للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ فِي الْعِشَاءَيْنِ اللَّيْلُ كُلُّهُ وَفِي الصُّبْحِ لِلطُّلُوعِ وَفِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَوْلُهُ: (الْمُخْتَارُ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا فِي الْعَصْرِ فَقَطْ (وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي) لِمَطْلُوبِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ لِجِهَةِ قَبْلِهِ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ وَانْحَرَفَ كَثِيرًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا (أَبَدًا) وَانْفَرَدَ بِتَشْهِيرِهِ ابْنَ الْحَاجِبِ أَوْ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (خِلَافٌ) .

وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ فَيُعِيدُ أَبَدًا اتِّفَاقًا كَمَنْ تَذَكَّرَ فِيهَا (وَجَازَتْ سُنَّةٌ) كَوِتْرٍ (فِيهَا) أَيْ فِي الْكَعْبَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا (وَفِي الْحِجْرِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا وَكَذَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قِيلَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَوَازِ الْمُضِيُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَلَا خَفَاءَ فِي بُعْدِهِ وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَالرَّوَاتِبُ كَأَرْبَعٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالضُّحَى وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ فَجَائِزٌ بَلْ مَنْدُوبٌ وَقَوْلُهُ: (لِأَيِّ جِهَةٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِيهَا فَقَطْ وَلَوْ لِجِهَةِ بَابِهَا مَفْتُوحًا لَا لِقَوْلِهِ، وَفِي الْحِجْرِ أَيْضًا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ جَوَازُ الصَّلَاةِ لِأَيِّ جِهَةٍ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَدْبَرَ الْبَيْتَ أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَهُ الْحَطَّابُ وَنَازَعَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ فِي ذَلِكَ وَرَجَعَهُ لَهُمَا إذْ الْحِجْرُ جُزْءٌ مِنْهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَلْ وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْوَقْتُ الَّذِي يُعِيدُ فِيهِ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا إذَا تَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي لِمَطْلُوبِيَّةِ الِاسْتِقْبَالِ) وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ وَاجِبٌ ثُمَّ إنَّهُ ذَهِلَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ زَالَ ذَلِكَ عَنْ مُدْرَكَتِهِ فَقَطْ وَصَلَّى تَارِكًا لِلِاسْتِقْبَالِ لِذُهُولِهِ عَنْ حُكْمِهِ فَالْمُرَادُ بِالنَّاسِي الذَّاهِلُ لَا النَّاسِي حَقِيقَةً وَهُوَ مَنْ زَالَ الْحُكْمُ عَنْ كُلٍّ مِنْ حَافِظَتِهِ وَمُدْرَكَتِهِ وَإِلَّا كَانَ هُوَ الْجَاهِلَ لِوُجُوبِ الِاسْتِقْبَالِ الْآتِي أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: أَوْ لِجِهَةِ قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ) وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ يَعْلَمُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ بِاجْتِهَادٍ أَوْ بِتَقْلِيدٍ لِمُجْتَهِدٍ ثُمَّ إنَّهُ ذَهِلَ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَصَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَتَبَيَّنَ لَهُ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: أَبَدًا) أَيْ لِأَنَّ الشُّرُوطَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا عِلْمُ الْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْوَقْتِ) أَيْ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) مَحِلُّهُ فِي صَلَاةِ الْفَرْضِ وَأَمَّا النَّفَلُ فَلَا إعَادَةَ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا تَبَيَّنَ الْخَطَأُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا لَوْ تَبَيَّنَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَيُعِيدُ أَبَدًا قَوْلًا وَاحِدًا قَالَهُ شب وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قَطَعَ غَيْرُ أَعْمَى إلَخْ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ ذَلِكَ الِانْحِرَافُ الَّذِي تَبَيَّنَ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَثِيرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَسِيرًا فَلَا إعَادَةَ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ) وَهُوَ الَّذِي لَا يَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ وَاجِبٌ أَوْ غَيْرُ وَاجِبٍ فَإِذَا صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَاطِلَةً وَيُعِيدُ أَبَدًا اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ. بَقِيَ مَا إذَا جَهِلَ الْجِهَةَ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ وَاجِبٌ وَلَكِنْ جَهِلَ عَيْنَ الْجِهَةِ فَاخْتَارَ لَهُ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ وَصَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ وَالْحُكْمُ أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ إنْ كَانَ هُنَاكَ مُجْتَهِدٌ يُقَلِّدُهُ أَوْ مِحْرَابٌ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ تَقْلِيدِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ أَبَدًا وَقِيلَ إنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا تَخَيَّرَ كَمَا مَرَّ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ خش جَاهِلُ الْجِهَةِ كَالنَّاسِي فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا خَالَفَ جَاهِلُ الْجِهَةِ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ تَقْلِيدِ مُجْتَهِدٍ أَوْ مِحْرَابٍ عِنْدَ وُجُودِهِمَا وَاخْتَارَ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ صَلَّى لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْحِجْرُ وَقَوْلُهُ: جُزْءٌ مِنْهَا أَيْ مِنْ الْكَعْبَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ) أَيْ الْوَاجِبُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ السُّنَّةِ فِيهَا (قَوْلُهُ: قِيَاسًا) أَيْ لِمَا ذُكِرَ مِنْ السُّنَّةِ وَقَوْلُهُ: عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ أَيْ بِجَامِعِ عَدَمِ الْوُجُوبِ وَالنَّفَلُ الْمُطْلَقُ جَائِزٌ فِيهَا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ لِذَلِكَ كُلِّهِ أَعْنِي السُّنَّةَ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَالْمُرَادُ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً وَالصِّحَّةُ بَعْدَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْمَنْعِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: الْمُضِيُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ) أَيْ وَهَذَا لَا يُنَافِي الْكَرَاهَةَ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: بَلْ مَنْدُوبٌ) أَيْ لِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا النَّافِلَةَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَقَدْ يُقَالُ صَلَاتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا النَّافِلَةَ غَيْرَ الْمُؤَكَّدَةِ إذْن فِي مُطْلَقِ صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى فِيهَا دَلَّ عَلَى أَنَّ اسْتِقْبَالَ حَائِطٍ مِنْهَا يَكْفِي وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ جُمْلَتِهَا وَإِذَا كَفَى اسْتِقْبَالُ الْحَائِطِ فِي صَلَاةٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَلْيَكُنْ الْبَاقِي كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ) أَيْ اسْتَقْبَلَ الْمَشْرِقَ أَوْ الْمَغْرِبَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مُسْتَدْبِرٍ لِلْقِبْلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا إمَّا عَلَى جِهَةِ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَنَازَعَهُ بَعْضُ مُعَاصِرِيهِ) فِيهِ أَنَّ الْمُنَازِعَ لَهُ الْعَلَامَةُ الشَّيْخُ طفى مُحَشِّي تت وَهُوَ غَيْرُ مُعَاصِرٍ لَهُ لِأَنَّ طفى مُعَاصِرٌ لعج وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ ح وَعِبَارَةُ طفى قَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الْحِجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ مِنْهُ لِنَصِّ الْمَالِكِيَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِي الْحِجْرِ كَالْبَيْتِ وَقَدْ نَصُّوا

<<  <  ج: ص:  >  >>