للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ (فِيهِ) فَيَدْخُلُ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَخَرَجَ دَيْنُ الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةِ وَعُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَاسْتَدَانَ فِي مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ.

قَوْلُهُ (لَا فِي فَسَادٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ وَقِمَارٍ (وَلَا) إنْ اسْتَدَانَ (لِأَخْذِهَا) كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ وَتَوَسَّعَ فِي الْإِنْفَاقِ بِالدَّيْنِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا فَلَا يُعْطَى مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ قَصْدٌ مَذْمُومٌ بِخِلَافِ فَقِيرٍ تَدَايَنَ لِلضَّرُورَةِ نَاوِيًا الْأَخْذَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا لِحُسْنِ قَصْدِهِ (إلَّا أَنْ يَتُوبَ) عَمَّا ذَكَرَ مِنْ الْفَسَادِ وَالْقَصْدِ الذَّمِيمِ فَإِنَّهُ يُعْطَى (عَلَى الْأَحْسَنِ) وَإِنَّمَا يُعْطَى الْمَدِينُ (إنْ أُعْطِيَ) لِرَبِّ الدَّيْنِ (مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ) وَفَضَلَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ (وَ) مِنْ (فَضْلِ غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْعَيْنِ كَمَنْ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي مِائَةً وَعَلَيْهِ مِائَةٌ وَتَكْفِيهِ دَارٌ بِخَمْسِينَ فَلَا يُعْطَى حَتَّى تُبَاعَ وَيُدْفَعَ الزَّائِدُ فِي دَيْنِهِ فَلَوْ كَانَ الْفَاضِلُ يَفِي بِدَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُعْطَى بِوَصْفِ الْفَقْرِ لَا الْغُرْمِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْطَاءِ مَا بِيَدِهِ بِالْفِعْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى إعْطَائِهِ مِنْهَا مَا بَقِيَ عَلَيْهِ عَلَى تَقْدِيرِ إعْطَاءِ مَا بِيَدِهِ

وَأَشَارَ لِلسَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَمُجَاهِدٌ) أَيْ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا ذَكَرًا بَالِغًا قَادِرًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُرَابِطُ (وَآلَتُهُ) كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ تُشْتَرَى مِنْهَا (وَلَوْ) كَانَ الْمُجَاهِدُ (غَنِيًّا) حِينَ غَزْوِهِ (كَجَاسُوسٍ) يُرْسَلُ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْعَدُوِّ وَيُعْلِمُنَا بِهَا فَيُعْطَى وَلَوْ كَافِرًا (لَا) تُصْرَفُ الزَّكَاةُ فِي (سُورٍ) حَوْلَ الْبَلَدِ لِيُتَحَفَّظَ بِهِ مِنْ الْكُفَّارِ (وَ) لَا فِي عَمَلِ (مَرْكَبٍ) يُقَاتِلُ فِيهَا الْعَدُوَّ

وَأَشَارَ لِلصِّنْفِ الثَّامِنِ، وَهُوَ ابْنُ السَّبِيلِ بِقَوْلِهِ (وَغَرِيبٌ) حُرٌّ مُسْلِمٌ غَيْرُ هَاشِمِيٍّ (مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ) لِبَلَدٍ وَلَوْ غَنِيًّا فِيهَا لَا إنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُوَصِّلُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ فِيهِ) هَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ وَإِلَّا خَرَجَ مَنْ ثَبَتَ عَدَمُهُ وَالْوَالِدُ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ دَيْنُ الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُحْبَسَ الْمَدِينُ فِيهِ الدَّيْنَ الَّذِي لِآدَمِيٍّ لَا الدَّيْنُ الَّذِي لِلَّهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَدَانَ فِي مَصْلَحَةٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَقْدِيرُهُ وَمَدِينٌ اسْتَدَانَ دَيْنًا يُحْبَسُ فِيهِ وَصَرْفُهُ فِي مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ لَا فِي فَسَادٍ إلَخْ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ) أَيْ بِالْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ وَتَوَسَّعَ فِي الْإِنْفَاقِ بِالدَّيْنِ) أَيْ فَاسْتَدَانَ وَتَوَسَّعْ فِي الْإِنْفَاقِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ بِحَيْثُ صَرَفَ مَا عِنْدَهُ وَالدَّيْنَ مَعًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ) رَجَّعَهُ بَهْرَامُ أَوْ غَيْرُهُ لِقَوْلِهِ لَا فِي فَسَادٍ وَهَلْ يُقَالُ أَيْضًا فِيمَنْ تَدَايَنَ لِأَخْذِهَا أَوْ يُقَالُ التَّدَايُنُ لَأَخْذِهَا لَيْسَ مُحَرَّمًا فَلَا يَحْتَاجُ لِتَوْبَةٍ وَعَلَى هَذَا مَنْ تَدَايَنَ لِأَخْذِهَا لَا يُعْطَى مِنْهَا بِحَالٍ كَذَا ذَكَرَ عبق وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ مَنْ تَدَايَنَ وَعِنْدَهُ كِفَايَتُهُ كَانَ سَفَهًا وَالسَّفَهُ حَرَامٌ يَحْتَاجُ لِتَوْبَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَفَضَلَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ) كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَبِيَدِهِ عِشْرُونَ دِينَارًا فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ إعْطَاءِ الْعِشْرِينَ الَّتِي بِيَدِهِ لِلْغُرَمَاءِ فَيَبْقَى عَلَيْهِ عِشْرُونَ فَيُعْطَى حِينَئِذٍ وَيَكُونُ مِنْ الْغَارِمِينَ (قَوْلُهُ وَفَضْلِ غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ كَدَارِ السُّكْنَى وَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ وَفَضْلِ غَيْرِهَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ فَضْلًا أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا يَحْتَاجُهُ (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ الزَّائِدَ) أَيْ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ الَّتِي تَكْفِيهِ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُمْ قَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْمُفْلِسَ تُبَاعُ دَارُ سُكْنَاهُ وَيَسْكُنُ بِالْكِرَاءِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ يَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيَاعَ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِي الدَّارِ الَّتِي تُسْتَبْدَلُ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مُنَاسِبَةً لَهُ أَوْ تَكُونَ صَالِحَةً لِلسُّكْنَى وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُنَاسِبَةً قَالَ عج ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ فِي الْخَادِمِ وَالْمَرْكُوبِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَتَكْفِيهِ دَارٌ إشَارَةً لِمَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْمُلْتَفَتَ لَهُ كَوْنُ الدَّارِ صَالِحَةً لِلسُّكْنَى مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَكْفِيهِ لَا كَوْنُهَا مُنَاسِبَةً لِمَقَامِهِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ الْفَاضِلُ) أَيْ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ الَّتِي تَكْفِيهِ

(قَوْلُهُ أَيْ الْمُتَلَبِّسُ بِهِ) أَيْ وَالتَّلَبُّسُ بِهِ يَحْصُلُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ فِي السَّفَرِ لَهُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لَهُ كَمَا قَالَ عبق وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ أَوْ عَلَى السَّفَرِ لَهُ لَا يُعْطَى مِنْهَا قَالَ بْن، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يُعْطَى مَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ أَوْ السَّفَرِ لَهُ.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْمُجَاهِدُ مِمَّنْ يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ حُرًّا إلَخْ فَإِنْ تَخَلَّفَ وَصْفٌ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ فَلَا يُعْطَى ذَلِكَ الْمُجَاهِدُ مِنْهَا شَيْئًا وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْ فِي الْمُجَاهِدِ (قَوْلُهُ وَآلَتُهُ) لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الْمُقَاتِلُ بِهَا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ؛ لِأَنَّهَا تَبْقَى لِلْجِهَادِ وَلَا يَأْخُذُهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ غَنِيًّا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ فِي غَزْوِهِ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَيُعْطَى) أَيْ بِشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ كَافِرًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مُسْلِمًا بَلْ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَكِنْ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ، وَأَمَّا إنْ كَانَ كَافِرًا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَوْنُهُ غَيْرَ هَاشِمِيٍّ بَلْ تُدْفَعُ لَهُ وَلَوْ كَانَ هَاشِمِيًّا لِخَسَّتِهِ بِالْكُفْرِ (قَوْلُهُ لَا سُوَرٍ وَمَرْكَبٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ عَمَلُ الْأَسْوَارِ وَالْمَرَاكِبِ مِنْهَا وَلَمْ يَنْقُلْ اللَّخْمِيُّ غَيْرَهُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هُوَ الصَّحِيحُ وَلِذَا اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ تَبِعَ تَشْهِيرَ ابْنِ بَشِيرٍ وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَ الْمَنْعَ لِغَيْرِ ابْنِ بَشِيرٍ فَضْلًا عَنْ تَشْهِيرِهِ اهـ بْن.

(تَنْبِيهٌ) لَا تُعْطَى الزَّكَاةُ لِلْعَالِمِ وَالْمُفْتِي وَالْقَاضِي إلَّا أَنْ يُمْنَعُوا حَقَّهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِلَّا جَازَ لَهُمْ الْأَخْذُ بِوَصْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>