أَوْ مِمَّا أَفْهَمَتْهُ الْمُخَالَفَةُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ) أَيْ الْمَدِينِ (مُعَشَّرٌ) أَيْ مَا يَجِبُ فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ (زُكِّيَ) وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ وَمِثْلُ الْمُعَشَّرَاتِ مَاشِيَةٌ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَنْهُ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ مَعْدِنٌ أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ أَوْ) قِيمَةُ (رَقَبَةِ مُدَبَّرٍ) عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ لَا تَدْبِيرَ فِيهِ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ (أَوْ) قِيمَةُ (خِدْمَةِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) عَلَى غَرَرِهَا (أَوْ) قِيمَةُ خِدْمَةِ (مُخْدِمٍ) أَخْدَمَهُ لَهُ الْغَيْرُ سِنِينَ أَوْ حَيَاتَهُ (أَوْ) قِيمَةُ (رَقَبَتِهِ) وَذَلِكَ (لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ) بِأَنْ أَخْدَمَهُ لِزَيْدٍ سِنِينَ مُعَيَّنَةً وَبَعْدَهَا يَكُونُ لِعَمْرٍو مِلْكًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ أَنَّ دَيْنَ الزَّكَاةِ تَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ بِهِ مِنْ الْإِمَامِ الْعَادِلِ وَيَأْخُذُهَا كَرْهًا مِنْ مَانِعِي الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ فِيهِمَا ذَلِكَ اهـ وَتَعَقَّبَ هَذَا الْفَرْقَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَتَّابٍ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ ابْنِ عَرَفَةَ قَائِلًا لَا فَرْقَ بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَدَيْنِ الْهَدْيِ وَالْكَفَّارَةِ فِي مُطَالَبَةِ الْإِمَامِ بِهِمَا وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ قُلْت وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْكَفَّارَاتِ مِمَّا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى إخْرَاجِهَا وَلَا تُوكَلُ لِأَمَانَتِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْحُقُوقِ الَّتِي لِلَّهِ فِي الْأَمْوَالِ فَمَنْ كَانَ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ أَوْ هَدْيٌ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إنْفَاذِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِيمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَاتٌ فَمَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِهَا إنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ اهـ بْن.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيِ فِي إسْقَاطِهِ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ كَدَيْنِ الزَّكَاةِ وَعَدَمِ إسْقَاطِهِ لَهَا طَرِيقَتَانِ الْأُولَى مُخْتَارُ ابْنِ عَتَّابٍ وَالثَّانِيَةُ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ رَاشِدٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِمَّا أَفْهَمَتْهُ الْمُخَالَفَةُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ) فَكَأَنَّهُ قَالَ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ تَسْقُطُ زَكَاتُهَا بِكُلِّ دَيْنٍ مِمَّا ذُكِرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ زُكِّيَ) أَيْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِكَوْنِهِ نِصَابًا كَخَمْسَةٍ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ زَكَاةٌ أَيْ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُعَشَّرِ وَالنَّعَمِ غَيْرِ الْمُزَكَّى مَا اُشْتُرِطَ فِي الْعَرْضِ وَهُوَ إقَامَةُ ذَلِكَ عِنْدَهُ حَوْلًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَوْ مَعْدِنٌ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَاتَ الْمَعْدِنِ تُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْمَعْدِنِ يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ اتِّفَاقًا اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا دَيْنًا وَبِيَدِهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَقِيمَةُ الْكِتَابَةِ عِشْرُونَ جَعَلَهَا فِي مُقَابَلَةِ عِشْرِينَ مِنْ الدَّيْنِ وَيَجْعَلُ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةَ مِنْ الدَّيْنِ فِي مُقَابَلَةِ عِشْرِينَ مِمَّا بِيَدِهِ وَيُزَكِّي عَنْ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ عَشَرَةً فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ فِي يَدِهِ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ عَشَرَةٌ فَقَطْ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَعْلِ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْعَلُ فِي قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ وَقَالَ أَصْبَغُ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ اهـ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ عُرُوضًا قُوِّمَتْ بِعَيْنٍ وَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا قُوِّمَتْ بِعُرُوضٍ ثُمَّ قُوِّمَتْ بِعَيْنٍ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَفِي رَقَبَتِهِ فَضْلٌ أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الْكِتَابَةِ زَكَّى مِنْ مَالِهِ مِقْدَارَ ذَلِكَ الْفَضْلِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ بِجَعْلِ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ فِي الدَّيْنِ فَإِذَا كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَبِيَدِهِ أَرْبَعُونَ وَقِيمَةُ الْكِتَابَةِ عَشَرَةٌ فَلَا زَكَاةَ فِيمَا بِيَدِهِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَالْحَالُ أَنَّ رَقَبَتَهُ تُسَاوِي عِشْرِينَ فَفِي رَقَبَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الْكِتَابِ وَهِيَ عَشَرَةٌ فَإِذَا جُعِلَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الْعَبْدِ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ كَانَ الْبَاقِي مِمَّا بِيَدِهِ عِشْرِينَ فَيُزَكِّيهَا فَقَدْ زَكَّى الْفَضْلَ بَيْنَ الرِّقِّيَّةِ وَالْكِتَابَةِ وَهُوَ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ جَعْلِ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ فِي الدَّيْنِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ التَّدْبِيرُ حَادِثًا بَعْدَ الدَّيْنِ لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ حِينَئِذٍ وَبِيعَ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ فَجَعْلُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ فِي الدَّيْنِ مُشْكِلٌ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ حِينَئِذٍ فَيُقَالُ هَذَا مُرَاعَاةٌ لِمَنْ يَقُولُ إنَّ الْمُدَبَّرَ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْقِنِّ
وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْمُدَبَّرِ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى التَّدْبِيرِ لَا خِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَقَدَّمَ التَّدْبِيرُ عَلَى الدَّيْنِ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجْعَلُ فِي رَقَبَتِهِ أَيْضًا وَقَالَ أَشْهَبُ يُجْعَلُ فِي خِدْمَتِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَاعَى قَوْلَ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ عَلَى إطْلَاقِهِ اتِّفَاقًا فِي تَأْخِيرِ التَّدْبِيرِ عَنْ الدَّيْنِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي تَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَخَدَمَهُ لَهُ الْغَيْرُ سِنِينَ أَوْ حَيَاتَهُ) هَكَذَا فِي نَصِّ ابْنِ الْمَوَّازِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ لَكِنْ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ يُجْعَلُ الدَّيْنُ فِي قِيمَةِ الْخِدْمَةِ إذَا كَانَتْ حَيَاتَهُ لَيْسَ بِحُسْنٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِنَقْدٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَأَظُنُّهُ قَاسَ ذَلِكَ عَلَى الْمُدَبَّرِ وَلَيْسَ مِثْلَهُ لِأَنَّ الْجَوَازَ فِي الْمُدَبَّرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute