فَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ مَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَفْهُومِ شَرْطٍ فَقَالَ (أَوْ كَانَ) سُؤْرَ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ (طَعَامًا) فَلَا يُكْرَهُ وَلَا يُرَاقُ إذْ لَا يُطْرَحُ طَعَامٌ بِشَكٍّ (كَمُشَمَّسٍ) فَلَا يُكْرَهُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ فَلْيُجْعَلْ تَشْبِيهًا بِالْمَكْرُوهِ وَيُقَيَّدُ بِكَوْنِهِ فِي الْبِلَادِ الْحَارَّةِ وَالْأَوَانِي الْمُنْطَبِعَةُ وَهِيَ مَا تُمَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ غَيْرُ النَّقْدَيْنِ وَغَيْرُ الْمُغَشَّاةِ بِمَا يَمْنَعُ انْفِصَالَ الزُّهُومَةِ مِنْهَا لَا مُسَخَّنٌ بِنَارٍ فَلَا يُكْرَهُ مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَرَارَتُهُ فَيُكْرَهُ كَشَدِيدِ الْبُرُودَةِ لِمَنْعِهَا كَمَالَ الْإِسْبَاغِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَرَاهَةِ سُؤْرِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَسُؤْرِ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا إذَا لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ طَعَامًا وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ عَلَى فِيهِ وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ (وَإِنْ رُئِيَتْ) أَيْ النَّجَاسَةُ أَيْ عُلِمَتْ بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ إخْبَارٍ (عَلَى فِيهِ) أَيْ عَلَى فَمِ شَارِبِ الْخَمْرِ وَمَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا أَيْ أَوْ عَلَى يَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ (وَقْتَ اسْتِعْمَالِهِ) لِلْمَاءِ أَوْ الطَّعَامِ (عُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مُقْتَضَاهَا، فَإِنْ غَيَّرَتْ الْمَاءَ سَلَبَتْ طَاهِرِيَّتَهُ وَإِلَّا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا وَنَجَّسَتْ الطَّعَامَ إنْ كَانَ مَائِعًا كَجَامِدٍ وَأَمْكَنَ السَّرَيَانُ
(وَإِذَا) (مَاتَ) حَيَوَانٌ (بَرِّيٌّ ذُو نَفْسٍ) أَيْ دَمٍ (سَائِلَةٍ) أَيْ جَارِيَةٍ (بِ) مَاءٍ (رَاكِدٍ) غَيْرِ مُسْتَبْحَرٍ جِدًّا وَلَوْ كَانَ لَهُ مَادَّةٌ كَبِئْرٍ (وَلَمْ يَتَغَيَّرْ) الْمَاءُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ كَانَ سُؤْرَ بَهِيمَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ سُؤْرُهُ) أَيْ اسْتِعْمَالُ سُؤْرِهِ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ صَرَّحَ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكُرِهَ سُؤْرُ شَارِبِ خَمْرٍ مِنْ مَاءٍ لَا مِنْ طَعَامٍ وَكُرِهَ مَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ إنْ كَانَ مِنْ مَاءٍ لَا مِنْ طَعَامٍ وَكُرِهَ سُؤْرُ مَا لَا يَتَوَقَّى نَجِسًا مِنْ مَاءٍ لَا طَعَامٍ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ طَعَامًا فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْسُرْ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ، وَلَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَاقُ) أَيْ لِشَرَفِهِ. وَيَحْرُمُ طَرْحُهُ فِي قَذَرٍ وَامْتِهَانُهُ الشَّدِيدُ لَا غَيْرُهُ فَيُكْرَهُ كَذَا فِي المج
(قَوْلُهُ: كَمُشَمَّسٍ) أَيْ كَمَاءٍ مُسَخَّنٍ بِالشَّمْسِ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَفْعِ حَدَثٍ وَلَا حُكْمِ خَبَثٍ سَوَاءٌ كَانَ بِوَضْعِ وَاضِعٍ فِيهَا أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ) وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْفُرَاتِ عَنْ مَالِكٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ لَكِنَّ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ طِبِّيَّةٌ لَا شَرْعِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَرَارَةَ الشَّمْسِ لَا تَمْنَعُ مِنْ إكْمَالِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ بِخِلَافِ الْكَرَاهَةِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ تَشْتَدَّ حَرَارَتُهُ فَإِنَّهَا شَرْعِيَّةٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكَرَاهَتَيْنِ أَنَّ الشَّرْعِيَّةَ يُثَابُ تَارِكُهَا بِخِلَافِ الطِّبِّيَّةِ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهَا طِبِّيَّةٌ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ ح أَنَّهَا شَرْعِيَّةٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا تُمَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ) أَيْ مِثْلُ النُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِلْقَرَافِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْإِمَامِ الْكَرَاهَةُ خَاصَّةٌ بِالْمُشَمَّسِ فِي النُّحَاسِ الْأَصْفَرِ وَعِلَّةُ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ الْمُسَخَّنِ بِالشَّمْسِ أَنَّ التَّسْخِينَ فِي الْأَوَانِي الْمَذْكُورَةِ يُورِثُ الْمَاءَ زُهُومَةً، فَإِذَا غُسِلَ الْعُضْوُ بِذَلِكَ الْمَاءِ انْحَبَسَ الدَّمُ عَنْ السَّرَيَانِ فِي الْعُرُوقِ وَانْقَلَبَ بَرَصًا، وَأَمَّا الْمُشَمَّسُ فِي أَوَانِي الْفَخَّارِ أَوْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ الْبِرَكِ وَالْأَنْهَارِ فَلَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِعْمَالِهِ
(تَنْبِيهٌ) عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ الْمُشَمَّسِ مَكْرُوهٌ فَالْكَرَاهَةُ فِي اسْتِعْمَالِهِ فِي الْبَدَنِ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ، وَلَوْ غَيْرَ مَطْلُوبٍ وَغَسْلِ نَجَاسَةٍ مِنْ الْبَدَنِ لَا مِنْ غَيْرِهِ كَالثَّوْبِ وَيُكْرَهُ شُرْبُهُ وَأَكْلُ مَا طُبِخَ بِهِ إنْ قَالَتْ الْأَطِبَّاءُ بِضَرَرِهِ، وَتَزُولُ الْكَرَاهَةُ بِتَبْرِيدِ الْمَاءِ لِزَوَالِ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ حِينَئِذٍ عَلَى مَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: يَمْنَعُ انْفِصَالَ الزُّهُومَةِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَوَانِي الْمَذْكُورَةِ لِلْمَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ التَّسْخِينُ فِي أَوَانِي النُّحَاسِ (قَوْلُهُ: مَحَلُّهُ إلَخْ) أَيْ مَحَلُّ هَذَا التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ إنْ لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ عَلَى فِيهِ، فَإِنْ رُئِيَتْ عُمِلَ عَلَيْهَا أَيْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: أَيْ عُلِمَتْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ فِي كَلَامِهِ عِلْمِيَّةٌ لَا بَصَرِيَّةٌ فَلَا يُقَالُ الصَّوَابُ أَنْ يُعَبِّرَ بِتُيُقِّنَتْ بَدَلَ رِيئَتْ وَأَصْلُ رِيئَتْ رُئِيَتْ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ عَلَى الْيَاءِ فَفِيهِ قَلْبٌ مَكَانِيٌّ وَضْعُ الْيَاءِ مَكَانَ الْهَمْزَةِ وَالْهَمْزَةُ مَكَانَ الْيَاءِ وَنُقِلَتْ كَسْرَةُ الْهَمْزَةِ لِلرَّاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى فِيهِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُ الْفَمِ غَيْرُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى يَدِهِ) أَيْ شَارِبِ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ: عُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى النَّجَاسَةِ
(قَوْلُهُ: ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ) أَيْ دَمٌ يَجْرِي مِنْهُ إنْ ذُبِحَ أَوْ جُرِحَ كَالْآدَمِيِّ وَالْحَيَوَانِ الَّذِي مَيْتَتُهُ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسْتَبْحَرٍ) وَإِلَّا فَلَا يُنْدَبُ النَّزْحُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ لَهُ مَادَّةٌ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ مَادَّةٌ وَذَلِكَ كَالصِّهْرِيجِ وَالْبِرْكَةِ وَهَذَا جَارٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ وَبِهِ الْعَمَلُ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ نَدْبَ النَّزْحِ بِقَدْرِهِمَا فِيمَا لَا مَادَّةَ لَهُ أَمَّا مَا لَهُ مَادَّةٌ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يُنْزَحُ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَاءُ) أَيْ وَإِلَّا وَجَبَ النَّزْحُ؛ لِأَنَّ مَيْتَتَهُ نَجِسَةٌ (قَوْلُهُ: نُدِبَ نَزْحٌ) أَيْ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمَيْتَةِ أَوْ قَبْلَ إخْرَاجِهَا؛ لِأَنَّ الْفَضَلَاتِ الَّتِي يُنْزَحُ لِأَجْلِهَا خَرَجَتْ مِنْهُ قَبْلَ خُرُوجِ رُوحِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ خُرُوجِهَا فَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ شَيْءٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute