(وَلَا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ) عَلَى مُدٍّ يُدْفَعُ لِمِسْكِينٍ وَيَنْبَغِي نَزْعُهُ مِنْهُ إنْ بَقِيَ وَمَحَلُّ إطْعَامِ الْمُفَرِّطِ (إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ) بِأَنْ يَبْقَى مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْذُورٍ (لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ) الْأَوْلَى عُذْرُهُ لِيَشْمَلَ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ وَالْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْإِكْرَاهَ وَالْجَهْلَ وَالسَّفَرَ بِشَعْبَانَ أَيْ اتَّصَلَ مِنْ مَبْدَأِ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ شَعْبَانَ كَمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا وَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ رَمَضَانَ الثَّانِي بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَاسْتَمَرَّ إلَى رَمَضَانَ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ اتَّصَلَ مِنْ رَمَضَانَ لِرَمَضَانَ وَلَا جَمِيعِ شَعْبَانَ (مَعَ الْقَضَاءِ) فِي الْعَامِ الثَّانِي أَيْ يُنْدَبُ الْإِطْعَامُ أَيْ إخْرَاجُ الْمُدِّ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ يُخْرِجُ جَمِيعَ الْأَمْدَادِ فَإِنْ أَطْعَمَ بَعْدَ الْوُجُوبِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ الثَّانِي وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ أَجْزَأَ وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ
(وَ) وَجَبَ (مَنْذُورُهُ) أَيْ الْوَفَاءُ بِهِ صَوْمًا أَوْ غَيْرَهُ (وَ) وَجَبَ (الْأَكْثَرُ) احْتِيَاطًا (إنْ احْتَمَلَهُ) أَيْ الْأَكْثَرَ (بِلَفْظِهِ) وَاحْتَمَلَ الْأَقَلَّ (بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقَةٍ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى مَا نَوَى وَمَثَّلَ لِلْمُحْتَمَلِ بِقَوْلِهِ (كَشَهْرٍ فَثَلَاثِينَ) أَيْ كَنَذْرِ شَهْرٍ فَيَصُومُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَوْ قَالَ فَثَلَاثُونَ كَانَ أَقْيَسَ أَيْ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثُونَ احْتِيَاطًا، وَإِنْ احْتَمَلَ لَفْظُ شَهْرٍ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمَحَلُّ لُزُومِ الثَّلَاثِينَ (إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلَالِ) فَإِنْ بَدَأَ بِهِ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ شَهْرٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَوْ نَذَرَهُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِهِ وَجَاءَ الشَّهْرُ نَاقِصًا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ نِصْفِ الشَّهْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ وَنِصْفًا وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ يَوْمٍ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَرَّطَ فِيهِمَا بِأَنْ دَفَعَ لَهُ مُدَّيْنِ عَنْ يَوْمَيْنِ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ عَامٍ جَازَ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُرْضِعِ دَفْعُ كَفَّارَةِ فِطْرِهَا وَتَفْرِيطِهَا لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِالزَّائِدِ عَلَى مُدٍّ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ أَنْ يُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ مِثَالُ الْأَوَّلِ إذَا فَرَّطَ، وَعَلَيْهِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ شَهْرٍ حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ الثَّانِي وَمِثَالُ الثَّانِي مَا إذَا فَرَّطَ فِي رَمَضَانَيْنِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَالْمُرَادُ بِالْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَةُ التَّفْرِيطِ الَّذِي فِي عَامٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ وَبَيَّنَ) أَيْ إنْ بَقِيَ بِيَدِهِ وَبَيَّنَ لَهُ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّ ذَلِكَ كَفَّارَةٌ (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ إطْعَامُ مُدَّةٍ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُفَرِّطَ إطْعَامُ الْمُدِّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ إذَا كَانَ يُمْكِنُ قَضَاءُ مَا عَلَيْهِ فِي شَعْبَانَ وَذَلِكَ بِأَنْ صَارَ الْبَاقِي مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ خَالٍ مِنْ الْأَعْذَارِ وَلَمْ يَقْضِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ الْآخَرُ وَعَلَى هَذَا فَمَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا مِنْ رَمَضَانَ وَتَرَكَ قَضَاءَهَا أَوَّلَ شَعْبَانَ وَأَخَّرَهَا إلَى أَنْ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ ثُمَّ لَمَّا بَقِيَ ذَلِكَ مَرِضَ إلَى أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ الثَّانِي فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ إمْكَانُ الْقَضَاءِ فِي شَعْبَانَ الْأَوَّلِ فَإِنْ حَصَلَ فِي آخِرِهِ بِقَدْرِ مَا عَلَيْهِ عُذِرَ وَتَرَاخَى فِي شَعْبَانَ الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ إطْعَامٌ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ: وَانْظُرْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ مِنْ أَوَّلِ شَعْبَانَ ظَانًّا كَمَا لَهُ فَإِذَا هُوَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ لِيَوْمٍ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِشَعْبَانَ (قَوْلُهُ لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ صَرَّحَ بِهِ لِزِيَادَةِ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ وَالْجَهْلَ) أَيْ بِوُجُوبِ تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ عَلَى رَمَضَانَ الثَّانِي وَجَعْلُ الْجَهْلِ الْمَذْكُورِ عُذْرًا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي النِّسْيَانِ وَفِي السَّفَرِ وَفِي المج وَلَيْسَ النِّسْيَانُ وَالسَّفَرُ عُذْرًا هُنَا بَلْ الْإِكْرَاهُ اهـ (قَوْلُهُ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُتَمَكِّنًا فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ الْأَيَّامِ وَلَا عُذْرَ لَهُ (قَوْلُهُ مَعَ الْقَضَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِطْعَامٍ أَيْ وَوَجَبَ إطْعَامُ مُدِّهِ لِمُفَرِّطٍ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْإِطْعَامِ مُصَاحِبًا لِلْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (قَوْلُهُ مَعَ كُلِّ يَوْمٍ يَقْضِيهِ) أَيْ فَكُلَّمَا أَخَذَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ أَطْعَمَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَطْعَمَ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ أَجْزَأَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا تُفَرَّقُ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ لِحَمْلِهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا تُفَرَّقُ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَمَفْهُومُهُ قَوْلُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَنَّهُ لَوْ أَطْعَمَ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ
(قَوْلُهُ وَوَجَبَ مَنْذُورُهُ) الضَّمِيرُ لِلنَّاذِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْوَصْفِ أَيْ لُزُومِ النَّاذِرِ الْوَفَاءَ بِمَنْذُورِهِ أَيْ بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَرَجَّعَهُ بَعْضُهُمْ لِلصَّوْمِ، وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَأْتِي فِي بَابِ النَّذْرِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا هُنَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا مَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ أَيْ حَالَ كَوْنِ لَفْظِهِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ النِّيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ كَنَذْرِ شَهْرٍ) أَيْ الصَّادِقِ بِثَلَاثِينَ وَتِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَقَوْلُهُ فَيَصُومُ ثَلَاثِينَ أَشَارَ إلَى أَنَّ الثَّلَاثِينَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ إتْمَامُهُ كَامِلًا أَوْ نَاقِصًا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ إذَا كَانَ نَاقِصًا وَلَوْ قَالَ نَذْرٌ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ يَوْمًا لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَوْ قَدَّمَ الْيَوْمَ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الْيَوْمَ شَهْرًا فَيُحْتَمَلُ تَكْرَارُهُ فِي أَسَابِيعِ الشَّهْرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصُومَهُ ثَلَاثِينَ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ صَامَ ثَلَاثِينَ خَمِيسًا فَيُحْمَلُ عَلَى الْأَكْثَرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute