للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّ صَوْمُهَا أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ (وَ) وَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ (مَعَ الْقَضَاءِ) لَهُ أَيْضًا (إنْ شَكَّتْ) هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ

(وَ) صِحَّتُهُ (بِعَقْلٍ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا أَيْضًا فَالْعَقْلُ شَرْطٌ فِيهِمَا وَلَمَّا كَانَ فِي قَضَائِهِمَا تَفْصِيلٌ أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جُنَّ) وَالْأُولَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ يَوْمًا وَأَيَّامًا أَوْ سَنَةً أَوْ سِنِينَ قَلِيلَةً بَلْ (وَلَوْ) جُنَّ (سِنِينَ كَثِيرَةً) فَالْقَضَاءُ أَيْ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْعَقْلَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَالصِّحَّةِ (أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا) مِنْ فَجْرِهِ لِغُرُوبِهِ (أَوْ جُلَّهُ) وَلَوْ سَلِمَ أَوَّلَهُ (أَوْ أَقَلَّهُ) وَالْمُرَادُ بِهِ مَا دُونَ الْجُلِّ فَيَصْدُقُ بِالنِّصْفِ (وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ) بَلْ كَانَ وَقْتَ النِّيَّةِ مُغْمًى عَلَيْهِ (فَالْقَضَاءُ) وَاجِبٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَحْوَالِ بَلْ هِيَ فِي التَّحْقِيقِ خَمْسَةٌ (لَا إنْ سَلِمَ) مِنْ الْإِغْمَاءِ أَوَّلَهُ بِأَنْ كَانَ وَقْتَ النِّيَّةِ سَالِمًا وَلَوْ كَانَ مُغْمًى عَلَيْهِ قَبْلَهَا (وَلَوْ) أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ (نِصْفَهُ) أَيْ الْيَوْمِ فَلَا قَضَاءَ فِي الْحَالَتَيْنِ حَيْثُ سَلِمَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِمِقْدَارِ إيقَاعِهَا، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى الرَّاجِحِ حَيْثُ تَقَدَّمَتْ لَهُ النِّيَّةُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَلَوْ بِانْدِرَاجِهَا فِي نِيَّةِ الشَّهْرِ وَالْجُنُونُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ وَلَا قَضَاءَ عَلَى نَائِمٍ وَلَوْ نَامَ كُلَّ الشَّهْرِ أَنْ يُبَيِّتَ النِّيَّةَ أَوَّلَهُ وَالسُّكْرُ كَالْإِغْمَاءِ وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ بِحَلَالٍ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِالْإِيقَاظِ فَلَا يَلْحَقُ بِالنَّوْمِ خِلَافًا بِالنَّوْمِ لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْحَرَامِ وَجَعَلَ الْحَلَالَ كَالنَّوْمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ صَحَّ صَوْمُهَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الصَّوْمِ (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ) أَيْ مِنْ صِحَّةِ الصَّوْمِ بِالنِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْفَجْرِ.

(قَوْلُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا الصَّوْمُ مَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ) يَعْنِي أَنَّهَا إذَا شَكَّتْ بَعْدَ الْفَجْرِ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ لِاحْتِمَالِ طُهْرِهَا قَبْلَهُ وَالْقَضَاءُ لِاحْتِمَالِهِ بَعْدَهُ قَالَ فِي المج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا إنْ لَمْ تُمْسِكْ وَلَيْسَ كَيَوْمِ الشَّكِّ لِظُهُورِ التَّحْقِيقِ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا لَا تُؤْمَرُ بِفِعْلِ مَا شَكَّتْ فِي وَقْتِهِ هَلْ كَانَ الطُّهْرُ فِيهِ أَمْ لَا فَإِذَا شَكَّتْ بَعْدَ الْفَجْرِ هَلْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِشَاءُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَيْضَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الْأَدَاءِ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالشَّكُّ فِيهِ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِمَ وَجَبَ الْأَدَاءُ فِي الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ سُلْطَانَ الصَّلَاةِ قَدْ ذَهَبَ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا فَلِذَا لَمْ تُؤَدَّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَسْتَغْرِقُ النَّهَارَ فَلِلزَّمَنِ فِيهِ حُرْمَةٌ فَوَجَبَ عَلَيْهَا الْإِمْسَاكُ كَمَنْ شَكَّ هَلْ كَانَ أَكْلُهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ شَكَّتْ) أَرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ أَوْ مَا قَابَلَ الْجَزْمَ

(قَوْلُهُ، وَإِنْ جُنَّ وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً فَالْقَضَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ طَارِئًا بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُدَّ بِلَوْ مَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَالْمَدَنِيِّينَ إنْ قَلَّتْ السُّنُونَ كَالْخَمْسَةِ وَنَحْوِهَا فَالْقَضَاءُ، وَإِنْ كَثُرَتْ كَالْعَشَرَةِ فَلَا قَضَاءَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَالْأَوْلَى التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ) فِيهِ أَنَّ الْقَضَاءَ إذَا كَانَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ: بَعْدُ لَمْ يَكُنْ مُرَتَّبًا عَلَى شَرْطِ الْعَقْلِ فَالْمُنَاسِبُ إنَّمَا هُوَ الْوَاوُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ تَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْأَدَاءِ بِالشَّخْصِ لَنَا أَنَّ الْجُنُونَ مَرَضٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] فَالْقَضَاءُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ بِدَلِيلِ الْآيَةِ (قَوْلُهُ يَوْمًا أَوْ أَيَّامًا إلَخْ) الْأَوْلَى إبْدَالُ يَوْمٍ بِيَوْمَيْنِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ يَوْمًا يَقْتَضِي أَنَّ جُنُونَ الْيَوْمِ لَا يَجْرِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي الْإِغْمَاءِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ جَرَيَانُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ كَثِيرَةً) إنَّمَا أَتَى بِهِ؛ لِأَنَّ سِنِينَ جَمْعُ قِلَّةٍ يَصْدُقُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَنَحْوِهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى أُغْمِيَ عَلَيْهِ كُلَّ الْيَوْمِ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّ الْيَوْمِ سَوَاءٌ سَلِمَ أَوَّلَهُ، وَهُوَ وَقْتُ النِّيَّةِ أَوْ لَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فِيهِمَا فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ فِي كُلِّ هَذِهِ الصُّوَرِ الْخَمْسِ فَإِذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَاسْتَمَرَّ بَعْدَهُ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ نِصْفَ الْيَوْمِ أَوْ أَقَلَّهُ وَسَلِمَ أَوَّلَهُ فَلَا قَضَاءَ فِيهِمَا فَالصُّوَرُ سَبْعَةٌ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي خَمْسَةٍ وَعَدَمُهُ فِي اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) تَفْسِيرُهُ الْأَقَلُّ بِهَذَا بَعِيدٌ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ إنَّهُ لَوْ كَانَ كَنِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ وَلَمْ يَسْلَمْ إلَخْ لِيُبَيِّنَ أَنَّ النِّصْفَ كَالْأَقَلِّ وَأَنَّ الْقَيْدَ خَاصٌّ بِهِمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي الْحَالَتَيْنِ) أَيْ حَالَةِ الْأَقَلِّ الْحَقِيقِيِّ وَحَالَةِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوقِعْهَا عَلَى الرَّاجِحِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنْ حَدَّدَ النِّيَّةَ فِي وَقْتِهَا فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ يُبْطِلَانِ النِّيَّةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِيهِ تَفْصِيلُ الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ التَّفْصِيلَ فِي الْجُنُونِ فِي الْمُدَّةِ الْقَصِيرَةِ كَالْيَوْمِ وَعَكَسَ فِي الْإِغْمَاءِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَثِيرِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عِلَل التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْإِغْمَاءِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا تَصِحُّ لَهُ نِيَّةٌ وَالنَّائِمُ مُكَلَّفٌ لَوْ نُبِّهَ تَنَبَّهَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّكْرَ مِثْلُ الْإِغْمَاءِ مُطْلَقًا وَأَنَّ الْغِيبَةَ فِي حُبِّ اللَّهِ مِثْلُهُ مُطْلَقًا أَيْضًا وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ الْعَلَّامَةُ النَّفْرَاوِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>