وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْصِيرِ فَالْأَقَلِّيَّةُ بِالرُّبُعِ فَدُونَ وَكَوْنُ الثَّانِيَةِ أَطْوَلَ وَالْمُسَاوَاةُ خِلَافُ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ (وَ) تَقْصِيرُ (جُلُوسٍ أَوَّلٍ) يَعْنِي غَيْرَ جُلُوسِ السَّلَامِ عَنْ جُلُوسِهِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَرَسُولِهِ (وَ) نُدِبَ (قَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ الْمَسْنُونِ (رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ) وَلَا يَزِيدُهَا الْإِمَامُ فَالْفَذُّ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ (وَ) نُدِبَ (تَسْبِيحٌ) بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ (بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ) كَدُعَاءٍ بِهِ (وَتَأْمِينُ فَذٍّ مُطْلَقًا) كَانَتْ صَلَاتُهُ سِرِّيَّةً أَوْ جَهْرِيَّةً (وَ) تَأْمِينُ (إمَامٍ بِسِرٍّ) أَيْ فِيمَا يُسِرُّ فِيهِ لَا فِيمَا يَجْهَرُ فِيهِ (وَ) نُدِبَ تَأْمِينُ (مَأْمُومٍ بِسِرٍّ) عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (أَوْ جَهْرٍ) عِنْدَ قَوْلِ إمَامِهِ وَلَا الضَّالِّينَ (إنْ سَمِعَهُ) يَقُولُ وَلَا الضَّالِّينَ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَبْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ وَلَا يَتَحَرَّى (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَمُقَابِلُهُ يَتَحَرَّى فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ (وَ) نُدِبَ (إسْرَارُهُمْ) أَيْ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ (بِهِ) أَيْ بِالتَّأْمِينِ.
[دَرْسٌ] (وَ) نُدِبَ (قُنُوتٌ) أَيْ دُعَاءٌ (سِرًّا بِصُبْحٍ) (فَقَطْ) لَوْ قَالَ وَإِسْرَارُهُ لَأَفَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَنْدُوبٌ اسْتِقْلَالًا (وَ) نُدِبَ (قَبْلَ الرُّكُوعِ وَ) نُدِبَ (لَفْظُهُ) الْمَخْصُوصُ (وَهُوَ) أَيْ لَفْظُهُ (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ) وَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَا يَأْتِي فِي الْكُسُوفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْصِيرِ) أَيْ فِي تَقْصِيرِ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ قِرَاءَةِ الْأُولَى عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوْ تَقْصِيرِ زَمَنِ الثَّانِيَة عَنْ زَمَنِ الْأُولَى عَلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: فَالْأَقَلِّيَّةُ) أَيْ الْمَطْلُوبَةُ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) أَيْ لَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: يَعْنِي غَيْرَ جُلُوسِ السَّلَامِ) أَيْ وَمِنْ الْغَيْرِ جُلُوسُ سُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ: فَالْفَذُّ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ) أَيْ وَالْإِمَامُ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةٍ فَقَطْ وَالْمَأْمُومُ مُخَاطَبٌ بِمَنْدُوبٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَدُعَاءٍ بِهِ) أَيْ كَمَا يُنْدَبُ الدُّعَاءُ فِيهِ أَيْ السُّجُودِ فَالرُّكُوعُ لَا يَدَّعِي فِيهِ وَأَمَّا السُّجُودُ فَيَجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ التَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ بِمَا شَاءَ (قَوْلُهُ: لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّأْمِينُ حِينَئِذٍ بَلْ يُكْرَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَرَّى عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى لَرُبَّمَا أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَلَرُبَّمَا صَادَفَ آيَةَ عَذَابٍ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَقَعْ فِيهِ الدُّعَاءُ بِالْعَذَابِ إلَّا عَلَى مُسْتَحِقِّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا ضَرَرَ فِي مُصَادَفَتِهِ بِالتَّأْمِينِ (قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُهُ يَتَحَرَّى) أَيْ إنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْ وَلَا الضَّالِّينَ وَسَمِعَ مَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ) أَيْ لَا لِلْمَنْطُوقِ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ إسْرَارُهُمْ بِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالْمَطْلُوبُ فِيهِ الْإِسْرَارُ.
(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ قُنُوتٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَحَبًّا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ سُنَّةٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ إنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ مِنْ تَرْكِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ عِنْدَهُ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: أَيْ دُعَاءٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ هُنَا الدُّعَاءُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى أُمُورٍ مِنْهَا الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ كَمَا فِي {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل: ١٢٠] وَمِنْهَا السُّكُوتُ كَمَا فِي {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] أَيْ سَاكِتِينَ فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» وَمِنْهَا الْقِيَامُ فِي الصَّلَاةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ الْقِيَامُ وَمِنْهَا وَالدُّعَاءُ يُقَالُ قَنَتَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَيْ دَعَا لَهُ وَعَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لَأَفَادَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَنْدُوبٌ اسْتِقْلَالًا) أَيْ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش لَمَّا كَانَ السِّرُّ صِفَةً ذَاتِيَّةً لِلْقُنُوتِ لَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا فِي بْن وَإِنَّمَا نُدِبَ الْإِسْرَارُ بِهِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَهُوَ يُنْدَبُ الْإِسْرَارُ بِهِ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ (قَوْلُهُ: بِصُبْحٍ فَقَطْ) أَيْ لَا بِوِتْرٍ وَلَا يُفْعَلُ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَغَلَاءٍ أَوْ وَبَاءٍ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ لِذَلِكَ لَكِنْ لَوْ وَقَعَ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْعَطْفَ فِي قَوْلِهِ بِصُبْحٍ لِأَنَّ الصُّبْحَ تَعْيِينٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي يُشْرَعُ فِيهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَرَاهَتِهِ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ عَطَفَ لَاقْتَضَى أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ فَعَلَ مَنْدُوبًا وَهُوَ أَصْلُ الْقُنُوتِ وَفَاتَهُ مَنْدُوبٌ مَعَ أَنَّ فِعْلَهُ فِي غَيْرِهِ مَكْرُوهٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ قَبْلَ الرُّكُوعِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّفْقِ بِالْمَسْبُوقِ وَلَوْ نَسِيَ الْقُنُوتَ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الِانْحِنَاءِ لَمْ يَرْجِعْ لَهُ وَقَنَتَ بَعْدَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فَلَوْ رَجَعَ لَهُ بَعْدَ الِانْحِنَاءِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يُقَالُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ قِيَاسًا عَلَى الرَّاجِعِ لِلْجُلُوسِ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ قَائِمًا لِأَنَّ الْجُلُوسَ أَشَدُّ مِنْ الْقُنُوتِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السُّجُودَ لِلْجُلُوسِ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ وَأَيْضًا الرَّاجِعُ لِلْقُنُوتِ قَدْ رَجَعَ مِنْ فَرْضٍ مُتَّفَقٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ وَهُوَ الرُّكُوعُ لِغَيْرِ فَرْضٍ بِخِلَافِ الرَّاجِعِ لِلْجُلُوسِ فَإِنَّهُ رَجَعَ مِنْ فَرْضٍ مُخْتَلَفٍ فِي فَرْضِيَّتِهِ وَهُوَ الْقِيَامُ لِلْفَاتِحَةِ لِغَيْرِ فَرْضٍ (قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَخْ) أَيْ وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنَخْنَعُ لَك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مِنْ يَكْفُرُك اللَّهُمَّ إيَّاكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute