للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْضٌ مُطْلَقًا وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ

(وَلَا تُكَرَّرُ) الصَّلَاةُ إنْ أَتَمُّوهَا قَبْلَ الِانْجِلَاءِ وَالزَّوَالِ أَيْ يُمْنَعُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَمْ تَنْجَلِ ثُمَّ تَنْكَسِفْ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتُكَرَّرُ كَمَا لَوْ اسْتَمَرَّتْ مَكْسُوفَةً ثَانِيَ يَوْمٍ (وَإِنْ انْجَلَتْ) كُلُّهَا (فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ بَعْدَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا (فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ) بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِعِلَّةٍ وَقَدْ زَالَتْ، أَوْ عَلَى سُنَّتِهَا لَكِنْ بِلَا تَطْوِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ (قَوْلَانِ) بِلَا تَرْجِيحٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا كَالنَّوَافِلِ جَزْمًا، وَالْقَوْلُ بِالْقَطْعِ ضَعِيفٌ جِدًّا حَتَّى قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُقْطَعُ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ الْأَرْجَحِيَّةِ الْمَنْصُوصَةِ

(وَقُدِّمَ) وُجُوبًا عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ (فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ) كَفَجْءِ عَدُوٍّ وَإِنْقَاذِ أَعْمَى وَجِنَازَةٍ خِيفَ تَغَيُّرُهَا إذْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا قَبْلَ الدَّفْنِ وَاجِبَةٌ (ثُمَّ كُسُوفٌ) عَلَى عِيدٍ وَإِنْ كَانَ أَوْكَدَ لِخَوْفِ انْجِلَائِهَا بِتَقْدِيمِ الْأَوْكَدِ عَلَيْهَا فَتَفُوتُ وَالْعِيدُ يَسْتَمِرُّ لِلزَّوَالِ وَلَا بُدَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِقِيَامِهَا فَقَطْ وَلَا يَقْضِي الْقِيَامَ الثَّالِثَ (قَوْلُهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْقِيَامَاتِ الْأَرْبَعِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْ سَنَدٍ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ قِرَاءَةٍ يَعْقُبُهَا رُكُوعٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ، وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ قَوْلَانِ فِي الْفَاتِحَةِ؛ قِيلَ إنَّ الْفَرْضَ الْوَاقِعَةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَأَمَّا الْوَاقِعَةُ قَبْلَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ فَسُنَّةٌ، وَقِيلَ إنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْقِيَامَيْنِ وَهُوَ فِي الْمَشْهُورِ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ذَكَرُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قِيَامَ الْفَاتِحَةِ تَابِعٌ لَهَا فَتَأَمَّلْ، وَبَقِيَ ثَالِثٌ وَحَاصِلُهُ نَفْيُ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ وَهُوَ شَاذٌّ وَوَجْهُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ وَالرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُكَرَّرُ فِيهَا الْفَاتِحَةُ، وَعُلِمَ مِنْ الشَّارِحِ أَيْضًا أَنَّ الرُّكُوعَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ وَالْفَرْضُ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْفَاتِحَةِ مِنْ قِرَاءَةِ مَنْدُوبٍ أَيْ وَأَنَّ تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْوَجْهِ السَّابِقِ مَنْدُوبٌ ثَانٍ

(قَوْلُهُ وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا إذَا زَالَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ كَوْنِ الزَّوَالِ تَارَةً يَكُونُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ رَكْعَةً أَوْ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً أَوْ يَفْصِلَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَدْرَكَ رَكْعَةً قَبْلَ الزَّوَالِ فَيُتِمُّهَا عَلَى سُنَّتِهَا لِأَنَّ الْوَقْتَ يُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ وَبَيْنَ مَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِالْقَطْعِ أَوْ بِتَمَامِهَا كَالنَّافِلَةِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي اهـ عَدَوِيٌّ وَ (قَوْلُهُ كُلُّهَا) احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا فِي أَثْنَائِهَا فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِتْمَامِهَا عَلَى صِفَتِهَا قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا) أَيْ الصَّلَاةَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ شُرِعَتْ لِعِلَّةٍ أَيْ لِسَبَبٍ وَهُوَ الْكُسُوفُ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِالْقَطْعِ) أَيْ إذَا انْجَلَتْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ قَبْلَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ الضَّعِيفِ بِحَيْثُ يُقَالُ وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا أَيْ وَقَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ رَكْعَةً فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ أَيْ وَقَطْعِهَا قَوْلَانِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَصِحَّ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ ضَعِيفٌ وَهُوَ لَا يُعَبِّرُ بِقَوْلَانِ إلَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ أَرْجَحِيَّةٌ لِأَحَدِهِمَا وَهُنَا قَدْ وُجِدَتْ أَرْجَحِيَّةٌ لِأَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ لِوُجُودِ إلَخْ) أَيْ وَعَادَتُهُ لَا يُعَبِّرُ بِقَوْلَانِ إلَّا عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ الْأَرْجَحِيَّةِ

(قَوْلُهُ وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ) أَيْ وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ وُجُوبًا وَ (قَوْلُهُ ثُمَّ كُسُوفٌ) أَيْ عَلَى عِيدٍ أَيْ ثُمَّ يُقَدَّمُ الْكُسُوفُ عَلَى الْعِيدِ نَدْبًا وَ (قَوْلُهُ ثُمَّ عِيدٌ) أَيْ عَلَى اسْتِسْقَاءٍ أَيْ ثُمَّ يُقَدَّمُ الْعِيدُ عَلَى الِاسْتِسْقَاءِ نَدْبًا، فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْهُ مَا هُوَ وَاجِبٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ (وَقَوْلُهُ كَفَجْءِ عَدُوٍّ) أَيْ فَإِذَا فَجَأَ الْعَدُوُّ بَلَدًا يَوْمَ كُسُوفٍ وَخِيفَ بِتَقْدِيمِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَى الْجِهَادِ اشْتِغَالُ الْمُسْلِمِينَ وَظَفَرُ الْعَدُوِّ وَجَبَ تَقْدِيمُ الْجِهَادِ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ، أَوْ وُقُوعِ أَعْمَى فِي بِئْرٍ وَفِي نَهْرٍ وَخِيفَ بِتَقْدِيمِ الْكُسُوفِ عَلَى إنْقَاذِهِ هَلَاكُهُ وَجَبَ تَقْدِيمُ إنْقَاذِهِ عَلَى الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِذَا حَضَرَتْ جِنَازَةٌ وَخِيفَ بِتَقْدِيمِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَلَيْهَا تَغَيُّرُهَا قُدِّمَتْ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَبِحَمْلِ الشَّارِحِ الْفَرْضَ عَلَى مَا ذَكَرَ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ وَهَذَا لَيْسَ وَقْتًا لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْفَرَائِضِ حَتَّى يُخَافَ فَوَاتُهُ بِفِعْلِ الْكُسُوفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ كُسُوفٌ عَلَى عِيدٍ) اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ أَهْلَ الْهَيْئَةِ أَحَالُوا اجْتِمَاعَ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ لِأَنَّ الْكُسُوفَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ، وَالْعِيدُ إمَّا أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الشَّهْرِ أَوْ عَاشِرَهُ

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ الْكُسُوفَ سَبَبُهُ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّمْسِ وَلَا تَكُونُ الْحَيْلُولَةُ إلَّا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْقَمَرِ مَعَ الشَّمْسِ فِي مَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي عِيدِ الْفِطْرِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَنْزِلَةٌ كَامِلَةٌ ثَلَاثَ عَشَرَةَ دَرَجَةً وَفِي عِيدِ الْأَضْحَى نَحْوَ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى اجْتِمَاعُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لِلَّهِ أَنْ يَخْلُقَ الْكُسُوفَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ فَيَتَصَرَّفُ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِمَا يُرِيدُ وَفِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ لح أَنَّ الرَّافِعِيَّ نَقَلَ أَنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ يَوْمَ مَاتَ الْحُسَيْنُ وَكَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، وَوَرَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>