(فَأَكْثَرُهَا) يُنْقَلُ (لَهُ) وُجُوبًا وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَإِنْ نَقَلَهَا كُلَّهَا لَهُ أَوْ فَرَّقَ الْكُلَّ مَوْضِعَ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ فِيهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ وَمَفْهُومُ أَعْدَمَ مِنْ مُسَاوٍ أَوْ دُونَ فِي الْعَدَمِ سَيَأْتِي وَتُنْقَلُ (بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) فِي حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ إنْ كَانَ فَيْءٌ وَأَمْكَنَ الْأَخْذُ مِنْهُ (وَإِلَّا بِيعَتْ) هُنَا (وَاشْتَرَى مِثْلَهَا) هُنَاكَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَرَّقَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمْ كَالْعَيْنِ (كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ) بِبَلَدِهِ الزَّكَاةَ فَتُنْقَلُ كُلُّهَا بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتَرَى مِثْلَهَا
وَقَدَّمَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْإِمَامُ وَالْمُزَكِّي بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ قُدِّمَ الْمَالُ وُجُوبًا قَبْلَ الْحَوْلِ (لِيَصِلَ) لِمَوْضِعِ التَّفْرِقَةِ (عِنْدَ الْحُلُولِ) فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ لَا سَاعِيَ لَهَا وَإِلَّا فَحَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي كَمَا مَرَّ
(وَإِنْ قَدَّمَ) أَيْ أَخْرَجَ (مُعَشَّرًا) أَيْ زَكَاةَ مَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفَهُ كَحَبٍّ وَتَمْرٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ بِأَنْ قَدَّمَ زَكَاتَهُ مِنْ غَيْرِهِ إذْ الْفَرْضُ عَدَمُ طِيبِهِ وَإِفْرَاكِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَدَّمَ نَقْلَهُ لِبَلَدٍ يَصِلُ عِنْدَ الْحَوْلِ لَمْ يُجْزِهِ
(أَوْ) زَكَّى (دَيْنًا) حَالَ حَوْلُهُ (أَوْ عَرَضًا) مُحْتَكَرًا بَعْدَ الْحُلُولِ وَبَيْعُهُ (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَقَبْضِ ثَمَنِ الْعَرْضِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يُجْزِهِ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ عَرَضَ الِاحْتِكَارِ فَأَوْلَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَمِثْلُ الْمُحْتَكَرِ دَيْنُ الْمُدَبَّرِ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، وَأَمَّا عَلَى مَلِيءٍ مِنْ بَيْعٍ فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ إلَّا لِأَعْدَمَ يُفِيدُ مَنْعَ نَقْلِهَا لِلْمُسَاوِي فِي الْحَاجَةِ وَالْأَدْوَنِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَنْعِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لِحُكْمِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ نُقِلَتْ) الزَّكَاةُ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ (لِدُونِهِمْ) فِي الِاحْتِيَاجِ لَمْ يُجْزِهِ، وَأَمَّا لِمِثْلِهِمْ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِي فَقَوْلُهُ لِأَعْدَمَ لَهُ مَفْهُومَانِ نَقَلَهَا لِدُونٍ وَلِمِثْلٍ، وَأَمَّا نَقْلُهَا لِمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهَا فِي حُكْمِ مَا فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ (أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ) فِي الْوَاقِعِ كَغَنِيٍّ وَذِي رِقٍّ وَكَافِرٍ مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ (وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا) مِنْهُ لَمْ تُجْزِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهَا أَخَذَهَا أَوْ أَخَذَ عِوَضَهَا مِنْهُ إنْ فَاتَتْ بِغَيْرِ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِهِ وَغَرَّهُ لَا إنْ لَمْ يُغْرِهِ (إلَّا الْإِمَامُ) يَدْفَعُهَا بِاجْتِهَادٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَذَهَا غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ فَتُجْزِئُ؛ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ حُكْمٌ لَا يُتَعَقَّبُ وَظَاهِرُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا لِأَعْدَمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا لَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ فَأَكْثَرُهَا يُنْقَلُ لَهُ وُجُوبًا) الْأَظْهَرُ مَا قَالَهُ الْعَجْمَاوِيُّ مِنْ أَنَّ النَّقْلَ مَنْدُوبٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ إيثَارَ الْمُضْطَرِّ مَنْدُوبٌ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَقَلَهَا كُلَّهَا لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَعْدَمِ الَّذِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ (قَوْلُهُ وَتُنْقَلُ بِأُجْرَةٍ إلَخْ) أَيْ وَتُنْقَلُ لِلْأَعْدَمِ الَّذِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْوُجُوبِ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ، وَأَمَّا نَقْلُهَا لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ مَحَلِّ الْوُجُوبِ فَهِيَ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ) أَيْ لَا مِنْهَا وَلَا مِنْ عِنْدَ مُخْرِجِهَا (قَوْلُهُ مِثْلَهَا) أَيْ فِي الْجِنْسِيَّةِ لَا فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُ هُنَاكَ أَيْ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ كَالْعَيْنِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَتْ عَيْنًا فَإِنَّهَا تُفَرَّقُ عَلَيْهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُخْرِجِ إذَا ضَاعَ الثَّمَنُ أَوْ الْعَيْنُ الْمَنْقُولَةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ أَوْ تَلِفَتْ الزَّكَاةُ الَّتِي نَقَلَهَا بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ فَإِنَّهَا تُنْقَلُ كُلُّهَا وُجُوبًا لِمَحَلٍّ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ وَلَوْ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ تَعَيَّنَ تَفْرِقَتُهَا فِي مَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَنْقُولُ إلَيْهِمْ أَعْدَمَ فَيُنْدَبُ نَقْلُ أَكْثَرِهَا لَهُمْ فَإِنْ نَقَلَهَا كُلَّهَا أَوْ فَرَّقَهَا كُلَّهَا بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ
(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ إلَخْ) هَذَا تَقْدِيمُ نَقْلٍ أَيْ نَقْلِ الْمُزَكِّي الْمَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ لِمَحَلِّ التَّفْرِقَةِ لِيَصِلَ لِمَوْضِعِ التَّفْرِقَةِ عِنْدَ الْحَوْلِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الْبَاجِيَّ: لَا يَنْقُلُ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْلُ
(قَوْلُهُ، وَإِنْ قَدَّمَ مَعْشَرًا) هَذَا تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ أَيْ وَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَا فِيهِ الْعُشْرُ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ لَمْ يُجْزِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَخْرَجَهَا بَعْدَ الْإِفْرَاكِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَدَّمَ نَقْلَهُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ تَقْدِيمُ النَّقْلِ عَلَى الْوُجُوبِ هُنَا إذْ لَا يَتَأَتَّى نَقْلُهُ قَبْلَ الْإِفْرَاكِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَقْدِيمَ الْمُتَعَلِّقِ بِالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ تَقْدِيمُ نَقْلٍ وَالْمُتَعَلِّقُ بِالْحَرْثِ تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ، وَأَمَّا تَقْدِيمُ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ تَقْدِيمُ إخْرَاجٍ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ زَكَاةٌ عَمَّا لَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا كَامِلًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهَذَا جَوَابُ قَوْلِهِ، وَإِنْ قَدَّمَ
(قَوْلُهُ حَالَ حَوْلِهِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ أَوْ زَكَّاهُ (قَوْلُهُ أَوْ عَرَضًا) أَيْ أَوْ زَكَّى ثَمَنَ عَرَضٍ مُحْتَكَرٍ بَعْدَ حَوْلٍ وَبَعْدَ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَبِعْ عَرَضَ الِاحْتِكَارِ) أَيْ وَزَكَّى قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ دَيْنُ الْمُدَبَّرِ) أَيْ الْكَائِنُ لِلتِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ كَانَ عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ مَلِيءٍ وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَبَّرِ لَا يُزَكِّي دَيْنَ الْقَرْضِ مُطْلَقًا وَلَا دَيْنَ التِّجَارَةِ عَلَى الْمُعْدِمِ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ لِعَامٍ مَضَى فَإِذَا زَكَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ زَكَاتِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ عَلَى مُعْسِرٍ) أَيْ إذَا زَكَّاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ زَكَاتِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا عَلَى مَلِيءٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَرْجُوٌّ (قَوْلُهُ أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ فِي الِاحْتِيَاجِ لَمْ يُجْزِهِ) اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّ الْمَذْهَبَ الْإِجْزَاءُ نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْكَافِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُخْرَجْ عَنْ مَصَارِفِهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ أَخَذَهَا) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً (قَوْلُهُ بِغَيْرِ سَمَاوِيٍّ) أَيْ بَلْ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ سَوَاءٌ غَرَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَغَرَّهُ) أَيْ وَغَرَّ الْآخِذُ الدَّافِعَ بِأَنْ أَظْهَرَ لَهُ الْفَقْرَ وَالْحُرِّيَّةَ وَالْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ لَا إنْ لَمْ يُغْرِهِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهَا وَيَغْرَمُهَا رَبُّهَا