أَنْ يُجَمِّعَ بِهِمْ (و) إنْ مَرَّ (بِغَيْرِهَا) أَيْ بِغَيْرِ قَرْيَةِ جُمُعَةٍ بِأَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهَا الشُّرُوطُ (تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) وَقَوْلُهُ (وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ) وَصْفٌ ثَانٍ لِإِمَامٍ أَيْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُقِيمًا وَأَنْ يَكُونَ هُوَ الْخَاطِبَ (إلَّا لِعُذْرٍ) طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ كَجُنُونٍ وَرُعَافٍ مَعَ بُعْدِ الْمَاءِ فَيُصَلِّي بِهِمْ غَيْرُهُ وَلَا يُعِيدُ الْخُطْبَةَ (وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ) زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ كَحَدَثٍ حَصَلَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ أَوْ رُعَافٍ يَسِيرٍ وَالْمَاءُ قَرِيبٌ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ بَعُدَ
وَأَشَارَ لِخَامِسِ شُرُوطِ الصِّحَّةِ بِقَوْلِهِ (وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) فَلَوْ خَطَبَ بَعْدَهَا أَعَادَ الصَّلَاةَ فَقَطْ إنْ قَرُبَ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا وَصْلَ الصَّلَاةِ بِهَا وَكَوْنَهَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ وَكَوْنُهَا عَرَبِيَّةً وَالْجَهْرُ بِهَا وَكَوْنُهَا (مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) بِأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَسْجَعًا يَشْتَمِلُ عَلَى وَعْظٍ فَإِنْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ لَمْ يُجْزِئْ وَنُدِبَ ثَنَاءٌ عَلَى اللَّهِ وَصَلَاةٌ عَلَى نَبِيِّهِ وَأَمْرٌ بِتَقْوَى وَدُعَاءٌ بِمَغْفِرَةٍ وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ كَمَا سَيَأْتِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَمَا ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُجَمِّعَ بِهِمْ) أَيْ يُصَلِّيَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَجْمَعَ بِهِمْ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ) أَيْ بِأَنْ مَرَّ بِقَرْيَةٍ لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهَا شُرُوطُ الْوُجُوبِ أَيْ بِأَنْ كَانَ أَهْلُهَا الْمُقِيمُونَ بِهَا لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ غَالِبًا (قَوْلُهُ تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ) أَيْ إذَا جَمَّعُوا مَعَهُ وَلَوْ أَتَمُّوا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَصْفٌ ثَانٍ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ عَطْفٌ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ وَصْفًا لِإِمَامٍ لَقَالَ خَاطِبٍ وَإِنْ كَانَ جَعْلُهُ وَصْفًا لِإِمَامٍ مُحْرَزًا لِذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الشَّرْطِ شَرْطٌ (قَوْلُهُ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُطْبَةِ) أَيْ أَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعُذْرَ طَرَأَ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَهُ أَمَّا لَوْ حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى أَنْ يَبْقَى لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا يَسَعُ الْخُطْبَةَ وَالْجُمُعَةَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ، هَذَا إذَا أَمْكَنَهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ وَأَمَّا إذَا كَانُوا لَا يُمْكِنُهُمْ الْجُمُعَةُ دُونَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ مَا يُصَلُّونَ فِيهِ الظُّهْرَ ثُمَّ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ قَرُبَ زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ) اعْتِبَارُ الْقُرْبِ بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ الْقُرْبُ بِقَدْرِ أُولَتَيْ الرُّبَاعِيَّةِ وَالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا بِالْفَاتِحَةِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ السُّورَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ كَمَا لَوْ بَعُدَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ لَهُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا وُجُوبًا مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ وَلَا يَنْتَظِرُونَهُ فَإِنْ تَقَدَّمَ إمَامٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْلَافِ أَحَدٍ صَحَّتْ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ وَاجِبٌ
(قَوْلُهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَا دَاخِلَ الْمَسْجِدِ فَلَا يَكْفِي إيقَاعُهُمَا فِي رِحَابِهِ وَلَا فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهَا) أَيْ الْخُطْبَةَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِهَا وَصْلُ الصَّلَاةِ بِهَا) أَيْ وَوَصْلُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ كَذَلِكَ وَيَسِيرُ الْفَصْلِ مُغْتَفَرٌ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا عَرَبِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ عَجَمًا لَا يَعْرِفُونَ الْعَرَبِيَّةَ فَلَوْ كَانَ لَيْسَ فِيهِمْ مَنْ يُحْسِنُ الْإِتْيَانَ بِالْخُطْبَةِ عَرَبِيَّةً لَمْ يَلْزَمْهُمْ جُمُعَةٌ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْجَهْرُ بِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ صُمًّا لَا يَسْمَعُونَ فَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ بُكْمًا سَقَطَتْ الْجَمَاعَةُ عَنْهُمْ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْخُطْبَةِ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ وَمِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً) قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ الْخُطْبَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ تُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَالُ فِي الْمَحَافِلِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُنَبَّهِ بِهِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ لَدَيْهِمْ وَالْمُرْشِدِ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِمْ حَالِيَّةً أَوْ مَالِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ أَصْلًا فَضْلًا عَنْ تَحْذِيرٍ أَوْ تَبْشِيرٍ أَوْ قُرْآنٍ يُتْلَى وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَقَلُّ الْخُطْبَةِ حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ وَقُرْآنٌ اهـ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَكُلٌّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ وَالْقُرْآنِ مُسْتَحَبٌّ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ كَلَامًا مَسْجَعًا) الظَّاهِرُ أَنَّ كَوْنَهَا سَجْعًا لَيْسَ شَرْطَ صِحَّةٍ فَلَوْ أَتَى بِهَا نَظْمًا أَوْ نَثْرًا صَحَّتْ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا إنْ لَمْ يُصَلِّ فَإِنْ صَلَّى فَلَا إعَادَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ يَشْتَمِلُ عَلَى وَعْظٍ) أَيْ وَنُدِبَ كَوْنُهَا عَلَى مِنْبَرٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَلَّلَ أَوْ كَبَّرَ) أَيْ فَقَطْ وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ أَيْ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا بِإِجْزَاءِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ) أَيْ وَكَذَا يُنْدَبُ فِيهَا التَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute