لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا
(و) كُرِهَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ (سَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ) يَوْمَهَا (وَجَازَ قَبْلَهُ وَحُرِّمَ بِالزَّوَالِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إدْرَاكَهَا بِبَلَدٍ فِي طَرِيقِهِ أَوْ يَخْشَى بِذَهَابِ رِفْقَتِهِ دُونَهُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إنْ سَافَرَ وَحْدَهُ (كَكَلَامٍ) مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ (فِي) حَالِ (خُطْبَتَيْهِ) لَا قَبْلَهُمَا وَلَوْ حَالَ جُلُوسِهِ وَلِذَا قَالَ (بِقِيَامِهِ) يَعْنِي فِي حَالِ قِيَامِهِ وَالشُّرُوعُ فِي التَّكَلُّمِ بِهَا (وَ) جُلُوسِهِ (بَيْنَهُمَا) لَا بَعْدَهُمَا وَلَوْ حَالَ التَّرْضِيَةِ وَكَذَا حَالَ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُوَ الْآنَ
وَيَحْرُمُ الْكَلَامُ حَالَ الْخُطْبَةِ (وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ) لَهَا إنْ كَانَ بِالْمَسْجِدِ أَوْ رَحَبَتِهِ لَا خَارِجِهِمَا وَلَوْ سَمِعَهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَبِعَ فِيهِ ح وتت وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَذَانِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا نَاقَضَ مَا يَأْتِي مِنْ تَحْرِيمِ ابْتِدَاءِ صَلَاةٍ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ اهـ وَذَلِكَ لِأَنَّ خُرُوجَ الْإِمَامِ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي وَكَلَامُنَا هُنَا فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَاقَضَةَ نَعَمْ لَوْ حُمِلَ الْأَذَانُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَذَانِ الثَّانِي حَصَلَتْ الْمُنَاقَضَةُ
(تَنْبِيهٌ) كَمَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ لِلْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ يُكْرَهُ أَيْضًا الْمُبَادَرَةُ بِهِ عِنْدَ الْأَذَانِ لِلْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَفْرُغَ الْأَذَانُ بِخِلَافِ الدَّاخِلِ
(قَوْلُهُ لَا أَرَبَ لِلرِّجَالِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا لِلرِّجَالِ فِيهَا أَرَبٌ فَهِيَ كَالشَّابَّةِ غَيْرِ الْمُخَشِّيَةِ الْفِتْنَةِ اهـ عَدَوِيٌّ
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ سَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ إبَاحَتِهِ لِعَدَمِ تَنَاوُلِ الْخِطَابِ لَهُ وَ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَهَا) أَيْ وَأَمَّا السَّفَرُ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَكُرِهَ السَّفَرُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيَحْرُمُ بَعْدَ طُلُوعِهَا وَقَالَ ح وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ كَيْفَ يَكُونُ السَّفَرُ حَرَامًا مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ سُنَّةً وَتَرْكُهَا فِي ذَاتِهَا لَيْسَ حَرَامًا.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْعِيدَ فَرْضُ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بِهَا غَيْرُهُ وَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ اهـ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَبْنِيِّ وَالْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعِيفٌ وَأَنَّ السَّفَرَ بَعْدَ طُلُوعِ شَمْسِ يَوْمِ الْعِيدِ مَكْرُوهٌ فَقَطْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ يَخْشَى بِذَهَابِ رِفْقَتِهِ دُونَهُ) أَيْ إذَا جَلَسَ لِلصَّلَاةِ عَلَى نَفْسِهِ إلَخْ أَيْ فَيُبَاحُ لَهُ السَّفَرُ حِينَئِذٍ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ) أَيْ لِوُجُوبِ الْإِنْصَاتِ لَهُمَا (قَوْلُهُمَا بِقِيَامِهِ) الْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِخُطْبَتَيْهِ أَيْ الْكَائِنَتَيْنِ فِي حَالِ قِيَامِهِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ خُطْبَتَيْهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْقِيَامَ لَهُمَا يُحَرِّمُ الْكَلَامَ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ فِي الْخُطْبَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَالَ التَّرْضِيَةِ وَكَذَا حَالَ الدُّعَاءِ إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ حُرْمَةِ الْكَلَامِ بَعْدَهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَالِ التَّرْضِيَةِ مَكْرُوهٌ وَفِي حَالِ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ جَائِزٌ عَلَى مَا قِيلَ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ أَعْنِي حَالَ التَّرْضِيَةِ إذْ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ التَّرْضِيَةَ عَلَى الصَّحَابَةِ مِنْ جُمْلَةِ الْخُطْبَةِ لِنَدْبِ اشْتِمَالِهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَا تَنْتَفِي حُرْمَةُ الْكَلَامِ حَالَ الْخُطْبَةِ إلَّا إذَا لَغَا الْخَطِيبُ وَاَلَّذِي فِي النَّصِّ أَنَّ اللَّغْوَ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَا يَعْنِي النَّاسَ أَوْ يَخْرُجَ إلَى اللَّعْنِ وَالشَّتْمِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَجْمُوعَةِ وَالتَّرَضِّي لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن وَقَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنَّظَرِ لِلْأَوَّلِ أَيْ وَكَذَا هُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بِالنَّظَرِ لِلثَّانِي وَهُوَ الدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ إذَا كَانَ وَاجِبًا لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا اسْتَثْنَى جَوَازَ الْكَلَامِ إذَا لَغَا الْخَطِيبُ وَالتَّرْضِيَةُ وَالدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ لَيْسَا لَغْوًا بَلْ مَطْلُوبَانِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْرُمُ الْكَلَامُ فِي حَالَتَيْهِمَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْخُطْبَةَ قَدْ انْتَهَتْ قَبْلَ التَّرَضِّي وَالدُّعَاءِ لِلْخَلِيفَةِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَجَازَ كَلَامٌ بَعْدَهَا لِأَنَّا نَقُولُ هُمَا مُلْحَقَانِ بِهَا لِطَلَبِ اشْتِمَالِهَا عَلَى ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامٌ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ) أَيْ الدُّعَاءُ فِي الْخُطْبَةِ لِلسُّلْطَانِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَيْ الْخَطِيبُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ اتِّبَاعِ السُّلْطَانِ بِتَرْكِ الدُّعَاءِ لَهُ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَإِلَّا كَانَ الدُّعَاءُ لَهُ وَاجِبًا حِينَئِذٍ وَلَا يُعَدُّ لَغْوًا بَلْ مِنْ مُلْحَقَاتِ الْخُطْبَةِ كَالتَّرْضِيَةِ قَالَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ) أَبُو الْحَسَنِ إنَّمَا مَنَعَ الْكَلَامَ لِغَيْرِ السَّامِعِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَسْتَرْسِلَ النَّاسُ عَلَى الْكَلَامِ حَتَّى يَتَكَلَّمَ مَنْ يَسْمَعُ الْإِمَامَ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِرَدِّ مَا نَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ مِنْ جَوَازِ الْكَلَامِ لِغَيْرِ السَّامِعِ وَلَوْ دَاخِلَ الْمَسْجِدِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا خَارِجَهُمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ وَلَوْ سَمِعَهَا وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّاجِحُ حُرْمَةُ الْكَلَامِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ مُطْلَقًا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي رِحَابِهِ أَوْ كَانَ خَارِجًا عَنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بِالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِالْمَسْجِدِ وَسَوَاءٌ سَمِعَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِ السَّامِعِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ اهـ مَوَّاقٌ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute