، مِثَالُ الْأَوَّلِ أُمٌّ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ لِلْأُمِّ السُّدُسُ مَقَامُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَالْبَاقِي خَمْسَةٌ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ مُخْرَجُ الثُّلُثِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ السِّتَّةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ.
وَمِثَالُ الثَّانِي أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَبْعَةٌ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هُمَا نَشَآ مِنْ أَصْلَيْ السَّنَةِ وَضِعْفِهَا فَهُمَا تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخْرَجَ وَالْمَقَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ هَذِهِ الْأُصُولَ وَتَفْصِيلَهَا (فَالنِّصْفُ) مُخْرَجُهُ وَمَقَامُهُ (مِنْ اثْنَيْنِ) فَالِاثْنَانِ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى نِصْفٍ وَنِصْفٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَنِصْفٌ اثْنَانِ لِتَمَاثُلِ مَخْرَجِهِمَا وَتُسَمَّى هَاتَانِ بِالنِّصْفِيَّتَيْنِ وَبِالْيَتِيمَتَيْنِ أَوْ نِصْفٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَأَخٍ (وَالرُّبْعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ) فَالْأَرْبَعَةُ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى رُبْعٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَابْنٍ أَوْ رُبْعٍ وَنِصْفٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ أَوْ رُبْعٍ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ، وَأَبَوَيْنِ (وَالثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) فَهِيَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُمُنٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ أَوْ ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ.
(وَالثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ) فَهِيَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ أَوْ ثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَأُمٍّ، وَأَخٍ أَوْ ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَبِنْتَيْنِ وَعَمٍّ (وَالسُّدُسُ) مُخْرَجُهُ (مِنْ سِتَّةٍ) فَالسِّتَّةُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ مَقَامُ الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الِانْكِسَارَ وَالْعَوْلَ فَرْعَانِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ) أَيْ مَخَارِجُ هَذِهِ الْفُرُوضِ السِّتَّةِ سِتَّةً كَأَصْلِهَا أَيْ، وَهِيَ الْفُرُوضُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا) أَيْ الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا الْأَوَّلَ أَيْ إلَّا الْفَرْضَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ النِّصْفُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ لَفْظِ الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ مُخْرَجُهُ إذْ لَوْ أُخِذَ مِنْهُ لَقِيلَ فِيهِ ثُنَيٌّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ مُكَبَّرًا لَا مُصَغَّرًا (قَوْلُهُ: مِنْ مَادَّةِ عَدَدِهَا) أَيْ مِنْ مَادَّةِ الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ أَسْمَاءُ مَخَارِجِهَا فَالثُّلُثُ مَأْخُوذٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالرُّبُعُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالسُّدُسُ مَأْخُوذٌ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَالسِّتَّةَ أَسْمَاءٌ لِمَخَارِجِ تِلْكَ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ بَعْضُهُمْ) مِنْهُمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالنَّوَوِيُّ وَمِنْهُمْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَمَا فِي العصنوني (قَوْلُهُ: وَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَضِعْفُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ) فَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَالسِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيهَا سُدُسٌ وَرُبْعٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ إلْغَاءِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ جُعِلَ مَنَاطُ عَدَدِ أُصُولِ الْفَرَائِضِ مَقَامَ الْجُزْءِ الْمَطْلُوبِ وَجَوَّدَهُ فِي الْفَرِيضَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُضَافٌ لِكُلِّ التَّرِكَةِ وَقَدْ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِ هَذَا الْخِلَافِ لَفْظِيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا فَلَهُ ثَمَرَةٌ، وَهِيَ دُخُولُ الْجَدِّ فِي الشُّفْعَةِ وَعَدَمُ دُخُولِهِ لِكَوْنِ سَهْمِهِ خَاصًّا، وَكَذَلِكَ مَنْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ أَصْلِ مَسْأَلَتِهِ هَلْ يُعْطَى سَهْمًا مِنْ سِتَّةٍ أَوْ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ، وَأَمَّا إذَا قَاسَمَ أَوْ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ لَكَانَ لَهُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْبَاقِي اثْنَانِ وَثُلُثٌ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ سُدُسِ الْمَالِ، وَهُوَ اثْنَانِ وَمِنْ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّهُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَاحِدٌ وَخُمُسَانِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخْرَجَ وَالْمَقَامَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مُخْرَجَ الْفَرْضِ وَمَقَامَهُ، وَكَذَا أَصْلُهُ وَقَوْلُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَيْ، وَهُوَ أَقَلُّ عَدَدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ذَلِكَ الْفَرْضُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: لِتَمَاثُلِ مُخْرَجِهِمَا) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ، وَلَيْسَ أَصْلُهَا أَرْبَعَةً لِتَمَاثُلِ مُخْرَجِهِمَا أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِمُخْرَجِ أَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى هَاتَانِ) أَيْ الْمَسْأَلَتَانِ، وَهُمَا زَوْجٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ أُخْتٌ لِأَبٍ (قَوْلُهُ: بِالنِّصْفِيَّتَيْنِ) أَيْ لِاشْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالْيَتِيمَتَيْنِ) أَيْ لِشَبَهِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ لِقِلَّةِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute