(وَ) نُدِبَ (صَوْمُ ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْأَيَّامِ (مِنْ كُلِّ شَهْرٍ) وَكَانَ مَالِكٌ يَصُومُ أَوَّلَ يَوْمِهِ وَحَادِي عَشْرَةَ وَحَادِي عَشْرَيْهِ (وَكُرِهَ كَوْنُهَا) أَيْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (الْبِيضَ) أَيْ أَيَّامَ اللَّيَالِي الْبِيضِ ثَالِثَ عَشْرِهِ وَتَالِيَاهُ مَخَافَةَ اعْتِقَادِهِ وُجُوبِهَا وَفِرَارًا مِنْ التَّحْدِيدِ وَهَذَا إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ فَلَا كَرَاهَةَ (كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ) فَتُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَتَابِعَةً وَأَظْهَرَهَا مُعْتَقِدًا سَنَةَ اتِّصَالِهَا
(وَ) كُرِهَ لِلصَّائِمِ (ذَوْقُ مِلْحٍ) لِطَعَامِهِ لِيَنْظُرَ اعْتِدَالَهُ وَلَوْ لِصَانِعٍ وَكَذَا ذَوْقُ عَسَلٍ وَخَلٍّ وَنَحْوِهِمَا (وَ) كُرِهَ مَضْغُ (عِلْكٍ) ، وَهُوَ مَا يُعْلَكُ أَيْ يُمْضَغُ كَتَمْرٍ لِصَبِيٍّ مَثَلًا وَمَضْغُ لِبَانٍ (ثُمَّ يَمُجُّهُ) قَبْلَ أَنْ يَصِلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى حَلْقِهِ فَإِنْ وَصَلَ قَضَى فَقَطْ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِلَّا كَفَّرَ أَيْضًا (وَمُدَاوَاةُ حُفَرٍ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِهَا، وَهُوَ فَسَادُ أُصُولِ الْأَسْنَانِ (زَمَنَهُ) أَيْ الصَّوْمِ، وَهُوَ النَّهَارُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلِمَ فَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْهُ شَيْئًا غَلَبَةً قَضَى، وَإِنْ تَعَمَّدَ كَفَّرَ أَيْضًا (إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) فِي تَأْخِيرِهِ لِلَّيْلِ بِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَةٍ أَوْ شِدَّةِ تَأَلُّمٍ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ مَرَضٌ فَلَا تُكْرَهُ بَلْ يَجِبُ إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شِدَّةَ أَذًى
(وَ) كُرِهَ (نَذْرَ) صَوْمِ (يَوْمٍ مُكَرَّرٍ) كَكُلِّ خَمِيسٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي بِهِ عَلَى كَسَلٍ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَا نَدْبًا (قَوْلُهُ وَصَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَيَّامِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَهَذَا زِيَادَةٌ عَلَى الْخَمِيسِ وَالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَحَبَّانِ مُسْتَقِلَّانِ (قَوْلُهُ أَوَّلَ يَوْمِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا فَالْيَوْمُ الْأَوَّلُ بِحَسَنَةٍ، وَهِيَ بِصَوْمِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَحَادِي عَشْرِهِ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ وَحَادِي عَشْرَيْهِ أَوَّلُ الْعَشَرَةِ الثَّالِثَةِ فَإِذَا صَامَ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَحَادِي عَشْرِهِ وَحَادِي عَشْرَيْهِ فَكَأَنَّهُ صَامَ الدَّهْرَ وَالْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فَلَا يُرَدُّ النَّقْضُ بِأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ اهـ تَقْرِيرٌ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَحَادِي عَشْرَيْهِ) كَذَا قَالَهُ تت لَا أَوَّلَهُ وَعَاشِرَهُ وَيَوْمَ عَشْرَيْهِ كَمَا فِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ كَذَا فِي عبق قَالَ بْن مِثْلُهُ فِي ح عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَالذَّخِيرَةِ وَيَا لَلْعَجَبِ كَيْفَ يَكُونُ مَا لتت أَرْجَحُ مِمَّا فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا لتت قَدْ تَأَيَّدَ عِنْدَ عبق نَقْلًا كَمَا تَأَيَّدَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الدِّرَايَةَ كَانَتْ أَغْلَبَ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الرِّوَايَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْ أَيَّامَ اللَّيَالِي الْبِيضِ) أَيْ فَقَدْ حَذَفَ الْمُضَافَ لِلْمَوْصُوفِ وَقَوْلُهُ ثَالِثَ عَشَرَهِ أَيْ الشَّهْرِ وَتَالِيَاهُ وُصِفَتْ اللَّيَالِي الْمَذْكُورَةُ بِالْبِيضِ لِشِدَّةِ نُورِ الْقَمَرِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَفِرَارًا إلَخْ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ هَذِهِ الْعِلَّةِ عَلَى قَوْلِهِ مَخَافَةَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا) بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِصَوْمِهَا خَاصَّةً (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاقِ) بِأَنْ قَصَدَ صِيَامَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ الشَّهْرِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لِمُقْتَدًى بِهِ) خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِ الْعَامَّةِ وُجُوبَهَا وَانْظُرْ التَّقْيِيدَ بِهِ مَعَ مَا فِي ح عَنْ مُطَرِّفٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ صَوْمَهَا لِذِي الْجَهْلِ خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا اهـ بْن (مُعْتَقِدًا سُنَّةَ اتِّصَالِهَا) أَيْ مُعْتَقِدًا أَنَّ الثَّوَابَ لَا يَحْصُلُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مُقَيَّدَةٌ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ فَإِنْ انْتَفَى قَيْدٌ مِنْهَا فَلَا كَرَاهَةَ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ خَبَرُ أَبِي أَيُّوبَ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ الْحَسَنَةُ بِعَشَرَةِ أَمْثَالِهَا فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ تَمَامَ السَّنَةِ» اهـ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى الِاقْتِدَاءُ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ الْوُجُوبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ انْتَفَى إظْهَارُهَا لَمْ يُكْرَهْ وَلَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَتَى أَظْهَرَهَا كُرِهَ لَهُ فِعْلُهَا اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا أَوْ لَا، وَكَذَا إنْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّتَهُ كُرِهَ فِعْلُهَا أَظْهَرَهَا أَوْ لَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَيُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ، وَلِمَنْ خَافَ عَلَيْهِ اعْتِقَادَ وُجُوبِهَا إنْ صَامَهَا مُتَّصِلَةً بِرَمَضَانَ مُتَتَابِعَةً وَأَظْهَرَهَا أَوْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَمَضْغُ عِلْكٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنْ عِلْكَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ لَا عَطْفٌ عَلَى مِلْحٍ؛ لِأَنَّ الْعِلْكَ لَا يُذَاقُ اللَّهُمَّ أَنْ يَضْمَنَ ذَوْقَ مَعْنَى تَنَاوُلٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَمُجُّهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُقْرَأُ بِالنَّصْبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا فَيُقْرَأُ بِالرَّفْعِ أَيْ، وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَذَاقَ الْمِلْحَ أَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فَيَمُجُّهُ أَيْ وُجُوبًا وَعَلَيْهِ فَإِنْ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ وَلَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْغُرُوبِ فَهَلْ يَأْثَمُ أَمْ لَا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُدَاوَاةُ حُفَرٍ زَمَنَهُ) مَفْهُومُهُ جَوَازُ مُدَاوَاتِهِ لَيْلًا فَإِنْ وَصَلَ لِحَلْقِهِ نَهَارًا فَهَلْ يَكُونُ مِثْلَ هُبُوطِ الْكُحْلِ نَهَارًا أَمْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ هُبُوطَ الْكُحْلِ لَيْسَ فِيهِ وُصُولُ شَيْءٍ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ دَوَاءِ الْحُفَرِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ سَلِمَ) أَيْ مِنْ وُصُولِ شَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ لِحَلْقِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ ابْتَلَعَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الدَّوَاءِ الْمَفْهُومِ مِنْ مُدَاوَاةٍ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ) مِنْ ذَلِكَ غَزْلُ الْكَتَّانِ لِلنِّسَاءِ إذَا كُنَّ يُرِقْنَهُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ ذَلِكَ مَا لَمْ تُضْطَرَّ الْمَرْأَةُ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ طَعْمٌ يَتَحَلَّلُ كَاَلَّذِي يَعْطَنُ فِي الْمُبَلَّاتِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِصْرِيًّا أَيْ يَعْطَنُ فِي الْبَحْرِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَمِنْ ذَلِكَ حَصَادُ الزَّرْعِ إذَا كَانَ يُؤَدِّي لِلْفِطْرِ كُرِهَ مَا لَمْ يُضْطَرَّ الْحَصَّادُ لِذَلِكَ، وَأَمَّا رَبُّ الزَّرْعِ فَلَهُ الْخُرُوجُ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُضْطَرٌّ لِحِفْظِهِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْبُرْزُلِيِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي تَأْخِيرِهِ) أَيْ فِي تَأْخِيرِ الدَّوَاءِ أَيْ فِي تَأْخِيرِ اسْتِعْمَالِهِ لَيْلًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ أَيْ مِنْ التَّأَلُّمِ
(قَوْلُهُ فَيَكُونُ لِغَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبَ) أَيْ وَأَيْضًا؛ لِأَنَّ