(الْمُوَافِقِ) لَهُ فِي أَوْصَافِهِ نَجِسًا كَانَ كَبَوْلٍ زَالَتْ رَائِحَتُهُ أَوْ نَزَلَ بِصِفَةِ الْمُطْلَقِ أَوْ طَاهِرًا كَمَاءِ الرَّيَاحِينِ الْمُنْقَطِعَةِ الرَّائِحَةِ (كَالْمُخَالِفِ) فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ ثُمَّ حُكْمُهُ كَمُغَيِّرِهِ، وَعَدَمُ جَعْلِهِ كَالْمُخَالِفِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (نَظَرٌ) أَيْ تَرَدُّدٌ مَحَلُّهُ إذَا تُحُقِّقَ أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَتْ الْأَوْصَافُ الْمُخَالِفَةُ لَتَغَيَّرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَشُكُّ فِي التَّغْيِيرِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهَا وَأَوْلَى لَوْ ظُنَّ عَدَمُ التَّغَيُّرِ فَهُوَ طَهُورٌ اتِّفَاقًا وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الرَّاجِحِ الثَّانِي مَا لَمْ يَغْلِبْ الْمُخَالِطُ وَإِلَّا فَلَا إذْ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَقَوْلُ مَنْ أَطْلَقَ لَيْسَ بِالْبَيِّنِ
(وَفِي) جَوَازِ (التَّطْهِيرِ) مِنْ حَدَثٍ أَوْ خَبَثٍ (بِمَاءِ جُعِلَ فِي الْفَمِ) نَظَرًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّغْيِيرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَدَمُ جَوَازِهِ لِغَلَبَةِ الرِّيقِ فِي الْفَمِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (قَوْلَانِ) وَهَلْ خِلَافُهُمَا حَقِيقِيٌّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَيُحْكَمُ بِعَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ وَيُنْظَرُ فِي كَوْنِهِ طَاهِرًا أَوْ نَجِسًا إلَى ذَلِكَ الْمُخَالِطِ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ الْمَوْجُودَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْمُطْلَقِ وَمُخَالِطِهِ مَعًا لَا لِلْمُطْلَقِ فَقَطْ حَتَّى يُحْكَمَ بِالطَّهُورِيَّةِ أَوْ لَا يُقَدِّرُ مُخَالِفًا وَحِينَئِذٍ فَيَحْكُمُ بِطَهُورِيَّةِ الْمَاءِ الْمَخْلُوطِ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى أَوْصَافِ خِلْقَتِهِ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ إذَا كَانَ الطَّهُورُ قَدْرَ آنِيَةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَكَانَ الْمُخَالِطُ الْمُوَافِقَ لَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى صِفَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ لَتَحَقَّقَ التَّغَيُّرُ بِهِ أَوْ ظُنَّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُخَالِطُ أَقَلَّ مِنْ الْمُطْلَقِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فَالتَّرَدُّدُ فِي صُوَرٍ سِتٍّ وَالظَّاهِرُ فِيهَا عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ عَدَمَ التَّغَيُّرِ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ جَزْمًا كَانَ الْمُخَالِطُ قَدْرَ الْمُطْلَقِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعُ صُوَرٍ لَا ضَرَرَ فِيهَا اتِّفَاقًا، فَلَوْ كَانَ الْمُطْلَقُ الْمَخْلُوطُ بِالْمُوَافِقِ أَكْثَرَ مِنْ آنِيَةِ الْغُسْلِ فَلَا ضَرَرَ فِي الْخَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً الْمُتَقَدِّمَةِ فَهَذِهِ ثَلَاثُونَ صُورَةً أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُطْلَقُ أَقَلَّ مِنْ آنِيَةِ الْوُضُوءِ فَالصُّوَرُ السِّتَّةُ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ يُحْكَمُ فِيهَا هُنَا بِالضَّرَرِ جَزْمًا وَالصُّوَرُ التِّسْعَةُ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا فِيمَا مَرَّ بِعَدَمِ الضَّرَرِ يُحْكَمُ فِيهَا هُنَا أَيْضًا بِالطَّهُورِيَّةِ جَزْمًا فَهَذِهِ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً فَفِي الْمُصَنِّفِ مِنْهَا سِتُّ صُوَرٍ وَهِيَ الْأُولَى هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَهُ عج وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ لَيْسَ مُقَيَّدًا بِالْيَسِيرِ بَلْ هُوَ جَارٍ مُطْلَقًا إذْ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ أَصْلًا وَأَيْضًا تَقْيِيدُهُمْ الْمَسْأَلَةَ بِكَوْنِ الْمُخَالِطِ لَوْ قُدِّرَ مُخَالِفًا لِغَيْرِ الْمُطْلَقِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا يُوجِبُ اسْتِوَاءَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَارْتَضَى شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ عبق مَا قَالَهُ بْن فَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمُخَالِطُ لِلْمُطْلَقِ الْيَسِيرِ قَدْرُ آنِيَةِ الْغُسْلِ تَبِعَ فِيهِ عج، وَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: الْمُوَافِقُ لَهُ) أَيْ بِالْعَرَضِ كَالْبَوْلِ الَّذِي نَسَفَتْهُ الرِّيَاحُ وَمَاءُ الرَّيَاحِينِ الْمُنْقَطِعَةِ الرَّائِحَةِ بِطُولِ إقَامَتِهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُخَالِطُ مُوَافِقًا لِلْمُطْلَقِ بِالْأَصَالَةِ كَمَاءِ الزَّرْجُونِ نَبْتٌ إذَا عُصِرَ نَزَلَ مِنْهُ مَاءٌ مِثْلُ الطَّهُورِ فِي جَمِيعِ الْأَوْصَافِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ خَلْطُهُ جَزْمًا فَهُوَ بِمَثَابَةِ خَلْطِ طَهُورٍ بِطَهُورٍ كَذَا فِي عبق وَغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ ح ذَكَرَ عَنْ سَنَدٍ جَرَيَانَ التَّرَدُّدِ فِي الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ بِالْأَصَالَةِ كَمَاءِ الزَّرْجُونِ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ مُضَافٌ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلْمُطْلَقِ فِي أَصْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِ الْمُوَافِقِ بِكَوْنِ مُوَافَقَتِهِ بِالْعَرَضِ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا بِالْعَرَضِ أَوْ بِالْأَصَالَةِ (قَوْلُهُ: كَبَوْلٍ زَالَتْ رَائِحَتُهُ) أَيْ بِنَسْفِ الرِّيَاحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَزَلَ أَيْ الْبَوْلُ مِنْ الْمَخْرَجِ بِصِفَةِ الْمُطْلَقِ قَالَ ح جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ الْبَوْلَ إذَا زَالَتْ رَائِحَتُهُ حَتَّى صَارَ كَالْمَاءِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا مُشْكِلٌ وَذُكِرَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَاصِرِ الدِّينِ أَنَّ الْمُخَالِطَ إذَا كَانَ نَجِسًا فَالْمَاءُ نَجِسٌ مُطْلَقًا اهـ قَالَ بْن نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: كَالْمُخَالِفِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ حَيْثُ أُرِيدَ مِنْ الْجَعْلِ التَّقْدِيرُ كَانَتْ الْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالْمُخَالِفِ زَائِدَةً أَيْ وَفِي تَقْدِيرِ الْمُخَالِطِ الْمُوَافِقِ مُخَالِفًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ) الْأَوْلَى وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَقْوَالِ وَهَذِهِ مُجَرَّدُ احْتِمَالَاتٍ لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ ثُمَّ إنَّ اخْتِيَارَ الشَّارِحِ لِلشِّقِّ الثَّانِي تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق تَبَعًا لِسَنَدٍ الشِّقَّ الْأَوَّلَ وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ) أَيْ لِابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَقَوْلُهُ: أَيْ تَرَدُّدٌ الْمُرَادُ بِهِ التَّحَيُّرُ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ التَّرَدُّدَ إذَا كَانَ مِنْ وَاحِدٍ كَمَا هُنَا كَانَ بِمَعْنَى التَّحَيُّرِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَغْلِبْ الْمُخَالِطُ) أَيْ عَلَى الْمُطْلَقِ بِأَنْ كَانَ الْمُطْلَقُ أَكْثَرَ أَوْ تَسَاوَيَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمُخَالِطُ غَالِبًا عَلَى الْمُطْلَقِ بِأَنْ كَانَ الْمُخَالِطُ أَكْثَرَ فَلَا يَكُونُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحَ (قَوْلُهُ: فَقَوْلُ مَنْ أَطْلَقَ) أَيْ فَقَوْلُ مَنْ قَالَ الرَّاجِحُ الثَّانِي وَأَطْلَقَ كعبق
(قَوْلُهُ: بِمَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ) أَيْ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ شَيْءٌ مِنْ أَوْصَافِهِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ بِفَمِهِ ثُمَّ يَغْسِلَ بِهِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ مَثَلًا قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ تَغَيُّرٌ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الرِّيقِ فِي الْفَمِ) أَيْ عَلَى الْمَاءِ لِيَسَارَتِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ) فِي بْن لَيْسَ عَدَمُ جَوَازِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute