للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ مِنْهُ النُّطْقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ

(أَوْ) بَانَ (امْرَأَةً) وَلَوْ لِمِثْلِهَا فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ (أَوْ) بَانَ (خُنْثَى مُشْكِلًا) وَلَوْ لِمِثْلِهِ كَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ تَحَقُّقِ الذُّكُورَةِ.

وَصَلَاتُهُمَا صَحِيحَةٌ وَلَوْ نَوَى كُلٌّ الْإِمَامَةَ (أَوْ) بَانَ (مَجْنُونًا) مُطْبَقًا أَوْ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَأَمَّ حَالَ جُنُونِهِ وَأَمَّا لَوْ أَمَّ حَالَ إفَاقَتِهِ فَصَحِيحَةٌ عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَيْسَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُخَالِفُهُ كَمَا وَهَمَ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْعَقْلُ وَفِي عَدِّهِ شَرْطًا هُنَا مُسَامَحَةٌ لِمَا مَرَّ (أَوْ) بَانَ (فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ) كَزَانٍ وَشَارِبِ خَمْرٍ وَعَاقٍّ لِوَالِدَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْعَدَالَةُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ فَتُصْبِحُ إمَامَةُ الْفَاسِقِ بِالْجَارِحَةِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ فِسْقُهُ بِالصَّلَاةِ كَأَنْ يَقْصِدَ بِتَقَدُّمِهِ الْكِبْرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا صَلَّى فَقِيلَ إنَّهُ يَكُونُ مُسْلِمًا بِصَلَاتِهِ فَإِذَا لَمْ يَتَمَادَ عَلَى إسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ لِجَرَيَانِ حُكْمِ الرِّدَّةِ عَلَيْهِ وَقِيلَ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِصَلَاتِهِ وَلَكِنْ يُنَكَّلُ وَيُطَالُ سِجْنُهُ سَوَاءٌ كَانَ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا وَقِيلَ يُنَكَّلُ وَيُطَالُ سِجْنُهُ إنْ كَانَ آمِنًا لَا عُذْرَ لَهُ الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَارِثٍ وَالثَّالِثُ لِلْعُتْبِيِّ عَنْ سَحْنُونٍ وَظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِ بِالصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُرْتَدًّا إنْ رَجَعَ عَنْ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الْأَعْجَمِيِّ يُقَالُ لَهُ صَلِّ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَمُوتُ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ نَعَمْ وَمَا نَصُّهُ هُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ مَنْ صَلَّى فَقَدْ أَسْلَمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَمَنْ أَبَى فَهُوَ كَافِرٌ وَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ» اهـ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ نَاجِيٍّ هَذَا الْخِلَافَ قَالَ وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدِي ضَعِيفٌ لِنَقْلِ إِسْحَاقَ ابْنِ رَاهْوَيْهِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ رَأَيْنَاهُ يُصَلِّي فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إيمَانِهِ اهـ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى إيمَانِهِ أَيْ إذَا تَحَقَّقَ مِنْهُ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يُكَرِّرْ الصَّلَاةَ.

(قَوْلُهُ فِي فَرْضٍ أَوْ نَفْلٍ) أَيْ وَلَوْ مَعَ فَقْدِ رَجُلٍ يُؤْتَمُّ بِهِ.

(قَوْلُهُ مُشْكِلًا) أَيْ وَلَوْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا إنْ اعْتَقَدَ الْمَأْمُومُ فِي حَالِ الدُّخُولِ مَعَهُ إشْكَالَهُ وَأَمَّا لَوْ اعْتَقَدَ ذُكُورِيَّتَهُ وَالنَّاسُ يَقُولُونَ بِإِشْكَالِهِ فَاتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا اعْتَقَدَ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُشْكِلِ فَلَهُ حُكْمُ مَا اتَّضَحَ بِهِ.

(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ فِي فَرْضٍ أَوْ فِي نَفْلٍ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ شَرْطَ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ تَحَقُّقُ الذُّكُورَةِ) مِنْ هَذَا قِيلَ بِعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَةِ الْمَلَكِ وَمَا وَقَعَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَلَاةِ جِبْرِيلَ بِهِ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ فَهُوَ خُصُوصِيَّةٌ أَوْ أَنَّهَا صُورَةُ إمَامَةٍ لِلتَّعْلِيمِ وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِتَحْقِيقِ الذُّكُورَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مُحَقَّقَ الْأُنُوثَةِ أَوْ الْخُنُوثَةِ أَوْ يُقَالُ إنَّ وَصْفَ الذُّكُورَةِ شَرْطٌ فِي الْإِمَامِ إذَا كَانَ آدَمِيًّا لَا يُقَالُ إنَّ صَلَاتَهُمْ نَفْلٌ لِأَنَّا نَقُولُ الْحَقُّ أَنَّهُمْ مُكَلَّفُونَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِجَوَازِ الْفَرْضِ خَلْفَ النَّفْلِ وَكَمَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْمَلَكِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِالْجِنِّيِّ لِأَنَّ لَهُمْ أَحْكَامَنَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُمَا) أَيْ الْمَرْأَةِ الَّتِي أَمَّتْ غَيْرَهَا وَالْخُنْثَى الَّذِي أَمَّ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى كُلٌّ الْإِمَامَةَ) إنَّمَا حَكَمَ بِالصِّحَّةِ إذَا نَوَى كُلٌّ الْإِمَامَةَ مَعَ أَنَّهُ مُتَلَاعِبٌ مُرَاعَاةً لِمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ إمَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمِثْلِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَانَ مَجْنُونًا مُطْبَقًا) أَيْ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَا تَصِحُّ مِنْهُ نِيَّةٌ وَحِينَئِذٍ فَيُعِيدُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ أَبَدًا.

(قَوْلُهُ فَصَحِيحَةٌ) أَيْ كَمَا رَوَاهُ فَالشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يُخَالِفُهُ) بَلْ كَلَامُهُ مُوَافِقٌ لِذَلِكَ وَنَصُّهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَؤُمُّ الْمَعْتُوهُ سَحْنُونٌ وَيُعِيدُ مَأْمُومُهُ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْمَجْنُونِ حَالَ إفَاقَتِهِ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْتُوهِ الذَّاهِبُ الْعَقْلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ السَّمَاعَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَبِهِ قَرَّرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ فِي زَعْمِهِ أَنَّ الْمَعْتُوهَ عَامٌّ يَشْمَلُ الْمَجْنُونَ حَالَ إفَاقَتِهِ فَيَكُونُ خِلَافًا مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْعَقْلُ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَانَ مَجْنُونًا.

(قَوْلُهُ أَوْ بَانَ فَاسِقًا بِجَارِحَةٍ) أَيْ بِسَبَبِ ارْتِكَابِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>