للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ) بَعْدَ صَلَاتِهَا بِخُطْبَتَيْهَا (رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ) فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ مَعْنَاهُ لِقُرْبِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ سَقَطَ وُجُوبُهَا (وَصُحِّحَ) هَذَا الْقَوْلُ (أَوْ لَا) يُشْتَرَطُ إدْرَاكُ شَيْءٍ مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ بَلْ الشَّرْطُ فِعْلُهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ عَلَى هَذَا حَقِيقَةً قَوْلَانِ (رُوِيَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا)

(بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ) الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ وَهُوَ الْعَزْمُ عَلَى الْإِقَامَةِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ (أَوْ أَخْصَاصٍ) جَمْعُ خُصٍّ وَهُوَ الْبَيْتُ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْوِهِ (لَا) تَصِحُّ بِإِقَامَةٍ فِي (خِيَمٍ) مِنْ قُمَاشٍ أَوْ شَعْرٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِهَا الِارْتِحَالُ فَأَشْبَهَتْ السُّفُنَ، نَعَمْ إذَا كَانُوا مُقِيمِينَ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ بَلَدِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ تَبَعًا وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِمْ.

(وَبِجَامِعٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي (مَبْنِيٍّ) بِنَاءً مُعْتَادًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَيَشْمَلُ بِنَاؤُهُ مِنْ بُوصٍ لِأَهْلِ الْأَخْصَاصِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ رَكْعَةٌ لِلْعَصْرِ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُمْ: الْوَقْتُ إذَا ضَاقَ يَخْتَصُّ بِالْأَخِيرَةِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجُمُعَةُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَمْتَدُّ لِلِاصْفِرَارِ. وَأَجَازَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِعْلَهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَيَدْخُلُ وَقْتُهَا عِنْدَهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ ثُمَّ إنَّ الْوَقْتَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ كُلُّهُ اخْتِيَارِيًّا لَهَا بَلْ هِيَ فِيهِ وَفِي الضَّرُورِيِّ كَالظُّهْرِ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ أَوْ فَرْضُ يَوْمِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ صَدَّرَ بِهَذَا الْقَوْلِ لِكَوْنِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ حَكَى مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْغُرُوبَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فَلَا يُقَالُ جَزْمُهُ بِذَلِكَ أَوَّلًا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ بَعْدَهُ

(قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ) أَيْ وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُدْرِكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ بَعْدَ صَلَاتِهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لِلْعَصْرِ رَكْعَةٌ سَقَطَ وُجُوبُهَا وَهَذَا رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ هَذَا الْقَوْلُ) أَيْ صَحَّحَهُ عِيَاضٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ بَلْ الشَّرْطُ فِعْلُهَا بِخُطْبَتَيْهَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهَذَا رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ التُّونُسِيُّ: فَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَخَرَجَ وَقْتُهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ ذَلِكَ بَنَى وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا وَهَذَا إذَا دَخَلَ مُعْتَقِدًا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ لِرَكْعَتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ أَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ لَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةً بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَلَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ هَذَا حَاصِلُ مَا ارْتَضَاهُ طفى خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ (قَوْلُهُ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا) فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَتَّابٍ لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ ابْنِ عَتَّابٍ وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ عِيَاضٌ وَهَذِهِ أَصَحُّ وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ اُنْظُرْ ح اهـ بْن

(قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وُقُوعُهَا كُلُّهَا بِالْخُطْبَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الْوُقُوعِ مُصَاحِبًا لِلْعَزْمِ عَلَى الْإِقَامَةِ بِنِيَّةِ التَّأْبِيدِ فِي بَلَدٍ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ وَهُوَ الْعَزْمُ الْمَذْكُورُ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا يَأْتِي وَذِكْرُهُ هُنَا فِي أَثْنَاءِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ تُجْعَلَ إضَافَةُ بَلَدِ الِاسْتِيطَانِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَأَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى فِي، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةُ وُقُوعٍ أَيْ وُقُوعُهَا فِي بَلَدٍ مُسْتَوْطَنَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ كَوْنَ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنَةً شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الِاسْتِيطَانَ شَرْطُ وُجُوبٍ فَالْمُرَادُ اسْتِيطَانُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ أَيْ عَزْمُهُ عَلَى الْإِقَامَةِ فِي الْبَلَدِ عَلَى التَّأْبِيدِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ اسْتِيطَانَ بَلَدِهَا أَيْ كَوْنُ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنَةً شَرْطُ صِحَّةٍ وَاسْتِيطَانُ الشَّخْصِ فِي نَفْسِهِ شَرْطُ وُجُوبٍ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ لَوْ مَرَّتْ جَمَاعَةٌ بِقَرْيَةٍ خَالِيَةٍ فَنَوَوْا الْإِقَامَةَ فِيهَا شَهْرًا وَصَلَّوْا الْجُمُعَةَ بِهَا لَمْ تَصِحَّ لَهُمْ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ

وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْبَلَدُ مُسْتَوْطَنَةً وَالْجَمَاعَةُ مُسْتَوْطِنَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وَصَحَّتْ مِنْهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَلَدُ تَحْتَ حُكْمِ الْكُفَّارِ كَمَا لَوْ تَغَلَّبُوا عَلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَخَذُوهَا وَلَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ الْمُتَوَطِّنِينَ بِهَا مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِيهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ (قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا لِأَهْلِ الْخِيَمِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ وَبِجَامِعٍ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>