كَمَا مَرَّ كَحُرْمَةِ لُبْسِهِ بِغَيْرِهَا عَلَى رَجُلٍ أَوْ الْتِحَافٍ بِهِ أَوْ رُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَائِلٍ أَوْ تَبَعًا لِزَوْجَتِهِ أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلدَّوَاءِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَتَعْلِيقِهِ سُتُورًا مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ وَكَذَا الْبَشْخَانَةُ الْمُعَلَّقَةُ بِلَا مَسٍّ وَخَطُّ الْعَلَمِ وَالْخِيَاطَةِ بِهِ وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ قِيطَانُ الْجُوخِ وَالسَّبْحَةُ وَتَجُوزُ الرَّايَةُ فِي الْحَرْبِ وَفِي السِّجَافِ إذَا عَظُمَ نَظَرٌ لَا إنْ كَانَ كَأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ وَالْوَرَعُ التَّنَزُّهُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّك لِلْمُتَّقِينَ (أَوْ) لَبِسَ (ذَهَبًا) خَاتَمًا أَوْ غَيْرَهُ لَا إنْ حَمَلَ ذَلِكَ بِكُمٍّ أَوْ جَيْبٍ (أَوْ سَرَقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا) أَيَّ مُحَرَّمٍ كَانَ وَقَوْلُهُ: (فِيهَا) تُنَازِعُهُ الْأَفْعَالُ الثَّلَاثَةُ إلَّا تَعَمُّدَ نَظَرٍ لِعَوْرَةِ إمَامِهِ فَيُبْطِلُهَا وَإِنْ ذَهِلَ عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ كَعَوْرَتِهِ هُوَ إلَّا أَنْ يَذْهَلَ عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِتْرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ وَإِنْ انْفَرَدَ فَالْمُصَنِّفُ بَيَّنَ هُنَا الْعِصْيَانَ مَعَ الصِّحَّةِ وَفِيمَا تَقَدَّمَ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ فَالْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَا مُخَالِفٌ لِلْغَرَضِ مِنْ ذِكْرِهَا سَابِقًا فَلَا تَكْرَارَ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ تَسْتَلْزِمُ الْعِصْيَانَ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ قَدْ تَكُونُ لِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ نَعَمْ تَسْتَلْزِمُ الصِّحَّةَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ رُكُوبٍ أَوْ جُلُوسٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَوْ ارْتِفَاقٍ بِهِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْجُلُوسِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهِ وَالِارْتِفَاقِ بِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ امْتِهَانِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحَائِلٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ أَجَازَ الرُّكُوبَ وَالْجُلُوسَ عَلَيْهِ وَالِارْتِفَاقَ بِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَائِلٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَنَفِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَعَبًا لِزَوْجَتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَرَبِيِّ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِ افْتِرَاشِهِ وَالْغِطَاءِ بِهِ تَبَعًا لِزَوْجَتِهِ وَعَلَيْهِ فَإِذَا قَامَتْ مِنْ عَلَى ذَلِكَ الْفَرْشِ لِضَرُورَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الِانْتِقَالُ مِنْ عَلَيْهِ لِمَوْضِعٍ يُبَاحُ لَهُ حَتَّى تَرْجِعَ لِفِرَاشِهَا وَإِنْ كَانَ نَائِمًا أَيْقَظَتْهُ أَوْ أَزَالَتْ اللِّحَافَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ) أَيْ لِأَنَّ زَوَالَ الْحَكَّةِ بِهِ وَإِرْهَابُ الْعَدُوِّ بِهِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ حُرْمَةِ لُبْسِهِ لَهُمَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي الْحَكَّةِ فَقَدْ أَجَازَ لُبْسَهُ لَهَا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقًا لِلدَّوَاءِ وَإِلَّا جَازَ لُبْسُهُ لَهَا اتِّفَاقًا وَخِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْجِهَادِ فَقَدْ أَجَازَ لُبْسَهُ لَهُ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِأَنَّ فِيهِ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: كَتَعْلِيقِهِ سُتُورًا إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْحَرِيرِ سُتُورًا لِلْحِيطَانِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ عَلَيْهِ لِلرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْبَشْخَانَةُ) أَيْ وَكَذَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْبَشْخَانَةِ وَهِيَ النَّامُوسِيَّةُ مِنْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَخَطُّ الْعَلَمِ) أَيْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ عَظُمَ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إذَا كَانَ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ أَوْ وَاحِدٍ أَمَّا الْخَطُّ الرَّقِيقُ دُونَ الْإِصْبَعِ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ أَصَابِعَ فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَلَمِ الْمُتَّصِلِ بِالثَّوْبِ عَلَى وَجْهِ النَّسْجِ كَالطِّرَازِ الَّذِي يَكُونُ بِالثَّوْبِ وَأَمَّا الْمُتَّصِلُ بِهِ لَا عَلَى وَجْهِ النَّسْجِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَفِي السِّجَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ: قِيطَانُ الْجُوخِ وَالسَّبْحَةُ) أَيْ وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ فِيهَا مِنْ التَّسَابِيحِ فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَتَجُوزُ الرَّايَةُ فِي الْحَرْبِ) أَيْ يَجُوزُ اتِّخَاذُ رَايَةِ الْحَرْبِ مِنْ الْحَرِيرِ وَأَمَّا رَايَاتُ الْفُقَرَاءِ مِنْ الْحَرِيرِ فَمَمْنُوعَةٌ وَمِثْلُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَوَازِ الطَّوْقُ وَاللَّبِنَةُ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الْمَازِرِيِّ وَالْمُرَادُ بِالطَّوْقِ الْقُبَّةُ وَالْمُرَادُ بِاللَّبِنَةِ الْبَنِيقَةُ الَّتِي تُجْعَلُ تَحْتَ الْإِبْطِ كَالرُّقْعَةِ فَيَجُوزُ جَعْلُهَا مِنْ الْحَرِيرِ وَمَنَعَ ابْنُ حَبِيبٍ الْجَيْبَ وَهُوَ الطَّوْقُ وَالزِّرُّ أَيْ زِرُّ الْجُوخَةِ وَالْقُفْطَانِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْقِيطَانِ وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُهُمَا مِنْ الْحَرِيرِ (قَوْلُهُ: وَفِي السِّجَافِ) أَيْ وَفِي جَوَازِ السِّجَافِ مِنْ الْحَرِيرِ إذَا عَظُمَ بِأَنْ كَانَ قَدْرَ رُبُعِ الْجُوخَةِ كَمَا نَقَلَهُ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ كَأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ فَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ) أَيْ كَمَا اخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ كَمَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَكِيسِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْحَرِيرِ قِيَاسًا عَلَى النَّامُوسِيَّةِ وَلَا يُعَدُّ هَذَا اسْتِعْمَالًا لِلْحَرِيرِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ) أَيْ وَهُوَ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهُ مِنْ الْوَبَرِ وَمِثْلُ الْخَزِّ مَا فِي مَعْنَاهُ وَهِيَ الثِّيَابُ الَّتِي سُدَاهَا حَرِيرٌ وَلُحْمَتُهَا قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ كَمَا فِي خش تَبَعًا لِشُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهَا وَحُرْمَةِ الْخَزِّ وَهُوَ مُقَابِلُ الرَّاجِحِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَقِيلَ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَحُرْمَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ أَرْجَحُهَا الْكَرَاهَةُ فِي الْخَزِّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَيَّ مُحَرَّمٍ كَانَ) أَيْ كَمَا لَوْ نَظَرَ لِعَوْرَةِ شَخْصٍ غَيْرِهِ وَغَيْرِ إمَامِهِ وَلَوْ عَمْدًا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَذْهَلَ عَنْ كَوْنِهِ فِيهَا) أَيْ فَإِنْ ذَهِلَ فَلَا بُطْلَانَ هَذَا كُلُّهُ تَبَعًا لعج وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ النُّصُوصَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْبُطْلَانَ فِي مُجَرَّدِ الْعَمْدِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ يَنْسَى أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَا فَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَوْرَةِ الْإِمَامِ وَعَوْرَةِ نَفْسِهِ مِنْ أَنَّهُ إنْ تَعَمَّدَ الرُّؤْيَةَ بَطَلَتْ فِيهِمَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَلَا بُطْلَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute