(إلَّا لِمَشَقَّةٍ) لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الْقِيَام (أَوْ) إلَّا (لِخَوْفِهِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (بِهِ) أَيْ بِالْقِيَامِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْفَرِيضَةِ ضَرَرٌ (أَوْ قَبْلَ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا (ضَرَرًا) مَفْعُولُ خَوْفٍ كَأَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ إذَا قَامَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَيَجْلِسُ مِنْ أَوَّلِهَا فَحُصُولُ الْخَوْفِ إمَّا فِيهَا أَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ (كَالتَّيَمُّمِ) أَيْ كَالضَّرَرِ الْمُوجِبِ لِلتَّيَمُّمِ وَهُوَ خَوْفُ حُدُوثِ الْمَرَض أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ وَشَبَّهَ فِي الْمُسْتَثْنَى قَوْلَهُ (كَخُرُوجِ رِيحٍ) مَثَلًا إنْ صَلَّى قَائِمًا لَا جَالِسًا فَيَجْلِسُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الثَّانِي هُوَ الْمُرْتَضَى عِنْدَ ح قَائِلًا لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْ كَلَامِهِ الْوَتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ مَعَ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ فِيهِمَا فَرْضٌ لِقَوْلِهَا لَا يُصَلَّيَانِ فِي الْحِجْرِ كَالْفَرْضِ اهـ لَكِنْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ أَنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَأَنَّ الرَّاجِحَ مَا أَقَامَهُ بَعْضُ التُّونِسِيِّينَ مِنْهَا وَهُوَ جَوَازُ الْجُلُوسِ فِيهِمَا اخْتِيَارًا لِقَوْلِهَا إنَّهُمَا يُصَلَّيَانِ فِي سَفَرِ الْقَصْرِ عَلَى الدَّابَّةِ وَأُورِدَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ يُوهِمُ وُجُوبَ الْقِيَامِ لِلسُّورَةِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ هُنَا اتِّكَالًا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ التَّفْصِيلِ أَوْ أَنَّهُ مَشَى عَلَى مَا أَخَذَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ الْقِيَامَ لِلسُّورَةِ فَرْضٌ كَالْوُضُوءِ لِلنَّافِلَةِ وَأُورِدَ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي بِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقِيَامِ فِي النَّافِلَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ يَجِبُ بِسَبَبِ فَرْضٍ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فَخَرَجَ النَّفَلُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلِمُتَنَفِّلٍ جُلُوسٌ وَلَوْ فِي أَثْنَائِهَا.
(قَوْلُهُ إلَّا لِمَشَقَّةٍ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْمَشَقَّةَ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا الْمَرَضُ أَوْ زِيَادَتُهُ فَصَحِيحٌ إلَّا أَنَّ مَا بَعْدَهُ يَتَكَرَّرُ مَعَهُ وَإِنْ أَرَادَ الْمَشَقَّةَ الْحَالِيَّةَ وَهِيَ الَّتِي تَحْصُلُ فِي حَالِ الصَّلَاةِ وَلَا يُخْشَى عَاقَبَتْهَا وَلَا يَنْشَأُ عَنْهَا مَا ذُكِرَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَخَافُ إلَّا الْمَشَقَّةَ الْحَالِيَّةَ لَا يُصَلِّي إلَّا قَائِمًا عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ الْحَالِيَّةَ تَزُولُ بِزَوَالِ زَمَانِهَا وَتَنْقَضِي بِانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ خَفِيفٌ وَأُجِيبَ بِحَمْلِهِ عَلَى الْمَشَقَّةِ الْحَالِيَّةِ فِي خُصُوصِ الْمَرِيضِ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا وَإِذَا صَلَّى قَائِمًا لَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ الْمَشَقَّةِ وَتَزُولُ عَنْ قُرْبٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مِنْ جُلُوسٍ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ مَسْلَمَةَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ مَا نَصُّهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ أَشْهَبُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ مَرِيضٍ لَوْ تَكَلَّفَ الصَّوْمَ وَالصَّلَاةَ قَائِمًا لَقَدَرَ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ وَتَعَبٍ فَأَجَابَ بِأَنَّ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَأَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ اهـ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ عج أَنَّ الَّذِي يُصَلِّي الْفَرْضَ جَالِسًا هُوَ مَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ جُمْلَةً وَمَنْ يَخَافُ مِنْ الْقِيَامِ الْمَرَضَ أَوْ زِيَادَتَهُ كَالتَّيَمُّمِ وَأَمَّا مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْمَشَقَّةُ الْفَادِحَةُ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُصَلِّيه جَالِسًا إنْ كَانَ صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ مَسْلَمَةَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهُ جَالِسًا اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهَا الْقِيَامَ) حَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّ هَذَا عَاجِزٌ عَنْ الْقِيَامِ بَلْ مُرَادُهُ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْقِيَامِ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ تَحْصُلُ لَهُ فِي الْحَالِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ ضَرَرًا) أَيْ مِنْ إغْمَاءٍ أَوْ حُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ أَوْ حُصُولِ دَوْخَةٍ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ عَادَتُهُ إلَخْ) أَيْ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مُوَافِقٌ لَهُ فِي الْمِزَاجِ أَوْ طَبِيبٌ عَارِفٌ بِالطِّبِّ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ صَلَّيْت مِنْ قِيَامٍ حَصَلَ لَك الْإِغْمَاءُ أَوْ الدَّوْخَةُ مَثَلًا فَخَافَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ قَبْلَهَا حُصُولَ ذَلِكَ بِسَبَبِ الْقِيَامِ.
(قَوْلُهُ فَيَجْلِسُ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ سَنَدٌ يُصَلِّي مِنْ قِيَامٍ وَيُغْتَفَرُ لَهُ خُرُوجُ الرِّيحِ لِأَنَّ الرُّكْنَ أَوْلَى بِالْمُحَافَظَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute