للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا) سُجُودَ (لِجَائِزٍ) ارْتِكَابُهُ فِي الصَّلَاةِ أَيْ جَائِزٍ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ أَيْ غَالِبًا وَالْمُرَادُ بِالْجَائِزِ هُنَا مَا يَشْمَلُ خِلَافَ الْأَوْلَى وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا فِي كُلِّ مَا جَازَ (كَإِنْصَاتٍ) مِنْ مُصَلٍّ (قَلَّ لِمُخْبِرٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ اسْمُ فَاعِلٍ كَانَ الْإِخْبَارُ لِلْمُصَلِّي أَوْ لِغَيْرِهِ (وَتَرْوِيحِ رِجْلَيْهِ) بِأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى رِجْلٍ مَعَ عَدَمِ رَفْعِ الْأُخْرَى طَالَ أَمْ لَا وَأَمَّا مَعَ رَفْعِ الْأُخْرَى فَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِطُولِ الْقِيَامِ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يَكْثُرْ فَيَجْرِي عَلَى الْأَفْعَالِ الْكَثِيرَةِ (وَقَتْلِ عَقْرَبٍ تُرِيدُهُ) أَيْ مُقْبِلَةٍ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ لَهُ تَعَمُّدُ قَتْلِهَا وَلَا تَبْطُلُ بِانْحِطَاطِهِ لِأَخْذِ حَجَرٍ يَرْمِيهَا بِهِ فِي الْقِسْمَيْنِ (وَإِشَارَةٍ) بِيَدٍ أَوْ رَأْسٍ (لِسَلَامٍ) أَيْ لِرَدِّهِ لَا ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَأَمَّا رَدُّهُ بِاللَّفْظِ فَمُبْطِلٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ وَاجِبَةٌ (أَوْ) إشَارَةٍ ل (حَاجَةٍ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ لِجَائِزٍ قَوْلُهُ (لَا) الْإِشَارَةِ لِلرَّدِّ (عَلَى مُشَمِّتٍ) أَيْ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ بَلْ مَكْرُوهٌ إذْ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ فَيُكْرَهُ تَشْمِيتُهُ إنْ حَمِدَ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْمَدْ فَيُكْرَهُ الرَّدُّ مِنْ الْمُصَلِّي بِالْإِشَارَةِ عَلَى الْمُشَمِّتِ (كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ وَبُكَاءِ تَخَشُّعٍ) أَيْ خُشُوعٍ تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ السُّجُودِ لَا فِي الْجَوَازِ لِأَنَّ مَا وَقَعَ غَلَبَةً لَا يُوصَفُ بِجَوَازٍ وَلَا غَيْرِهِ فَلِذَا حَسُنَ مِنْ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ دُونَ الْعَطْفِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لِوَجَعٍ وَلَا لِخُشُوعٍ (فَكَالْكَلَامِ) يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَهَذَا فِي الْبُكَاءِ الْمَمْدُودِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي لِأَنَّ مَا هُوَ فِيهِ أَهَمُّ بِالِاشْتِغَالِ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا سُجُودَ لِجَائِزٍ ارْتِكَابُهُ فِي الصَّلَاةِ) فِيهِ أَنَّ السُّجُودَ لِلْأَمْرِ الْجَائِزِ فِعْلُهُ فِيهَا لَا يُتَوَهَّمُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِلنَّصِّ عَلَى عَدَمِ السُّجُودِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ جَائِزٌ فِي نَفْسِهِ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ الْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَعَطْفُ قَوْلِهِ وَلَا لِجَائِزٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَيْسَ مِنْ الْجَائِزِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ جَائِزٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَائِزِ هُنَا نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الْجَائِزِ وَهُوَ الْجَائِزُ لِذَاتِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) أَيْ وَغَيْرُ الْغَالِبِ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالصَّلَاةِ كَالْمَشْيِ لِلدَّابَّةِ.

(قَوْلُهُ قَلَّ) الْقِلَّةُ وَالطُّولُ وَالتَّوَسُّطُ مُعْتَبَرَةٌ بِالْعُرْفِ كَمَا فِي خش وَمَفْهُومُ قَلَّ أَنَّهُ إنْ طَالَ الْإِنْصَاتُ جِدًّا وَلَوْ سَهْوًا أَبْطَلَ الصَّلَاةَ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ ذَلِكَ إنْ كَانَ سَهْوًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا أَبْطَلَهَا.

(قَوْلُهُ لِمُخْبِرٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَعَلَى هَذَا فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ لِسَمَاعِ مُخْبِرٍ وَيَصِحُّ فَتْحُ الْبَاءِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ مَفْعُولٍ وَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ مِنْ مُخْبَرٍ لَكِنَّهُ قَاصِرٌ لَا يَشْمَلُ الْإِنْصَاتَ لِسَمَاعِ الْأَخْبَارِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَعَ عَدَمِ رَفْعِ الْأُخْرَى) أَيْ عَنْ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ رَفْعِ الْأُخْرَى) أَيْ عَنْ الْأَرْضِ سَوَاءٌ وَضَعَهَا عَلَى قَدَمِ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا أَوْ جَعَلَهَا مُعَلَّقَةً فِي الْهَوَاءِ.

(قَوْلُهُ وَقَتْلُ عَقْرَبٍ) أَيْ أَوْ ثُعْبَانٍ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ طَيْرٍ أَوْ دُودَةٍ أَوْ نَحْلَةٍ فَيُكْرَهُ قَتْلُهَا مُطْلَقًا أَرَادَتْهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ مُقْبِلَةً عَلَيْهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِإِرَادَتِهَا إقْبَالُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِرَادَةِ الْقَصْدَ لِأَنَّهَا بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ خَوَاصِّ الْعُقَلَاءِ كَذَا قِيلَ وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ الْحَيَوَانُ جِسْمٌ نَامٍ حَسَّاسٌ مُتَحَرِّكٌ بِالْإِرَادَةِ هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا تَعْرِيفٌ لِلْمَنَاطِقَةِ التَّابِعِينَ فِيهِ لِلْفَلَاسِفَةِ وَأَهْلُ الشَّرْعِ لَا يَقُولُونَ بِتَدْقِيقَاتِهِمْ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ كُرِهَ لَهُ تَعَمُّدُ قَتْلِهَا) أَيْ وَفِي سُجُودِهِ قَوْلَانِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أَوْ سَاهِيًا عَنْ ذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا عَدَمُ السُّجُودِ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِانْحِطَاطِهِ) أَيْ إذَا كَانَ قَائِمًا وَقَوْلُهُ لِأَخْذِ حَجَرٍ أَيْ أَوْ لِقَتْلِهَا بِخِلَافِ انْحِطَاطِهِ لِأَخْذِ حَجَرٍ يَرْمِي بِهِ طَيْرًا أَوْ لِقَتْلِهِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ لَكِنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ ح أَنَّ الِانْحِطَاطَ مِنْ قِيَامٍ لِأَخْذِ حَجَرٍ أَوْ قَوْسٍ مِنْ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ الْمُبْطِلِ لِلصَّلَاةِ مُطْلَقًا كَانَ لِقَتْلِ عَقْرَبٍ لَمْ تُرِدْهُ أَوْ لِطَائِرٍ أَوْ صَيْدٍ فَالتَّفْرِيقُ فِي ذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ لَا ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ) الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ كَمَا فِي ح عَنْ سَنَدٍ.

(قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلرَّدِّ وَاجِبَةٌ) أَيْ لَا جَائِزَةٌ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا الْإِشَارَةُ لِلِابْتِدَاءِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا رَدُّهُ بِاللَّفْظِ فَمُبْطِلٌ) أَيْ إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا لَا إنْ كَانَ سَهْوًا وَيَسْجُدُ لَهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ إشَارَةٌ لِحَاجَةٍ) أَيْ لِطَلَبِ حَاجَةٍ أَوْ رَدِّهَا وَهَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ خَفِيفَةً وَإِلَّا مُنِعَتْ.

(قَوْلُهُ وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ لِجَائِزٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ جَوَازِ الْإِشَارَةِ لِلْحَاجَةِ قَوْلُهُ إلَخْ لِأَنَّ إخْرَاجَ شَيْءٍ مِنْ أَمْرٍ يَقْتَضِي دُخُولَهُ فِيهِ وَالْإِشَارَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُشَمِّتِ لَمْ تَدْخُلْ فِي قَوْلِهِ لِجَائِزٍ.

(قَوْلُهُ كَأَنِينٍ لِوَجَعٍ) أَيْ كَأَنِينٍ غَلَبَهُ لِأَجْلِ وَجَعٍ وَبُكَاءٍ غَلَبَهُ لِأَجْلِ خُشُوعٍ وَظَاهِرُهُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ مَا وَقَعَ غَلَبَةً إلَخْ) أَيْ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ صَوَابُهُ وَكَأَنِينٍ بِالْوَاوِ عَطْفًا عَلَى إنْصَاتٍ إذْ هُوَ مِمَّا انْدَرَجَ تَحْتَ قَوْلِهِ وَلَا جَائِزٍ اهـ وَحَاصِلُ رَدِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ الْجَائِزِ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنِينُ غَلَبَةٍ مِنْ الْمَرِيضِ بِحَيْثُ يَصِيرُ كَالْمَلْجَأِ لِمَا يَصِيرُ مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ تَرْكُهُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا يَكُنْ لِوَجَعٍ وَلَا لِخُشُوعٍ) أَيْ غَلَبَةٍ بِأَنْ كَانَ لِمُصِيبَةٍ أَوْ لِوَجَعٍ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ أَوْ لِخُشُوعٍ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ) أَيْ فَالْعَمْدُ مُبْطِلٌ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَالسَّهْوُ يُبْطِلُ إنْ كَانَ كَثِيرًا وَيَسْجُدُ لَهُ إنْ قَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>