للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَزُولُ بِهِ إشْكَالُ الْخُنْثَى مِنْ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أُنُوثَتِهِ أَوْ ذُكُورَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ بَالَ) الْخُنْثَى (مِنْ وَاحِدٍ) مِنْ فَرْجَيْهِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ دَلِيلٌ عَلَى ذُكُورَتِهِ وَبَوْلُهُ مِنْ فَرْجِهِ دَلِيلٌ عَلَى أُنُوثَتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا نَابَهُ فِي الذُّكُورَةِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ذَكَرًا وَالْآخَرِ أُنْثَى، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ إلَى أُنُوثَتِهِ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ نِصْفُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْخُنْثَى وَاحِدًا، وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ فَلَهُ رُبْعُ أَرْبَعَةِ أَنْصِبَاءَ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ بَلْ قَوْلُهُ: وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى الْمُرَادُ بِالْخُنْثَى الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ أَمَّا أَخْذُ الْوَاحِدِ نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا أَخْذُ الْمُتَعَدِّدِ لِمَا ذُكِرَ فَلِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ تَضَاعَفَتْ أَحْوَالُهُ وَبِتَضْعِيفِهَا يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى.

بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَمَّا تَضَاعَفَتْ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ ذُكُورَتَيْنِ وَأُنُوثَتَيْنِ كَانَ مَجْمُوعُ مَا حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ نِصْفُهَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ نَصِيبُ ذُكُورَةٍ وَأُنُوثَةٍ وَنِصْفُهَا أَحَدَ عَشَرَ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَوْ يُقَالُ إنَّهُ لَمَّا تَضَاعَفَتْ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ ذُكُورَتَيْنِ وَأُنُوثَتَيْنِ اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ الذُّكُورَتَيْنِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ فَنِصْفُهَا، وَهُوَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ نَصِيبُ ذُكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَاجْتَمَعَ لَهُ مِنْ الْأُنْثَيَيْنِ سِتَّةَ عَشَرِ فَنِصْفُهَا وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ نَصِيبُ أُنُوثَةِ وَاحِدَةٍ وَنِصْفُ النَّصِيبَيْنِ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَزُولُ بِهِ إشْكَالُ الْخُنْثَى مِنْ الْعَلَامَاتِ) قِيلَ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَّرَهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ قَبِيلِ التَّصَوُّرِ إذْ بِضِدِّهَا تَتَمَيَّزُ الْأَشْيَاءُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَحَقَّقَ حُسْنُ الِاخْتِتَامِ بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ، وَهَذِهِ نُكْتَةٌ لَفْظِيَّةٌ، وَأَحْسَنُ مِنْهَا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ اهْتَمَّ بِذِكْرِ نَصِيبِهِ أَوَّلًا خُصُوصًا وَالْبَحْثُ لَهُ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ عَلَامَةَ الْإِيضَاحِ الْمُفِيدَةَ لِتَصَوُّرِهِ بِوَجْهٍ مَا وَمِثْلُ هَذَا غَرَضٌ لَا يُبَالَى مَعَهُ بِتَقْدِيمِ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصْوِيرِ فِي الذِّكْرِ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ فِيهِ تَشْوِيقٌ لِلتَّصْوِيرِ فَيَرْسَخُ فِي النَّفْسِ عِنْدَ ذِكْرِهِ، وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يَصِحُّ تَخَلُّفُهُ تَقْدِيمُ التَّصَوُّرِ فِي الذِّهْنِ بِوَجْهٍ مَا، وَأَمَّا فِي الْوَضْعِ فَأَوْلَوِيٌّ يَجُوزُ تَرْكُهُ لِنُكْتَةٍ فَقَوْلُهُمْ: وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْوَضْعِ لَيْسَ كُلِّيًّا. اهـ أَمِيرٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ بَالَ) كَأَنَّهُ قَالَ هَذَا إنْ لَمْ يَبُلْ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْهِ فَإِنْ بَالَ إلَخْ وَفَاعِلُ بَالَ ضَمِيرُ الْخُنْثَى لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُشْكِلًا إذْ لَا إشْكَالَ حِينَئِذٍ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ:

فَسَقَى الْغَضَا وَالسَّاكِنِيهِ وَإِنْ هُمُو ... شَبُّوهُ بَيْنَ جَوَانِحِي وَضُلُوعِي

أَطْلَقَ الْغَضَا أَوَّلًا بِمَعْنَى الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُسْقَى، وَأَعَادَ عَلَيْهِ ضَمِيرَ سَاكِنِيهِ بِمَعْنَى الْمَكَانِ وَضَمِيرَ شَبُّوهُ بِمَعْنَى الْخَشَبِ الْيَابِسِ الَّذِي يُوقَدُ فِيهِ النَّارُ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِإِنْ الَّتِي لِلشَّكِّ دُونَ إذَا الَّتِي لِلتَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ بَوْلَ الْخُنْثَى مِنْ وَاحِدٍ مِنْ فَرْجَيْهِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَالْمَوْضِعُ لِإِنْ، وَقَدَّمَ الْبَوْلَ عَلَى بَقِيَّةِ الْعَلَامَاتِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا كَمَا فِي ح.

«سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْخُنْثَى مِنْ أَيْنَ يُورَثُ فَقَالَ يُورَثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» ، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِ الْإِفْتَاءِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَوَّلَ مَنْ قَضَى فِيهِ إسْلَامًا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ثُمَّ إنَّ الْبَوْلَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ بَالَ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَيْنِ حَقِيقَةً لُغَوِيَّةً وَشَرْعِيَّةً فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ رَاجِعٌ لِلْبَوْلِ بِمَعْنَى الْعَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَرْجِعُ مُتَقَدِّمًا لَا لَفْظًا، وَلَا حُكْمًا وَلَا مَعْنًى فَهُوَ لَيْسَ مِثْلَ {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ الْمَفْهُومُ مِنْ اعْدِلُوا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مِنْ قَبِيلِ اعْدِلُوا مَعَ حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ أَوْ كَانَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْحَدَثِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَالَ أَيْ مُتَعَلِّقِهِ، وَهُوَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ. اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا إشْكَالَ فِيهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>