(لِإِمَامٍ وَفَذٍّ) لَا مَأْمُومٍ لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُ (إنْ خَشِيَا مُرُورًا) بَيْنَ يَدَيْهِمَا وَلَوْ شَكَّ لَا إنْ لَمْ يَخْشَيَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ السَّلَامِ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ فَإِنْ سَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ قُرْبٍ وَكَانَ كَلَامُهُ قَبْلَهُ سَهْوًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَإِنْ سَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ بُعْدٍ أَوْ كَانَ كَلَامُهُ قَبْلَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِلَّخْمِيِّ جَمَعَ بِهِ بَيْنَ قَوْلِ الزَّاهِي بِالْبُطْلَانِ وَمُطَرِّفٌ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِيمَنْ سَلَّمَ عَنْ يَسَارِهِ غَيْرَ قَاصِدٍ تَحْلِيلًا وَلَا فَضِيلَةً وَتَكَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِهِ عَنْ يَمِينِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا نَاوِيًا الْفَضِيلَةَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ نَاوِيًا الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ح وَاخْتَارَهُ عج قَائِلًا إنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَكِنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ بَهْرَامَ اعْتِمَادُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ قَاصِدٍ الْعُودَ لِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ عَلَى يَمِينِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ وَإِنْ سَلَّمَ نَاوِيًا الْعَوْدَ فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِكَلَامٍ عَمْدًا فَالصِّحَّةُ وَإِنْ فَصَلَ بِكَلَامٍ عَمْدًا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ كَلَامٌ وَلَكِنْ حَصَلَ طُولٌ فَالْبُطْلَانُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اقْتَصَرَ فِي المج وَمِثْلُ مَا إذَا سَلَّمَ بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ نَاوِيًا الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ بِقَصْدِ الْفَضِيلَةِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ سَلَّمَ أَوَّلًا تَسْلِيمَةَ التَّحْلِيلِ فَإِنْ عَادَ لِلتَّحْلِيلِ عَنْ قُرْبٍ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ عَمْدًا صَحَّتْ وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ: لِإِمَامٍ وَفَذٍّ) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا أَوْ سُجُودَ سَهْوٍ أَوْ تِلَاوَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ إلَخْ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِ مَالِكٍ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ سُتْرَةَ إمَامِهِ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ وَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ وَحِينَئِذٍ يَبْقَى كَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ كَمَا يُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُتْرَتِهِ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ فِيهِمَا وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الَّذِي خَلْفَهُ وَالصَّفِّ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُرُورًا بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِلصُّفُوفِ كُلِّهِمْ إلَّا أَنَّهُ قَدْ حَالَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَهُوَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فَالْإِمَامُ سُتْرَةٌ لِمَنْ يَلِيهِ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَاصِلٌ سُتْرَتُهُ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْتَنِعُ فِيهِ الْمُرُورُ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُمْ فَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَبَيْنَ الْإِمَامِ لِأَنَّ سُتْرَةَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ سُتْرَةُ الْإِمَامِ لَا الْإِمَامُ نَفْسُهُ وَقَدْ حَالَ بَيْنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَسُتْرَتِهِ الْإِمَامُ كَمَا يَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ بَقِيَّةِ الصُّفُوفِ مُطْلَقًا وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي المج وَالْمَيِّتُ فِي الْجِنَازَةِ كَافٍ وَلَا يُنْظَرُ لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ وَلَا أَنَّهُ لَيْسَ ارْتِفَاعَ ذِرَاعٍ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ كَمَا لِلشَّيْخِ عج (قَوْلُهُ: إنْ خَشِيَا مُرُورًا بَيْنَ يَدَيْهِمَا) أَيْ وَلَوْ بِحَيَوَانٍ غَيْرِ عَاقِلٍ كَهِرَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ) أَيْ هَذَا إذَا جَزَمَ أَوْ ظَنَّ الْمُرُورَ بَيْنَ يَدَيْهِ بَلْ وَلَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ لَا إنْ تَوَهَّمَهُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَخْشَيَا) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ بِهَا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِصَحْرَاءَ لَا يَمُرُّ بِهَا أَحَدٌ أَوْ بِمَكَانٍ عَالٍ وَالْمُرُورُ مِنْ أَسْفَلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ مُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِهِ سُتْرَةٌ ابْنُ نَاجِيٍّ مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ مَالِكٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute